المرحلة الأكثر تدميراً للعلاقات بين واشنطن وأنقرة بدأت.. والتاريخ يشهد!
رأى سركان دميرطاش، كاتب الرأي في صحيفة “حرييت” التركية، أن قرار الولايات المتحدة الأخير بتعليق خدمات التأشيرة لغير المهاجرين في سفارتها في أنقرة، ولدى قنصلياتها في مناطق تركية أخرى، ورد تركيا الفوري بتعليق خدمات الفيزا لأميركيين، يعكسان تراجع مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين.
وبحسب الكاتب، هناك أسباب عدة أدت لوصول حليفين قديمين إلى هذه النقطة. ولكن هذا التدهور في العلاقات بينهما يعود لمنتصف عام 2013، خلال احتجاجات حديقة جيزي. فمنذ بداية الإحتجاجات حضت واشنطن وسفيرها في أنقرة آنذاك، الحكومة التركية على الاستجابة لمطالب من خرجوا إلى الشوارع، ولعدم استخدام قوة غير مناسبة ضدهم.
لكن، برأي دميرطاش، جاء رد فعل أنقرة سريعاً، زاعمة بأن قوى غربية معينة وقفت وراء احتجاجات جيزي في محاولة لإضعاف حزب العدالة والتنمية الحاكم ( أي كي بي)، وتركيا بصورة أوسع. وساءت العلاقات مرة ثانية بين أنقرة وواشنطن في نهاية 2013، وسط تحقيقات في عمليات فساد ورشى انطلقت ضد حكومة أي كي بي، وبشكل خاص، ضد الرئيس رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء في حينه.
ويشير الكاتب إلى أن الحكومة وصفت التحقيقات في عمليات فساد، والتي قادت لاستقالة أربعة وزراء، بكونها جزءاً من مؤامرة دولية نفذتها أطراف من أبرزها الولايات المتحدة واللوبي اليهودي. وزعمت صحف موالية للحكومة بأن السفير الأميركي نظم اجتماعاً مع سفراء الاتحاد الأوروبي في أنقره خلال إجراء التحقيقات، وقال لهم: “طلبنا منهم قطع علاقاتهم مع إيران. ولم يستمعوا لنا. وسوف تراقبون الآن سقوط الإمبراطورية”.
ويلفت دميرطاش لنفي السفارة الأميركية لتلك المزاعم، لكن ذلك لم يمنع تعرضها لانتقادات متكررة من قبل أردوغان ومسؤولين كبار في حزب العدالة والتنمية. وعلى سبيل المثال، في كلمة ألقاها في 21 كانون الأول في مدينة سامسون على البحر الأسود، استهدف أردوغان بصورة مباشرة السفير الأمريكي قائلاً: “يمارس بعض السفراء نشاطات استفزازية. وأنا أقول لكم: قوموا بعملكم. نحن لسنا مجبرين على إبقائكم في بلدنا. إذا انخرط سفراؤنا بمثل تلك الأعمال في بلادكم، لكنا سحبناهم”.
ويقول الكاتب إن ذكر تلك الأحداث القديمة يسلط الضوء على بعض أوجه الشبه البارزة مع الأزمة الحالية مع الولايات المتحدة. وفي تصريح صدر في 10 تشرين الأول في صربيا، استهدف أردوغان السفير الأميركي الحالي في أنقره، جون باس، وقال علانية إنه بات شخصاً غير مرغوب به في تركيا. وفي عام 2013، استخدم أردوغان نفس اللغة عندما رفض مشاركة سفراء أميركيين في حال كانت هناك فسحة للمناورة من أجل حل المشكلة.
تلاشي البعد الاستراتيجي
ولكن، الخلاف بين الجانبين، والشجار الحالي ما هو، بحسب دميرطاش، إلا انعكاس لصراع بنيوي بين أنقرة وواشنطن. كما تلاشى تقريباً البعد الاستراتيجي للعلاقات التركية- الأميركية، وأخذ عدد من المسؤولين في واشنطن يتساءلون عن جدوى التحالف مع تركيا.
ويضيف الكاتب، في حال وجد الجانبان طريقة ما لمعالجة مشاكلهما، فإن قرار الولايات المتحدة بوقف قبول طلبات التأشيرة في تركيا يعني نهاية لتوتر قديم، وإلا قد يكون القرار بداية لمرحلة أكثر تدميراً للعلاقات بين واشنطن وأنقرة.
ويختم دميرطاش بالدعوة لتوخي مزيد من الحكمة، في هذه الأوقات الصعبة، من أجل مصلحة البلدين.