بعد التصدي السوري لطائرتها | «اسرائيل» تستعين بموسكو، فكيف كان الرد الروسي؟
سارع رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، إلى الاتصال بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد سماعه مواقف وتحذيرات رئيس أركان الجيش الإيراني الجنرال محمد باقري، الذي أكد أنه «ليس مقبولاً أن تنتهك إسرائيل المجال الجوي السوري والأراضي السورية».
العالم – مقالات وتحليلات
وبادر وزير الأمن أفيغدور ليبرمان أيضاً بالرد، بأن “إسرائيل” لديها ما يكفي من الوسائل لمواجهة هذا التحدي، خاصة أن باقري وضع زيارته للعاصمة السورية في سياق «تأكيد التنسيق والتعاون بمواجهة أعدائنا المشتركين من الصهاينة والإرهابيين».
ردود الفعل الرسمية المتسارعة في تل أبيب على مواقف القائد العسكري الإيراني، كشفت عن إدراك صنّاع القرار الإسرائيليين للمخاطر التي ينطوي عليها الاعتراض السوري لطائرات العدو في الأجواء اللبنانية يوم الاثنين الفائت، والرسائل الكامنة فيها، وعن مخاوفهم من مفاعيل هذا الخيار إن تواصل، وأثره على ضيق خيارات العدو.
وبدت تل أبيب أكثر حرصاً على أن تُظهر أنها فهمت الرسالة، وتعمدت الرد عليها. وكما أنها ترجمت مخاوفها من مفاعيل عدم الرد على الاعتراض الصاروخي السوري، عبر استهداف موقع للدفاعات الجوية السورية شرقي دمشق، كذلك، بادر الثنائي الأعلى في هيكلية صناعة القرار الأمني، للرد السياسي، والمبادرة إلى الاتصال مع موسكو.
أظهرت ردود الفعل الرسمية في تل أبيب قلقها من أن يكون الرد الإسرائيلي على الاعتراض السوري غير كافٍ لثني دمشق عن هذا الخيار. وتخوفت من أن يتحول اعتراض يوم الاثنين إلى محطة في سياق تصاعدي، على مستوى التصدي للطائرات الإسرائيلية، بصرف النظر عن منسوبه وتوقيته وساحته.
وتكشف سرعة المبادرة الإسرائيلية إلى الرد السياسي، عن أن صناع القرار في تل أبيب باتوا على يقين من أن ما جرى لم يكن حادثاً عابراً، خاصة أنه ــ بحسب ما كشفت التقارير الإسرائيلية ــ لم يكن محاولة الاعتراض الأولى، بل تتويجاً لسلسلة عمليات اعتراض سابقة، ولكن “إسرائيل” كان تفضّل الصمت في حينه.
مبادرة نتنياهو ــ ليبرمان عكست قراءة إسرائيلية تفيد بأن تبادل الرسائل الكلامية والعملانية بين دمشق والعدو قد يكون مؤشراً إضافياً على ما ينتظر “إسرائيل” في الساحتين السورية والإقليمية، بعد استكمال الانتصار على الجماعات الإرهابية والتكفيرية في سوريا. ويبدو أن تل أبيب تتهيب من سيناريو مفاعيل استمرار التصدي السوري لكونه سيضعها في حينه أمام خيارات ضيقة.
يهدف اتصال نتنياهو بالرئيس الروسي، على خلفية مواقف الجنرال باقري في دمشق، كما أكدت التقارير الإعلامية الإسرائيلية، إلى إقناع موسكو بالضغط على الطرف السوري، أو الإيراني لثنيه عن خيار التصدي للطائرات الإسرائيلية، حتى لا تُحشر “إسرائيل”، ومن ثم يتدحرج أي حادث إلى مواجهة ما. وانسجاماً مع الخطاب السياسي الإسرائيلي، ليس من المستبعد أن يتحدث نتنياهو عن محاولة دفع إيراني لهذا المسار لحسابات لا تتلاءم مع الحسابات الروسية، انطلاقاً من ترويج إسرائيلي يشدد على أن تداعيات أي مواجهة لاحقة تتعارض مع السياسة الروسية في الساحة السورية.
وبحسب ما نُقل عن الكرملين، فإن نتنياهو هو من بادر بالاتصال، وهو الأمر الطبيعي، خاصة أنه لم يمض 24 ساعة على زيارة وزير الدفاع الروسي لتل أبيب. وربما كان العدو يهدف إلى الإيحاء بأنه يسعى إلى محاولة انتزاع «شرعية روسية» لخيار إسرائيلي ما، قد يؤدي إلى التدحرج، أو على الأقل التحذير منه، انطلاقاً من أن روسيا تملك القدرة العملانية على كبح أي عدوان إسرائيلي إذا ما بادرت إلى خطوات ترى فيها موسكو تهديداً لمصالحها في سوريا. ويهدف هذا الاستدراج الإسرائيلي للتأييد الروسي، إلى تحييد القوات العسكرية الروسية، وهو ما يسهم أيضاً في تعزيز الجدية حول خياراتها… هذا وأكدت التقارير الإعلامية أن نتنياهو وبوتين تباحثا في البرنامج النووي الإيراني، والتهديدات في سوريا والاستفتاء الكردي في العراق.
من جهته، قام ليبرمان بدور من يرد على الموقف الإيراني الداعم لسوريا، بإطلاق التهديدات. ورأى أن مواقف الجنرال الإيراني «دليل» على أن إيران «تحاول التمركز في سوريا لتثبيت حقائق في الأراضي السورية وتهديد “إسرائيل” من هناك»، متجاوزاً حقيقة أن الموقف الإيراني أتى في سياق دعم الموقف السوري في مواجهة الاختراقات الإسرائيلية للأجواء السورية. في السياق نفسه، يبدو أن “إسرائيل” تحاول التعامل مع المواقف الإيرانية التي عبّر عنها رئيس أركان الجيش، كفرصة لتعزيز حملتها على مخاطر تكرِّس الوجود الإيراني في سوريا، وتأكيد رفضها هذا الوجود، بالقول إن «الإيرانيين يحاولون السيطرة على سوريا، ويريدون التحول هناك إلى قوة مهيمنة، ويوجد لدينا كل الأدوات لمواجهة هذا التحدي».