الم يحن الوقت بعد لتصحيح الأجور؟
ماذا حين يصبح الراتب بالكاد يكفي للوصول الى مكان العمل؟ وفي حال كان أعلى بقليل، فهو يكاد لا يغطّي فاتورة المولّد وثمن محروقات هذا في أحسن الأحوال؟! ألا يعتبر الأمر خطيرا ويستدعي تحركا سريعا من الحكومة الجديدة؟ ألا يجب أن يكون في صلب أولوياتها؟ بدل اللجوء الى تدابير ترقيعيّة مثل الزيادة على بدل النقل التي لا تشكل “سدس” ثمن صفيحة البنزين، أو منحة شهر واحد لا تشكّل سوى “عشر” الزيادة التي لحقت بالأسعار؟ ألا يدرك المسؤولون أنّ ما يحدث اليوم مع تآكل القدرة الشرائية فيه استعباد للأجير ومسّ لحقوق الانسان الاساسية، حيث ان من صلب حقوقه تأمين المسكن والمأكل والملبس مع العلم في حين أنّ وضع الحد الادنى للأجور وُضِع بالاستناد الى احتساب هذه المتطلّبات الاساسيّة في حدودها الدنيا؟.
مصدر نقابي أوضح عبر “النشرة” انه حان الوقت لتصحيح الأجور منذ خمس سنوات مذ كان الحد الادنى 450 دولارا، لافتا الى أن المسألة تقنيا وعلميا يجب مراجعتها سنويا بحسب السلّم المتحرك للراتب، خصوصا مع وجود نسبة تضخم عالمي 3% سنويا، فضلا عن نسبة التضخم المخيفة في لبنان.
ما يحصل اليوم يناقض ما تمّ الاتفاق عليه في قصر بعبدا حين كان آخر تصحيح للأجور سنة 2012. حيث تم الاتفاق وقتذاك بين الاتحاد العمالي العام والهيئات الاقتصادية على التصحيح سنويا كي لا نصل الى هذا التراكم، من دون أي يحصل هذا الأمر لوجود خلل بين الفريقين، فالهيئات الاقتصادية هم الاكثر قوّة ونفوذا.
ورأى المصدر بوجوب التصحيح بدءا من 2013 هذا قبل ان نتوقّف عند الانهيار المالي غير المسبوق الذي حصل هذا العام، فالحد الادنى صار يساوي 35 دولارا اليوم، وشرح ان الاجر ليس مسألة رفاهية موضحًا ان الحد الأدنى يُوضع ضمن عناصر معينة فيحتسِب النقل والطبابة والسكن والغذاء وغيرهم، مع العلم انها موضوعة بالحد الأدنى للاسعار. أما تعليقا على قرار زيادة بدل النقل 24 الف ليرة يوميا رأى المصدر ذاته، انه لأمر معيب ألاّ تستند الحكومة على أسس علميّة، فاحتسابه سابقا على 8 الاف ليرة كان يشكّل ثلث سعر صفيحة البنزين لكن ما هو المعيار في رقم الـ24 ألف ليرة وهو لا يشكّل الا “السدس” بالنظر الى الاسعار الحاليّة؟ ثم ما معنى اعطاء منحة للموظفين وهي لا تجوز حتى بالشكل وغير مقبول اعطاء 10 بالمئة من اصل زيادة الاسعار 500%؟!.
في السياق عينه رأى رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان مارون الخولي ان مسألة تصحيح الأجور واجب ومطلب محقّ وملحّ يجب ان يوضع على طاولة مجلس الوزراء ضمن الاولويات، ويعطى الاهتمام اللازم لأننا سبق وسمعنا كلاما بهذا المعنى من وزيرة العمل في الحكومة السابقة لكن لم ينفذ أيّ شيء!.
وأشار الخولي الى ان مسألة التصحيح يجب ان تبنى على أسس ومعايير علمية صحيحة، وليس كما حصل مع سلسلة الرتب والرواتب، -الّذي اعترضنا عليها وكنا مع اعطائها ضمن سلة أصلاحات وليس كما تم تمريرها بشكل فيه “تعمية” للأرقام- وطالب الدولة القيام بإصلاحات كاملة على مستوى التوظيف وربط أيّ زيادة بالانتاجية، وعزا الانهيار الحاصل لليرة اللبنانيّة لسلسلة الرتب والرواتب.
تجدر الاشارة الى أنّ الحكومة أقرّت زيادة على بدل النقل، ووعدت بما يشبه المنحة لموظفي القطاع العام تساوي أجر شهر تدفع على دفعتين آخر ايلول الفائت وآخر تشرين الاول الجاري. وفيما يتعلق بالقطاع الخاص عقدت الهيئات الاقتصاديّة اجتماعا واعربت عن الالتزام مع تحفّظها لأنّ مؤسسات كثيرة غير قادرة على اعطاء الزيادات. وقد علق احد اركانها يومها بالقول “ان المشكلة اقتصاديّة اجتماعيّة يلزمها برنامجا شاملا ومتكاملا والعمل على تخفيض الأكلاف وزيادة القدرة الشرائيّة وليس العكس”.
في الختام إنّ قضيّة الأجور بحاجة الى تحرّك سريع واتخاذ قرار مبني على دراسة واقعيّة وليس على حلول وتدابير “ترقيعيّة” وترك الامور على غاربها، لأن ليس الكل ملتزما بالزيادات خصوصا في القطاع الخاص. فهناك عدد كبير لم يعنيه الموضوع وكأنّ شيئا لم يحصل والبلد بألف خير، ومن عدّل “يمنّن ويربّح جميلة” بما فعل، وهذا غير مقبول لأنّ اعطاء الأجر المحقّ هو حقّ وليس منّة من أحد.
المصدر : كوثر حنبوري- النشرة