بعد اضطهاد العائلة .. الإعلام اللبناني يتاجر بـ «عطور»!
فتاة قاصر (15 عاماً) تحوّلت إلى مادة متداولة على السوشيل ميديا، وبين مؤيد ومعارض، الضحية الفتاة وحدها!
قبل حلقة أمس من “هوا الحرية”، لم يكن احد من اللبنانيين يعرف الشابة “عطور”، إلا أنّ فقرة من البرنامج لا تتجاوز مدتها الـ20 دقيقة حوّلت الفتاة إلى “ترند” عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
هي الفتاة التي وافقت العائلة على خطبتها من شاب أحبها، لتقرر هي ونتيجة لضغوط كما قالت الهروب معه بعد 7 شهور، في ظلّ معارضة الأهل والادعاء عليه قضائياً.
الفتاة القاصر التي مكانها الطبيعي المقعد الدراسي، ظهرت بثوب امرأة لا تشبهها، فانفعلت، وصرخت، وشتمت، تحت ضغط العائلة وضغط الأضواء، لتتعرض لموجة من الانتقاد والتهجم بسبب سلوكها من قبل متابعي الحلقة، ولم يوفر هؤلاء عائلتها.
إلا أنّه وفي مقابل هذه الحملة التي انطلقت ضد الفتاة وعائلتها، هناك من تساءل عن حقوقها؟ وعن قانونية ظهور قضيتها بهذا الشكل عبر الإعلام.
موقع “جنوبية” وفي متابعة هذه الملف، تواصل مع الناشطة الحقوقية مايا عمار التي أكّدت لنا أنّ استقبال القاصر في الاستديو هو فعل مضرّ لها، وقد سبب لها المزيد من الضرر النفسي في مكان ما، ولم يكن يتوجب وضعها في هذا الموقف.
تؤكد عمار أنّه ليس بهذا الأسلوب تتم المعالجة، لافتة إلى أنّه “حتى لو أنّ خطيب الفتاة قد ارتكب جرماً بحسب القانون كونه خطف قاصراً، إلا أنّ عملية توقيفه قد تمّت لكونه لم يكن هناك من إذن لولي أمر ولو كان هناك إذن لما تمّ اعتبار فعله مخالفاً للقانون. هذا حوّر القضية لمكان آخر، بينما الأصل هو تجريم زواج القاصر الفتاة عطور، وإن كان بموافقة ولي لأمر”.
تتابع الناشطة الحقوقية مشددة أنّه يجب منع زواج أو تسجيل زواج شخصين تحت سن الـ18 بغض النظر إن كان هناك موافقة لولي الأمر أو لم يكن، والمجلس النيابي يستطيع وضع حد لهذه المعضلة.
وبالعودة إلى ما شهدته حلقة أمس، تلفت عمار إلى أنّه “هناك أخلاقيات مهنية يجب اتباعها وألا يكون الهاجس رفع نسب المشاهدة تحت عنوان معالجة قضايا اجتماعية لا سيما تلك التي تضر الأطفال، كان يجب عدم تعريض عطور لهكذا موقف بما يحمله من شتائم، حيث أنّ المشاهد اصبح يلومها هي بعد عرض الحلقة”.
مضيفة “الإعلام يعالج بالضغط عبر الطوائف لرفع اليد عن هذا الموضوع، وعبر الضغط على مجلس النواب لإقرار القانون الذي تتم المماطلة فيه. ولو أرادوا مساعدتها كان يمكن لذلك أن يتم خلف الكواليس ومن ثم عرض القصة مع حجب الأسماء والهويات”.
وخلصت الناشطة الحقوقية مايا عمّار بالتوضيح أنّ “المنظمات الدولية التي تعنى بحقوق الأطفال، تؤكد أنّ الأطفال الذين هم بمواقع هشّة مثل ضحايا الزواج المبكر لا يجوز أن نعرضهم للإعلام، هذه أخلاقيات وضعتها اليونيسيف و save the children”.
من جانبها تؤكد المحامية سندريلا مرهج لـ”جنوبية” أنّ “الفتاة قاصر ولم يكن من المفترض أن تتعرض لما تعرضت له على الهواء”، لافتة إلى أنّ “موضوع توقيف خطيبها هو الذي سبب لها هذه الحالة النفسية بغض النظر عن أنّه ارتكب جرما أم لم يرتكب”.
وترى مرهج أنّه لم يكن يجب التشهير بالفتاة بهذه الطريقة، لاسيما فيما يتعلق بعملية الاعتقال حيث كان يجب أن يكون هناك أحد من مكتب حماية الأحداث ليشرح لها.