أزمة اللحوم المثلجة | خطر على الامن الغذائي ام.. ؟
تفرض قضية اللحوم الهندية المستوردة نفسها، مادة سجالية جديدة في يوميات اللبنانيين. اهمية هذه القضية تأتي كونها تخص الامن الغذائي للمواطن بالدرجة الاولى، والذي يجب ان يكون خطاَ احمراً في الدول التي تعتبر نفسها متقدمة وحضارية. فهل يمكن اعتبار هذه اللحوم فعلا من اسوأ الانواع، كما اشيع في وسائل الاعلام خلال الاسبوع الفائت، ام ان هذا الكلام لا يعدو كونه حربا بين التجار والمستوردين، والتي لن تؤدي في النهاية الا الى مزيد من الخوف والهلع لدى المواطنين؟
“غير مطابق للمواصفات بشهادات رسمية”
ينفي ماجد عيد امين سر نقابة القصابين ومستوردي المواشي الحية ، في حديثه لـ”لبنان 24″ ان يكون قد اعلن في أي وقت سابق، أن اللحم الهندي الذي يدخل إلى لبنان، ويباع في الاسواق بأسعار متدنية غير مطابق للمواصفات، معتبراً ان هذا الاعلان هو خارج نطاق صلاحياته، وأن الموضوع يدخل في صلب اختصاص وزارة الزراعة. بالرغم من هذا التصريح فأن “عيد” لا يتردد في التحذير من خطورة ادخال هذا النوع من اللحوم إلى لبنان، مستندا في ذلك إلى قرار وزارة الزراعة عام 2004، منعت فيه ادخال اللحم الهندي او ما يعرف “بلحم الرول” إلى لبنان وبيعه في الاسواق، وذلك بسبب ما يحمله من مخاطر صحية على سلامة المواطن.
فما هي المخاطر الصحية التي يحملها لحم الرول الهندي؟ اجاب عيد:” المشكلة في لحم الرول الهندي انه لا ينتمي إلى فئة لحوم الماشية الحية. بل هو عبارة عن بقايا لحم يتم جمعها من عدة مصادر للحوم، ويتم تغليفها بطريقة الرول قبل ان يتم بيعها للمستهلك على انها لحم طازج، الامر الذي يعتبر كذبا وغشاً”.
“لا ثقة بمختبرات الدولة”
مسؤولية ادخال هذا النوع من اللحوم إلى لبنان يحمّلها عيد إلى بعض التجار والمستوردين المسجلين في وزارة الزراعة، والذين يحاولون الاستفادة من الوضع الاقتصادي السيء، واستغلال التدني الحاصل في القدرة الشرائية للمواطن ، والتي تؤدي به إلى الذهاب نحو السلع الارخص ثمناً، والتي قد لا تكون من نوعية جيدة. كل ذلك بهدف تحقيق كسب مادي سريع، وان بطريقة غير مشروعة.
قصة اللحموم الهندية في لبنان ليست جديدة، فقد سبق لنقيب مستوردي المواشي الحية في لبنان معروف بكداش ان كان له موقف من هذا الموضوع قبل عدة سنوات، اعلن فيه اعتراض النقابة على دخول اللحم الهندي إلى الاسواق اللبنانية بسبب ما تحمله من مخاطر صحية.
قضية لحم الرول الهندي ليست محلية فقط. فقد سبق للدول الاوروبية ان اصدرت قراراً بمنع ادخال اللحم الهندي إلى اراضيها، قبل ان تعود وتسمح بإستيراده مؤخراً، لكن ضمن شروط صحية قاسية.
وما يقال انه لا ضرر من ادخال لحم الرول الهندي، طالما انه مراقب من وزارة الصحة، والتي تقوم بأخذ عينات منه واجراء فحوصات عليها في مختبراتها في منطقة الفنار قبل السماح ببيعه، اجاب عيد:” كما هو معروف فأن اجهزة الدولة تعاني اليوم من حالة انهيار شبة شامل، الامر الذي يجعل النتائج الصادرة عن مختبراتها موضع تشكيك”.
“مع بقاء المنافسة”
عيد كشف في حديثه “عن قيام النقابة التي يمثلها بجمع عينات من اللحوم من الاسواق وأخذها إلى المختبرات لفحصها” ، وذلك في مبادرة منها للحفاظ على الامن الغذائي للمواطن اللبناني، وذلك حتى لا يأتي يوم يقوم فيه احد بتحميل نقابة مستوردي المواشي الحية مسؤولية اي تداعيات صحية ناتجة عن تناول اللحم الهندي المبرد. وطالب الدولة بتحمل مسؤولياتها ، وذلك عبر الالتزام بالقوانين والقرارت التي تنظم عملية بيع اللحوم في لبنان ، مذكرا بقرار لوزير الاقتصاد الاسبق الان حكيم يقضي بالسماح ببيع اللحوم المثلجة والمبردة في مراكز ونقاط البيع على الاراضي اللبنانية ، على ان ان يتم عرضها في مكان منفصل عن نقاط بيع اللحوم الطازجة.
عيد نفي ان يكون للنقابة التي يمثلها اي تحفظ على بيع اللحم المثلج في لبنان. وقال : “على العكس تماما نحن مع بيع اللحم المثلج في لبنان، اذ ان ذلك من شأنه ان يؤدي الى خلق توازن في الاسعار وتقوية المنافسة نحو الافضل”.
وخلص في حديثه إلى استنتاج مفاده ان محاولة البعض تسويق اللحم الهندي في لبنان على انه لحم طازج، هو ” تأكيد قوله على ان هذه اللحوم تحمل مخاطر صحية عدة ، وإلاّ لما كان حاول البعض اخفاء حقيقتها”.
“غياب الاستراتيجية”
مصدر مطلع قال في اتصال مع “لبنان 24”: “ان لبنان يعيش وضعاً غير عادياً منذ عدة سنوات على كافة الصعد. وهذا الوضع يدفع المواطن الى تصديق اي شئ يحكى ، والتصرف من خلال ردة فعل قد تأتي احيانا كثيرة غير متناسبة مع الحدث”.
المصدر دعا في حديثه الحكومة إلى التعجيل بصياغة استراتيجية وطنية متكاملة لمواجهة أزمة انعدام الأمن الغذائي المتفاقمة في البلاد. واشار إلى أن قسما كبيراً من اللبنانيين باتوا اليوم يواجهون تحديات انعدام الأمن الغذائي، وهم باتوا قلقين من قدرتهم على تناول طعام صحي ومغذ. علاوة على ذلك، فإن الزيادة في الاسعار فرضت على قسم كبير من اللبنانيين تغيراً في الأنماط التي كانوا يتبعونها سابقاً ، والذهاب نحو اطعمة اقل جودة ونوعية وقد تحمل مخاطر صحية.
المصدر : هازار يتيم- لبنان 24