اللبنانيون نحو العطش بعد الجوع
بعد الأزمات المتتالية التي يعيشها المواطن اللبناني وبعد الانهيار شبه التام للعملة الوطنية بشكل هستيري انعدمت الحركة في مختلف القطاعات وطالت تداعياتها المواطن الذي بات يفتقر اليوم حتى إلى مياه الشرب ومياه الاستخدام المنزلي، وصار عليه مواجهة مشكلة تأمين المياه، ما شكل عبئاً جديداً عليه وزيادة في المصروف حيث تجاوز سعر قارورة مياه الشرب النصف ليتر ثلاثة آلاف ليرة.
الشركات الخاصة: رفع الأسعار طبيعي
وبحسب إحدى الشركات الخاصة في لبنان، فان الغلاء مسيطر على كل القطاعات الحيوية في لبنان ويهدد الشركات الخاصة. وإذا أردنا التدقيق في سعر قارورة المياه أو غيرها وضبط الأسعار، تبدو المهمة شبه مستحيلة وغير دقيقة نتيجة تعدد الشركات التي تبيع المياه كما وكثرة التجار والسوبرماركت، والدكاكين والإكسبرس.
وبررت المصادر غلاء الأسعار “بارتفاع سعر المواد الأولية التي لا يمكن أن نقلل من جودتها خصوصاً وأن البلاستيك يتأثر بشكل كبير منذ أزمة ارتفاع الدولار فصنعه ليس محلياً ويتم استيراده من الخارج”.
صهاريج المياه: نبقى أوفر من غيرنا
ويعتبر إبراهيم صاحب صهريج مياه أن “ازمة ارتفاع الدولار أثرت بدرجة كبيرة على الخسارة التي حلت مكان الربح”، قائلاً: “لا يمكنني ترك المصلحة بسبب أهلى وزبائني الذين اعتادوا عليّ منذ أكثر من 15 عاماً ويبقى سعر مبيعنا أخف وطأة على المواطنين مقارنة بأسعار الشركات الخاصة. سعر الـ 120 برميل لا يتعدى 600 ألف ليرة وهذا جيد لمياه الاستخدام المنزلي ولأصحاب المصالح العامة والخاصة”.
وأشار ابراهيم إلى أن ” كمية الليترات التي توّزع في اليوم الواحد تعادل 20 ألف ليتر من مياه الاستخدام المنزلي وتكلفة المحروقات هي الأصعب، ناهيك عن الزيت والتصليحات في حال طرأ أي عطل، أما عن الأسعار الحالية مقارنة بالأسعار السابقة حيث كانت الخمسة براميل أي ألف ليتر مياه فقط بـ20 ألف ليرة، أما هذا العام فسعر المبيع ارتفع لكنه لم يتجاوز 40 ألف ليرة كحد أقصى”.
المواطنون لا يفضلون مياه الشفة
وبحسب محمد ابن منطقة الجديدة، “فإن المياه المقدمة من المحلات والتي يتم تكريرها ومعالجتها تبقى أوفر من مياه الشركات الخاصة، فأسعار الأخيرة يرتفع بشكل مستمر ومن يمكنه شراء غالون سعة 6 ليترات بسعر 15 ألف ليرة؟ هذا كفر. ناهيك أن مياه الدولة تأتي كل يومين وتساعد من تخفيف حدة الأعباء”.
ويقول هادي ابن راس النبع: “في السنوات السابقة، كنا نشتري غالوني مياه 20 ليتراً الواحد بألف ليرة، اليوم بألفي ليرة لا نعلم إلى اين نحن ذاهبون إلى المجهول ربما، والأمور تختلف يوماً بعد يوم”.
وتوضح سارة من سكان طريق الجديدة: “بتنا نقيم ألف حساب لشراء غالون مياه الذي يختلف سعره بين المعمل والدكان والسوبر ماركت اين هي الرقابة في هذا الموضوع؟
أما صاحب دكان في راس النبع أبو علي، فيبرر غلاء سعر غالون المياه لأنه “يشتريه أصلاً من الشركات بسعر مرتفع ولا يربح سوى القليل. الحلول لا نملكها نحن. هذا هو السوق وهذه هي الأسعار”.
ويبقى السؤال أخيراً، هل يجوز للمواطن اللبناني الذي يعاني من شح في الدواء والغذاء أن يشتهي نقطة مياه تروي عطشه في بلد مشهور بثروته المائية بسبب الغلاء من ناحية وجشع التجار من ناحية أخرى؟ ماذا لو بلغت عبوة مياه الشرب العشرة آلاف ليرة؟.
المصدر : آية المصري – لبنان الكبير