تقاذف اتهامات بين الشركات والمستودعات والصيدليات… والنتيجة: المواطن بلا ادوية…. فمن المسؤول؟!
“نشر موقع المدن:
رسائل يومية عبر مجموعات الواتساب، تسأل عن الأدوية وحليب الأطفال، وعن الصيدليات التي تتوفّر لديها أو ربما الجمعيات التي تقدّم مساعدات اجتماعية. لا يصل الجميع إلى نهايات سعيدة، فيما الإجابة التي تتردّد دائماً، هي عدم استجابة شركات الأدوية لطلبات الصيدليات. وتتعدّد الأسباب، لكن أبرزها انتظار ارتفاع سعر صرف الدولار. لتصبح مقولة “مشتريه عالغالي”، كلمة السرّ في قطاع الدواء كما في باقي السلع.
المشكلة في التوزيع
يردّ الصيادلة على شكاوى المرضى بأن شركات الأدوية لا تلبّي الصيدليات بالكميات المطلوبة وفق الفواتير التي يرسلونها. والشركات تحيل أسباب النقص إلى حجم الموافقة على الاستيراد وتأمين الدولار لإتمام العملية. أي أن المسؤول في هذه الحالة هو وزارة الصحة ومصرف لبنان. فهذان الطرفان يحدّدان أنواع الأدوية وكمياتها المفترض استيرادها. وبالتالي، يتحكّمان بالدواء المتوفّر للسوق.
هي جزئية صحيحة لكنها لا تعكس كامل الحقيقة. إذ تشير مصادر صيدلانية في حديث لـ”المدن”، إلى أن الشركات المستوردة “تعاني من عدم القدرة على تسهيل وتسريع عملية الاستيراد، لكنها في المقابل تعيق توزيع الدواء المستورد على الصيدليات. فالشركات في مكانٍ ما هي جزء من أسباب الأزمة نظراً لعدم توزيعها للكميات والأنواع التي سُمِحَ لهم باستيرادها”.
وتقول المصادر أن بعض الشركات “تراقب حركة الدولار، فإذا ارتفع أو كان هناك توقّعات بارتفاعه، يُحجمون عن تلبية طلبات الصيدليات”. ولا تعترف الشركات بهذا التبرير رسمياً، بل تتذرّع بالمعوقات الإدارية لتبرير عدم التسليم أو التأخّر.
وللإنصاف، تلتزم بعض الشركات بمسار عمل منتظم، فتسلّم الأدوية المتوفّرة وتلتزم بالأسعار الرسمية، بل تعمد إلى “إرجاع الطلبات وإعادة فوترتها بأسعار جديدة في حال انخفاض أسعار الدولار وصدور مؤشر أسعار جديد للأدوية”. ومن ناحية ثالثة، هناك إحدى الشركات “لم تسلّم أدوية منذ نحو 4 أشهر. وموعودون باستئناف التسليم خلال الأسبوع المقبل”.
إقفال الصيدليات
المستوردون يتشاركون مع الصيادلة عدوى ذريعة الشراء بسعر مرتفع. فبعض الصيادلة لا يلتزم بالأسعار المنخفضة التي يتضمّنها مؤشر الأسعار، ويساعدهم في ذلك غياب الرقابة بشكل أساسي، واعتياد كل القطاعات على تلك الذريعة. ويلفت أحد الصيادلة النظر إلى أنه “لا يمكن للصيدلاني احتمال الخسارة، لأنه فعلاً يكون قد اشترى دواءً بسعر مرتفع، وعليه بيعه بسعر مرتفع لتحقيق الربح، وإلا فلن يستمر بالعمل”.
الاعتصام وإقفال الصيدليات احتجاجاً، لم يسجّل خرقاً في الجمود، بل زاد الضغط على المرضى، وهو ما يتحاشاه الصيادلة اليوم. ولذلك، لا يفكّر الصيادلة بإقفال صيدلياتهم احتجاجاً على عدم تسليمهم الدواء أو رفع أسعاره، بل الحل هو “تسليم ما تيسّر من أدوية. وهو الحل الوحيد المتاح، إلى أن يحدث تغيير عام على مستوى البلد يُفضي إلى حلّ مشكلة تأمين الدولار بالتزامن مع تفعيل الرقابة للتأكد من وصول الدواء إلى الصيدليات وبيعه للناس بالأسعار والكميات المطلوبة”.
لا رقابة على شركات الأدوية، ولا أحد يتأكد من الكميات الموجودة في المستودعات وجداول تسليمها إلى الصيدليات. بل تنصاع وزارة الصحة لإرادة الشركات، وخصوصاً الكبيرة منها والمتحّكمة بالسوق، وكأنَّ بالوزارة تطبّق شعار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “بدنا نتحمّل بعضنا”، فتطلب من الصيادلة والمواطنين التحمُّل رغم وضوح المشهد وقتامة مستقبله.