بمواكبة الرئيس عون: عسكريون يزحفون 1500 متر.. و«النخبة» تلاقيهم… هكذا تم أسر أمير «داعش» في عرسال!
بعد 25 يوما على ولادة العهد الجديد، تمكنت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني من تنفيذ عمل أمني نوعي في وادي الأرانب عند أطراف عرسال، تمكنت خلاله من توقيف أحمد يوسف أمون، أحد أبرز رموز «داعش» وأمير التنظيم في بلدة عرسال وجرودها وعدد من عناصر الحلقة الضيقة التي تحيط به، في عملية كانت محسوبة فيها نسبة المخاطر، لكن التنفيذ الدقيق والمباغت لقوات النخبة في مديرية المخابرات أفضى إلى إنجاز العملية في وقت قياسي من دون وقوع خسائر بشرية أو مادية في صفوف الجيش.
وإذا كان خطاب القسم قد تضمن فقرة أزعجت بعض الجهات المحلية والخارجية، فإن تعهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالتعامل مع الإرهاب «استباقيا وردعا وتصديا حتى القضاء عليه»، تُرجم على أرض الميدان الحدودي اللبناني ـ السوري، بعملية نظيفة تتجاوز في مكانها وزمانها وأهدافها وظروفها عملية إلقاء القبض قبل أكثر من شهرَين على أمير تنظيم «داعش» في عين الحلوة عماد ياسين.
وعلى المستوى السياسي، هذه هي المرة الأولى منذ سنتين ونصف سنة، يستند فيها الجيش إلى دعامة أساسية تتمثل في مواكبة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، عملية نوعية للجيش اللبناني بكل دقائقها وتفاصيلها منذ لحظتها الأولى حتى لحظتها الأخيرة، بدليل أنه كان أول المنوهين بالعملية النوعية الاستباقية، مشددا على أن مثل هذه العمليات النوعية تعزز الاستقرار وتضع حدا للمخططات الإرهابية وتكشف القائمين بها، وأعطى توجيهاته لمتابعة التحقيق مع الموقوفين لكشف المزيد من الشبكات الإرهابية.
ماذا في تفاصيل العملية كما حصلت عليها «السفير» من مصدر معني؟
بعدما تجمعت أدلة ومعلومات مؤكدة أن أحمد يوسف أمون اللبناني من بلدة عرسال هو أمير «داعش» الفعلي في عرسال والجرد، بدأت عملية التعقب والمتابعة الى أن توفّرت معلومات لمديرية المخابرات أن أمون هو:
÷ أحد الرؤوس الأساسية المدبِّرة في إرسال الانتحاريين الإرهابيين الثمانية الى بلدة القاع وتأمين كل الأمور اللوجستية من نقل وتموين وأحزمة ناسفة وأسلحة في عملية إرهابية كان يراد منها سفك دماء العسكريين والمدنيين وإثارة الهلع في صفوف المواطنين ومحاولة فرض موطأ قدم ثابت لهم في منطقة لبنانية حساسة من الناحية الديموغرافية والجغرافية.
÷ مشارك مباشرة وشخصيا في جميع الاعتداءات والمعارك التي استهدفت الجيش اللبناني.
÷ المشاركة في تصفية عسكريين من الجيش وقوى الأمن الداخلي ومدنيين بزعم التواصل مع الأجهزة الأمنية الرسمية اللبنانية.
÷ إعداد سيارات مفخخة وإرسالها الى الداخل اللبناني خصوصا الضاحية الجنوبية.
÷ إعداد وتجهيز سيارات مفخخة في الآونة الأخيرة تمهيدا لإرسالها الى بيروت.
÷ معلومات ومعطيات تتحفظ الجهات المعنية عن البوح بها حاليا نظرا لحساسيتها وتأثيرها على سياق متابعة مجموعات إرهابية و «خلايا نائمة».
ماذا عن المسار العملاني للعملية؟
بعد عملية رصد ومتابعة استمرت ثلاثة أشهر، تبيّن أن أحمد أمون يغيّر أماكن سكنه باستمرار، ويتعمد التواجد في مكان محكم أمنيا أي لا يمكن الوصول اليه إلا عبر ممر واحد ومكشوف، وكان دائما يتجول وهو يحمل حزاما ناسفا لا ينزعه عن جسده إلا في أثناء نومه حيث يبقيه إلى جانبه داخل المنزل.
قرابة الساعة السادسة من صباح أمس، وفي توقيت تم اختياره ربطا بانعدام حركة النازحين والمواطنين، تم تحديد مكان تواجد أحمد يوسف أمون في منزل يقع عند طرف أحد المخيمات في وادي الأرانب، وله ممر ترابي إجباري وحيد، فعمدت «قوات النخبة» في مديرية المخابرات إلى الطلب من مجموعة أولى الزحف مسافة تصل الى حوالي ألف وخمسمائة متر حتى مسافة أمتار قليلة من الهدف المحدد.
وما إن تموضعت هذه المجموعة، حتى انتقلت مجموعة ثانية من «قوات النخبة» بسيارات مدنية للتمويه في طريقها الى منزل أمون.
بعد نجاح المجموعتين في تطويق الهدف، تم الإطباق عليه، فبادر أمون ومن معه الى إطلاق النار على المجموعتين، فدار اشتباك بالأسلحة الرشاشة الفردية والمتوسطة، أدى الى إصابة أمون بجروح بليغة في الوريد وفي يده، ومقتل مرافقه، فسارع الجيش الى نقل أمون بعد سحبه من المكان، بواسطة طوافة عسكرية الى أحد مستشفيات بيروت، فيما كانت المجموعتان تنجحان في توقيف أحد عشر إرهابيا كانوا برفقته، بينهم إرهابيان حاولا الهرب ولكن أُلقي القبض عليهما خارج المنزل نتيجة الطوق المحكم الذي ضربه اللواء التاسع في الجيش المنتشر في المنطقة، كما تمت مصادرة كميات من الأسلحة والذخائر والأحزمة الناسفة في أثناء تنفيذ العملية.
ونظرا الى طبيعة ميدان العملية ومكان تواجد الإرهابي أمون، وضعت خطة طوارئ عسكرية مُحكَمَة للتدخل في الوقت المناسب شارك فيها أكثر من سلاح تابع للجيش، بحيث تم تقطيع المنطقة الى مربعات أمنية، فيما أقفل اللواء التاسع كل الطرق الترابية التي يمكن أن يفر عبرها الإرهابيون راجلين.
وشاركت في تنفيذ خطة الطوارئ طوافات عسكرية ووحدات من اختصاصات متعددة، فضلا عن تجهيز أسلحة نوعية للتدخل عند الحاجة، إلا أن العملية تمت من دون وقوع أي إصابة في صفوف الجيش أو أي خسائر مادية.
يُذكَر أن أوامر قيادة الجيش كانت تقضي بإلقاء القبض على الإرهابي أمون الملقب بـ «الشيخ» وهو على قيد الحياة، لأن اسمه ورد في معظم التحقيقات مع إرهابيين موقوفين، وبالتالي، يشكل كنزا معلوماتيا كبيرا جدا، إذا نجح المحققون في جعله يعترف بكل ما يملك من معطيات حاسمة تساعد في منع حصول عمليات إرهابية جديدة.
أما الموقوفون الذين ألقى الجيش اللبناني القبض عليهم في عمليته النوعية في وادي الأرانب الى جانب أحمد أمون، فهم: عصام صديق، عبد الرحمن الغاوي، محمد الغاوي، حسام العكلة، عكرمة عيوش، تهامة عيوش، عدنان فاضل، عبداللطيف صديق، محمد أمون، أحمد يوسف أمون وعلي أمون.
واللافت للانتباه حصول حالة من الهلع والإرباك الشديدين في صفوف الإرهابيين «الدواعش» المتواجدين في المنطقة، بحيث عمدوا الى الهرب في اتجاه أعالي جرود عرسال.
وعلم أن قيادة الجيش تلقت اتصالات من مراجع سياسية وعسكرية لبنانية وعربية وأجنبية أشادت بعملية عرسال وبالحِرَفِية العالية في الرصد والتنفيذ.
وصدر عن قيادة الجيش مديرية التوجيه، البيان الآتي: «في عملية استباقية نوعية وخاطفة، هاجمت قوة خاصة من مديرية المخابرات فجر اليوم (أمس)، بمؤازرة وحدات الجيش المنتشرة في منطقة عرسال، مركزا لتنظيم داعش الإرهابي في وادي الأرانب في جرود المنطقة، حيث اشتبكت مع عناصره بمختلف أنواع الأسلحة، وتمكنت من اقتحام المركز، وأسر 11 عنصرا على رأسهم الإرهابي الخطير أمير داعش في عرسال أحمد يوسف أمون الذي أصيب بجروح بليغة. وقد أنهت القوة العملية من دون تسجيل أي إصابات في صفوف عناصرها، وصادرت كمية من الأسلحة والذخائر والأحزمة الناسفة، مع الإشارة إلى أن الموقوف أمون متورط في أوقات سابقة بتجهيز سيارات مفخخة وتفجيرها في مناطق لبنانية عدة منها الضاحية الجنوبية، بالإضافة الى اشتراكه في جميع الاعتداءات على مراكز الجيش خلال أحداث عرسال، وقتل مواطنين وعسكريين من الجيش وقوى الأمن الداخلي بتهمة التواصل مع الأجهزة الأمنية، وتخطيطه في الآونة الأخيرة لإرسال سيارات مفخخة إلى الداخل اللبناني لتنفيذ تفجيرات إرهابية».