الحريري يراهن على التحالف الرباعي… اسألوا بن سلمان
ارتفعت، انخفضت. هذه هي حال أسهم شعبية رئيس الحكومة سعد الحريري منذ 4 تشرين الثاني الماضي لغاية اليوم، تبعاً للمصطلحات التي استخدمها، فضلاً عن الانقسام الحاصل داخل البيت المستقبلي بين متفاجئ، وملتزم بالصمت، ومؤيد في الحرب والسلم. لكن هذا كله لا يهم طالما أنّ الحريري محتفظ بكرسي رئاسة الحكومة تحت شعار “حماية البلد”.
أوساط مستقبلية عدة باتت اليوم على قناعة تامة أنّ القوة بيد حامل السلاح وإن “لم يستخدمه”، فوهجه فعّال. يتذكّر هؤلاء عبارة “قطع أيدي إيران وأذرعها في لبنان” أثناء سرد بيان الاستقالة، في حال ضعُفت ذاكرة الحريري، فاعتبروها انتفاضة في زمن الإحباط، وقرأوا بما قيل في الأمس القريب، عن أن حزب الله لا يستخدم سلاحه في الداخل، فأصابتهم “الصدمة السلبية”، وإن كان لكلام الحريري الحالي مفهوماً ثلاثي الأبعاد، والجميع يعلم بيت القصيد من دون تبرير، لكن شتان بين ذلك اليوم والامس.
وفي حين يتساءل آخرون عما إذا كان الحريري مجبراً على التصعيد ضد حزب الله من المملكة، يجيب “مستقبليون قدامى” إنّ ما حصل في الرياض يبقى في الرياض، ولا علاقة له بالاتفاق الحاصل في الداخل اللبناني، فقد أُجبر على الاستقالة وفقاً للمصالح والعلاقات المشتركة بينه وبين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، التي اقتضى بموجبها زيارة على عجلة، استقالة، انهاء خدمات متبادلة، تلتها عودة بمعناها الجوهري أي عودة إلى ما كانت عليه الأمور قبل الزيارة. ودُفنت الاستقالة في المملكة، لتبدأ عملية البحث عن باب الخروج من المأزق.
لم يطبّق الحريري مقولة “رُبّ ضرة نافعة”، باعتبار أنّ الاستقالة ومضمونها رفعا من شعبيته، إذ استطاع الحريري دغدغة مشاعر أهل الطائفة، محرّكاً البركان الخامد في داخلهم، فـ”بَيْ الفقير” الشهيد حاضر في أذهانهم، مع أسماء قاتليه التي سجلتها المحكمة الدولية، ورصاص 7 أيار “المجيد” لا يزال متربّصاً في جدران المنازل، حتى باتوا يطالبوه بعدم العودة إلى لبنان، حالياً، بعدما قال لهم إنه مهدّد أمنياً.
لم يستخدم الحريري هذه الورقة، وفقاً لمصادر مطلعة، لأنه واثق أن لا أحد سيخون التحالف القائم منذ انتخاب الرئيس ميشال عون (الحريري ـ حزب الله ــ عون ــ بري)، فهو يحمي ظهره به لتأمين العودة. وتشير إلى أنّ رئيس الحكومة لو كان يعمل على استعادة الشعبية، لما قدّم الاستقالة من الرياض، إذ قبل سفره، مرّر الحريري تعيين السفير اللبناني لدى سوريا، مسجلاً اعتراضاً استعراضياً، وهذ الملف وحده كان كفيلاً بالضرب على الطاولة والتلويح بالاستقالة، لكنه لم يفعل، وهنا تبرز أهمية التسوية بين التحالف الرباعي.
وظهر الأمر جليّاً في خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الذي امتص الصدمة وهجوم الحريري بهدوء، فتناغم كلامه بالتنسيق مع الرئيس، “بانتظار عودة الحريري لمعرفة ما جرى معه في الرياض، وفي حال أصرّ على الاستقالة سنعيد تكليفه”.
وتخلص المصادر إلى القول إن “الحريري غير آبه بخسارة عدد كبير من جمهوره، باستثناء من هم معه على الحلو والمرّ، فما يمكن أن يؤمنه له هذا التحالف في الانتخابات النيابية المقبلة تعجز عن تأمينه الطائفة السنيّة ومعها الحلفاء الاستراتيجيين إن من القوات اللبنانية أو المستقلين”.
(فيفيان الخولي-ليبانون ديبايت)