بعد وداع الأم وابنها.. تفاصيل عن اللحظات الأخيرة قبل الوداع..
لم يكن في “حسابات” عائلة صبحية قميحة وابنها عادل أن يرحلا معا فارق زمني دقيقتين فقط، الكل توقع خروجهما القريب من قسم “كورونا” لتلقي اللقاح، غير ان الموت كان اسرع، دفعت صبحية وعادل ثمن ترددهما بتلقي اللقاح، فباغتهما الوباء وقتلهما معا، وإن بقي مصدر العدوى مجهولاً في بلدة كفرصير التي تسجل نسبة اصابات مرتفعة معظمها طي الكتمان، ما يجعل الخطر اكبر.
بضربة “كورونا” غادرت صبحية وعادل الحياة، الام وابنها ماتا جراء مضاعفات الفيروس داخل قسم “كورونا” في مستشفى نبيه بري الجامعي.
لم تكن تعلم الحاجة صبحية ان ابنها عادل عيسى مصاب مثلها، ويرقد في غرفة مجاورة لها داخل القسم، كانت تتماثل للشفاء وفق ما تقول ابنة اختها، تماماً كما عادل، قبل ان تتدهور حالتهما معا ويفارق عادل الحياة قبل 5 دقائق من وفاة امه. هو “كورونا” اللعين الذي عاد ليهدد حياة الناس، هذه المرة يفتك بشكل كبير في القرى، وتسجل بلدة كفرصير التي ينحدر منها الفقيدان نسبة تفشّ كبيرة لا يمكن احصاؤها، وفق ما يشير أحد مسعفي “كشافة الرسالة” لـ”نداء الوطن”، لافتاً الى ان صحة الحاجة وابنها تدهورت بشكل سريع، ما تطلّب ادخالهما المستشفى، من دون ان يغفل ان كليهما لم يتلقيا اللقاح، اسوة بكثر يرفضون الخضوع لجرعات الحماية المعززة ضد “كورونا”، مشدداً “على ضرورة التلقيح السريع لان اعداد الاصابات تتزايد داخل البلدة، والاخطر ان كثيرين يصابون ويتنقّلون بين الاهالي ناشرين العدوى، وقد تكون الحاجة صبحية احدى ضحاياهم”.
الحزن لفّ بلدة كفرصير التي ودعت ضحيتي “كورونا” قبل أربعة أيام. في منزل العائلة يجلس ابن عادل حزينا، لم يستوعب انه فقد والده الى الأبد، وان جدّته رحلت من دون ان تقبّله قبلة الوداع الاخيرة. نظراته حزينة ولكنه عاتب على والده لانه لم يتلق اللقاح، وفق قوله كان متردداً في اخذه، رغم أنه قبل اصابته اقتنع به غير أن الوباء كان أسرع اليه. يبكي على ما حلّ به وبأسرته من مأساة حقيقية، يجزم ان “كورونا” وباء خطير، والتساهل به يقتل، يرفض ان يتساهل الناس باللقاح او بإجراءات السلامة، “حرام ان نخسر احباء لنا مجدداً”.
عاد الوباء ليحتل الواجهة مجدداً مع نسبة تفشٍّ خطيرة داخل القرى، وسط عجز المستشفيات عن استقبال المزيد من الاصابات، فلا اسرّة شاغرة، لا في قسم العناية ولا في الاقسام العادية لـ”كورونا”، ما يجعل امكانية النجاة منه ضئيلة، عدا عن كلفة العلاج والتي تتمثل بمليونين ونصف المليون ليرة لليلة الواحدة، وكلفة ابر وادوية العلاج التي تفرض المستشفى على اقرباء المصاب تأمينها، كل ذلك يحصل والاستهتار سيد المشهد في منطقة النبطية.
لا تتوانى ابنة شقيقة صبحية عن تكرار عبارة “الاهمال قتل خالتي”، تؤكد فاطمة أن هناك اهمالاً كبيراً داخل العديد من المستشفيات تجاه المصاب، فمريض السكري والضغط والقلب الذي يصاب بـ”كورونا”، يموت فيها، نتيجة الاهمال، لان احداً لا يهتم به او يقدم له ادويته المزمنة.
قبل عام تقريبا خسرت فاطمة والدها بالوباء، وها هي اليوم تخسر خالتها وابنها في الفيروس نفسه، مع تأكيدها ان “كورونا” هذه المرة اكثر فتكاً، وتسجل عتبها على خالتها لانها رفضت تلقي اللقاح، اقله كان خفّف من وقع الاصابة، كذلك الحال بما خص عادل، غير أنها تدعو الجميع الى تحصين أنفسهم، كي لا يصلوا الى لحظات لا ينفع معها الندم.
ودّعت كفرصير عامها بكارثة صحية، على ان تستقبل عامها الجديد بمزيد من الخطر ما لم يتم تدارك الوضع ويتحمّل المواطن مسؤوليته الصحية ليجتاز برّ الامان، اذ لا يكفيه معاناته الاقتصادية، حتى حلت عليه كارثة صحية يبدو انها ستكون الاقسى، وحده اللقاح يحمي، فهل من يتعظ؟
المصدر : رمال جوني – نداء الوطن