تدابير أميركية في لبنان للتصدي لاحتمال تفعيل “داعش” عملياته الانتقامية.
تعي الادارة الأميركية تماما أن “تزخيم” عملها في مجال مواجهة “داعش” في سوريا والعراق قد يرفع من منسوب الخطر الأمني المحدق بها، كما بمؤسساتها والمقرات التابعة لها في الدول حيث للتنظيم الارهابي امتدادات بطريقة أو بأخرى. ويُعتبر لبنان احدى هذه الدول التي تخشى واشنطن ان يشهد عمليات انتقامية بحقها تشنها خلايا نائمة تابعة لـ”داعش” أو أخرى قد تتسلل عن طريق سوريا اليها.
ولعل الزيارات المتتالية لمسؤولين وقادة عسكريين أميركيين الى لبنان، وآخرهم قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جوزف فوتل، الذي ارتأى التواجد على الخطوط المتقدمة للجيش اللبناني على الحدود الشرقية مع سوريا، مؤشرات واضحة لمدى الانشغال الأميركي بالتصدي لأي محاولات من قبل “داعش” لتنفيذ عمليات انتقامية مما يحصل بحقه في سوريا والعراق، كما لأي مساعٍ للعناصر المتشددة بالوصول الى البحر الأبيض المتوسط، للتوجه منه الى اوروبا او حتى الى الولايات المتحدة الاميركية لتنفيذ عمليات أمنية كبيرة.
وبحسب مصادر معنية بالملف، فان واشنطن بدأت تدرس خيارات “داعش” بعد سقوط ما يُعرف بـ”عاصمته” في مدينة الرقة في الشمال السوري بالتزامن مع خسارته الموصل العراقية، وهي تدرك تماما ان احد السيناريوهات التي قد يلجأ اليها التنظيم، هي الهرب باتجاه لبنان عبر مجموعات صغيرة بمحاولة لتنفيذ عمليات انتقامية فيه بحق مصالح اميركية او لبنانية على حد سواء، او اتخاذه ممرا باتجاه دول اوروبية او اميركية.
وقد اطلع المسؤولون والقادة الاميركيون، وفق المصادر، خلال زياراتهم الأخيرة على احتياجات الجيش اللبناني للتصدي لأيّ محاولات من هذا النوع وبخاصة لامكانية التسلل عبر الحدود الشرقيّة. وهم بدوا جاهزين لتلبية اي طلبات تؤمن حماية الحدود وترفع من مستوى الجهوزية العسكرية في المنطقة. وأضافت المصادر: “القادة الاميركيون في المنطقة يحاولون الضغط على الادارة الاميركيّة الجديدة التي تحاول التخفيف من النفقات من خلال الحد من برامج التدريب ومن بعض المساعدات التي تقدم للدولة اللبنانية او غيرها من الدول، وحثّها على الابقاء على وتيرة هذه المساعدات على ما هي عليه وان أمكن رفعها للتصدي للمخاطر المحدقة”.
أما على صعيد الاجراءات في الداخل اللبناني، فتزور باستمرار فرق أميركية متخصصة بمجال الأمن مؤسسات تابعة لواشنطن للاطلاع على مستوى الحماية فيها، وهي عمدت الى رفعه مؤخرا تماشيا مع المرحلة حتى انها ارتأت ازالة اسماء بعض المؤسسات عن المقرات تفاديا لاستهدافها من منطلق أنّها تابعة مباشرة للدولة الأميركية وبالتالي قد تكون هدفا لـ”داعش” في حال قرر تفعيل سيناريو العمليات الانتقامية خارج الحدود السورية والعراقية.
بالمحصلة، وان كان قرب سقوط المعاقل الاساسية للتنظيم المتطرف في سوريا والعراق قد يبدو خبرا جيدا للكثيرين، الا انّه يرفع مستوى الخطر ويضاعف المخاوف في الدول المجاورة، كما في دول اوروبا التي تعي تماما انها ستكون مواقع تجذب الارهابيين المنهزمين الذين سيبحثون عن أقرب فرصة للانتقام.