“الحرب النفطية” تابع… اسرائيل تتوعد ومنشآتها بمرمى صواريخ “حزب الله”!
لم تتحمل اسرائيل مشهدية أن يخطو لبنان خطوات ثابتة في اتجاه النادي النفطي، حاجزاً مكانة موموقة بعدما جذب أفضل الشركات العالمية للتنقيب عن النفط والغاز في مياهه الإقليمية، فكان لا بدّ لسلطات الإحتلال أن تقوم بمحاولة ردع الشركات الأجنبية عن الدخول في المناقصات، وأن تقترف ما يشبه نهجها العدواني وأطماعها المزمنة، فانبرى وزير أمنها أفيغدور ليبرمان مدعياً امتلاك البلوك رقم 9 اللبناني، الذي لزّمه لبنان لإئتلاف الشركات الثلاث، وقد ترافق إدعاء ليبرمان مع تهويل وتهديد غير مباشر، وذلك قبل أيام على الموعد المقرر في التاسع من شباط لتوقيع لبنان أولى عقود التنقيب عن النفط في مياهه، فهل أصبحت عقود النفط مهددة؟
في توقيت الإدّعاء الإسرائيلي يقرأ مستشار مجلس النواب للشؤون النفطية الخبير النفطي ربيع ياغي، فيرى أنّها رسالة ضغط على الكونسورتيوم العالمي “توتال” الفرنسية و”إني” الإيطالية و”نوفاتك” الروسية، التي تمكّن لبنان من استقطابها فيما عجزت اسرائيل عن ذلك، وبالتالي اعتبر ياغي في حديث لـ “لبنان 24” “أنّ الرسالة ليست للبنان بقدر ما هي موجهة بالدرجة الأولى إلى هذه الشركات كنوع من الضغط المعنوي، كي تحجم عن توقيع العقد، موضحاً أن الإتفاقية وُقّعت بين وزارة الطاقة من جهة وائتلاف الشركات الثلاث من جهة ثانية، وموعد التاسع من شباط عبارة عن احتفال بتبادل العقود، وعملية الضغط ليست بجديدة بحيث مارست اسرائيل كل أنواع الضغوط على هذه الشركات في المرحلة السابقة كي تحجم عن تقديم العروض للبنان، وكانت اسرائيل تطلق عمليات التهويل بأنّ هذه الشركات إن لم تعمل في اسرائيل فلا مكان آخر تعمل فيه، علماً أنّ الشركات تربطها مصالح بالدول العربية والخليجية، وهي ليست مستعدة للتضحية بمصالحها وإسمها واستثماراتها في المنطقة مقابل العمل في اسرائيل، وبناء عليه لم تستجب للتهويل الإسرائيلي”.
وبالتوازي مع الضغط على الشركات يري ياغي أنّ اسرائيل تعمل على تخويف لبنان لصرف النظر عن عملية الحفر والتنقيب في البلوك 9، بما يشكل انتهاكاً للسيادة اللبنانية على كامل المنطقة الإقتصادية الخالصة، ولاسيّما أنّ البلوك 9 يشكّل مع البلوكين 8 و10 منطقة واعدة وغنية جداً بحسب ما أثبتت المسوحات الجيولوجية.
هل ينسف التهويل الإسرائيلي عمل الشركات في البلوك 9؟
يجيب ياغي “الإتفاق مع الكونسورتيوم العالمي نصّ على عملية الحفر والتنقيب في البلوكين 4 و9 بالتوازي، في بداية العام 2019، وبالتالي لا يمكن السير ببلوك 4 وإيقاف العمل ببلوك 9. من هذا المنطلق تحاول اسرائيل أن تفرمل الإندفاعة اللبنانية باتجاه إحياء النشاطات النفطية وبداية عهد جديد للبنان”.
ثغرة لبنانية
لبنان رسّم حدوده البحرية مع قبرص عام 2007 ولكنّه ارتكب خطأً بعدم تقدير مدى الأطماع الإسرائيلية، أوضح ياغي “بحيث بقيت هذه الإتفاقية في الأدراج ولم تقدّم إلى المجلس النيابي للتصديق عليها، ولاحقاً وقّعت سلطات الإحتلال عام 2010 اتفاقية مع قبرص لترسيم حدودهما، وأدّعت اسرائيل أنّ هذه الإتفاقية تسمح لها بالتمدد تجاه جنوب لبنان في محاولة للتعدي على مياهنا، في حين أنّ قبرص ارتكبت مخالفة بعدم العودة إلى لبنان، وبطبيعة الحال لن يفرّط لبنان بحقوقه، فلجأ إلى الأمم المتحدة التي فشلت في تسوية النزاع وكذلك عملت الولايات المتحدة على وساطة لم تثمر بدورها. ولبنان لغاية اللحظة لم يرسّم حدوده البحرية مع الدول المحيطة به أو المقابلة له بشكل رسمي ونهائي، ما ترك ثغرة لإسرائيل دخلت من خلالها في محاولة لقرصنة جزء من مياهنا الغنية والواعدة في البلوكات 8 و9 و10 والتي تبلغ مساحتها 860 كلم مربع”.
من هنا يرى ياغي أنّه توجب على لبنان التصدي للأطماع الإسرائيلية، من خلال انتهاج سياسة ديناميكية دبلوماسية واسعة النطاق، ليس فقط مع الأمم المتحدة بل أيضاً مع الدول العائدة لإئتلاف الشركات، أي فرنسا وإيطاليا وروسيا، بما يشكل عنصر مساندة ودعم له في وضع حدّ للقرصنة الإسرائيلية.
النزاع النفطي بين لبنان واسرائيل هل يؤدي إلى حرب جديدة ؟
يستبعد ياغي أن تقترف اسرائيل هذا الخطأ. فإقدامها على مغامرة عسكرية لن يكون في مصلحتها، خصوصاً أنّ لديها منشآت بحرية واسعة تقدّر بمليارات الدولارات شمال فلسطين المحتلة هي بمرمى نيران الجيش اللبناني والمقاومة، فيما لبنان لا يملك حتى اليوم أي منشآت. “وفي اعتقادي التهديدات الاسرائيلية لا تعدو كونها عملية “تهبيط حيطان” وتهويل على الشركات لتحجم عن البدء بأعمال الحفر والتنقيب”.
نوال الأشقر – لبنان 24 http://www.lebanon24.com/articles/1517654242789983900/