التعادل الإستراتيجي بين “حزب الله” وإسرائيل.. هل يبعد الحرب المقبلة؟
أشار معلّق الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية عاموس هرئل، إلى أنّه “على الرغم من كلام وزير الأمن أفيغدور ليبرمان ووزير التربية نفتالي بينت، من أنّ المواجهة القادمة يجب أن تنتهي بالحسم ضدّ حزب الله وحماس، إلّا أنّه يجب الإعتراف بالواقع: منذ أكثر من عقد لا ينجح الجيش الإسرائيلي في إنهاء معركة بانتصار واضح”.
ولفت عاموس هرئل إلى أنّ “الصورة أمام إطلاق الصواريخ بعيدة عن كونها مشجعة. فالمشكلة الأساسية تتعلق بإمكانية إندلاع حرب غير متوقعة مع حزب الله في الشمال. التقديرات حول صواريخ حزب الله تقول إنّها بلغت 80 ألف، الأمر الذي سينشئ صعوبة لدى الجيش الإسرائيلي في إسقاطها. أيضاً بعدما يتمّ ضمّ منظومة “العصا السحرية” في نهاية العام كمرحلة وسطية بين الحيتس والقبة الحديدية، أي أنّ الجواب الأمني ليس كاملاً، يمكن القول إنّ عدد الصواريخ الأمنية لإسرائيل أقلّ من صواريخ حزب الله، إضافةً إلى التكلفة الباهظة، الأمر الذي لا يسمح بانتاجها بشكل غير محدود. الأجهزة الأمنية ستضطر إلى التدقيق جيّداً عند إسقاط الصواريخ، حيث قد يبلغ عدد صواريخ حزب الله ألف صاروخ يومياً نحو الجبهة الداخلية أثناء الحرب، بعد ضربة البدء التي ستكون أكبر من ذلك”.
وأضاف هرئل إنّه “مقابل تهديد الصواريخ من القطاع، المحدود، طوّرت إسرائيل ردّاً ملفتاً، حيث أنّ ذروته 90% من إسقاط الصواريخ، كما سجل في الجرف الصلب من خلال القبة الحديدية. لكن تحدي لبنان أكبر كثيراً. الحرب مع حزب الله ستتسبب بكثير من الضحايا وتدمير البنى التحتية في الشمال والمركز، حتى لو كانت أضرار حزب الله ودولة لبنان أكبر”.
في هذه الظروف، يتابع هرئل: “سيكون هناك ضغط جماهيري على الحكومة والجيش لاستخدام القوة الزائدة ضد حزب الله. هذه الخطوة محتملة، لكن لها ثمن مرافق وهو الانتقاد الدولي، وأيضا يمكن أن يؤدي ذلك إلى التوتر مع روسيا التي تعتبر حتى الآن على الأقل أن حزب الله هو جزء من التحالف الذي تقوده من أجل دعم نظام الأسد في سوريا”.
وأشار هرئل إلى أنّ “حزب الله وجد حلّاً التفافياً على التفوق الإسرائيلي بالنار الدقيقة في التكنولوجيا والاستخبارات من خلال توسيع قدرة إلحاق الضرر بالجبهة الداخلية. فإسرائيل، والكلام لهرئل، تقدم الحلول الخاصة بها من “نظرية الضاحية” التي طوّرها رئيس الأركان غادي آيزنكوت عندما كان قائداً للمنطقة الشمالية في العام 2008، وهي تتحدث عن تدمير شامل لبنى حزب الله التحتية وحتى التوصية بإلحاق الضرر بالبنى التحتية في لبنان. إلا أنه ليس واضحاً ما هي النظرية التي ستتبناها الحكومة وهل سيكون لها تأثير عملي. الجانب الإيجابي في هذا الواقع يكمن في حقيقة التعادل الاستراتيجي، حيث أنّ كلّ طرف يدرك الأضرار المحتملة التي قد يسببها الطرف الثاني، الأمر الذي يساهم في إبعاد الحرب القادمة. إدراك إسرائيل لإمكانية تورّطها يبعد غريزة المغامرة من قبل الطرف السياسي ويبقي الحرب ضد حزب الله كخيار أخير فقط”.
يضيف هرئل إنّ “التساؤلات تظهر أيضاً حول الحل الهجومي للصواريخ. فعلياً يبدو أن الجيوش الغربية التي تواجه ذلك منذ الفشل الأميركي والبريطاني في صيد راجمات السكود العراقية التي أطلقت الصواريخ نحو تل أبيب في حرب الخليج في العام 1991 لم تحقق إنعطافة نوعية منذ ذلك الحين. أيضاً في الجرف الصلب في غزة فشلت جهود إطلاق النار في القضاء على الصواريخ. نتائج صيد راجمات الصواريخ في غزة كانت ضعيفة. وقف الحرب حدث أخيراً بدون إنتصار إسرائيلي، وبعد استنزاف حماس وتعرضها للإصابة الشديدة في المعركة التي دار جزء كبير منها حول الانفاق في محاولة للوصول إلى أهداف حساسة. حدث ذلك في منطقة أصغر من المنطقة اللبنانية وفي ظل عدم وجود صواريخ مضادة لطائرات سلاح الجو”.
الحملة البرية أيضاً في الجرف الصلب كانت محدودة بحجمها ونتائجها، يضيف هرئل.