ثلاثة تحديّات تواجه بن سلمان في طريقه الى قيادة السعودية
حملة مكافحة الفساد، التي أطلقها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والاتفاقات التي تعرضها السلطات على المحتجزين لدفع جزء من أموالهم في مقابل إطلاقهم من الاحتجاز، ربما استبقت أعداداً كبيرة من صفقات الفساد وقد كانت ستمرّ بشكل طبيعي.
صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، اعتبرت أن “حملة بن سلمان” هي احدى طرق مكافحة الفساد، لكن التجربة تخبرنا بأن مثل هذه الحملات، تميل نحو التعسّف، وتؤدي الى تمزّق الإجماع السياسي وتهز ثقة المستثمرين والأسواق المالية”.
وأضافت: “كما يمكن لهذه التكتيكات الثقيلة أن تعيق جهود “الأمير الشاب”، بدلاً من المساعدة، لتحقيق أهدافه الجديرة بالثناء بالنسبة للبلاد”.
“الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد الذي يبلغ 32 عاما، يتصرف بالتأكيد على افتراض أنه يمكن أن يكون على رأس الدولة لمدة خمسة عقود أو أكثر. ولذلك فهو يرى نفسه في مهمة تاريخية لتحويل الاقتصاد السعودي جذرياً، والأهم من ذلك، تحديث المجتمع السعودي”.
ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن “التاريخ وشعبه سيحاسبه على نجاح أو فشل هذه المؤسسة المهمة، وهو سبب محتمل لتوطيده السريع للسلطة. كما يبدو أن الأمير يراهن على المستقبل بدعم قوي بين النساء والسعوديين المتعلمين، وبشكل كبير، جيل الشباب”.
وتتلخص رؤية ولي عهد المملكة لمستقبل بلاده في اقتصاد أكثر تنوعاً، وقطاع خاص نابض بالحياة وموسّع، ودور مهم للمرأة في المجتمع، وقوة عاملة سعودية تحل تدريجياً محل المغتربين في جميع قطاعات الاقتصاد.
وقالت “فاينانشال تايمز” إنه من أجل تحقيق هذه الأهداف، يواجه بن سلمان ثلاثة تحديات رئيسية: “التنوع الاقتصادي، والتحديث الاجتماعي والثقافي، وتأمين بيئة محلية وإقليمية هادئة لتحقيق هذه الأهداف”.
وفيما يتعلق بالتنويع الاقتصادي، لا يزال اعتماد المملكة العربية السعودية على النفط أمرا بالغ الأهمية، إذ يمثل حوالي 80% من عائدات التصدير وإيرادات الميزانية.
وأوضحت الصحيفة أن السعودية ستواجه تحديا يتمثل في تكرار تجربة الاقتصادات الناشئة الصغيرة التي قللت بشكل ملموس من الاعتماد على موارد مستنفدة، مثل المكسيك وماليزيا وإندونيسيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن البلدان الثلاثة بدأت في وقت مبكر من عصر العولمة وربطت اقتصاداتها بسلسلة القيمة العالمية للإنتاج والتجارة. وشملت السياسات المستهدفة التحرير الانتقائي للتجارة، وتقييد نمو الأجور، وأسعار الصرف المرنة. وعلى النقيض من ذلك، فإن نظام التجارة في المملكة العربية السعودية يكاد يكون خاليا من التعريفات، في حين أن النمو القوي للأجور والعملة المبالغ في تقديرها، المرتبطة بالدولار الأميركي، قد أضعفت القدرة التنافسية. “والأهم من ذلك، هناك عدم تطابق بنيوي في المهارات والمؤهلات التعليمية للقوى العاملة السعودية فيما يتعلق بالطلب في السوق”.
أما التحدي الثاني فهو يتعلق بالأول، وهو خاص بجهود بن سلمان لتحديث المجتمع السعودي وتحريره في بعض النواحي من خلال التقليل من التقاليد والمواقف الثقافية الجامدة. وهنا يبدو أن الأمير، الذي كان بالفعل في مواجهة مع المؤسسة الدينية القوية، قد حقق انتصارات مبكرة، مشيرة إلى نزع سلطة التوقيف من الشرطة الدينية “المطوعون”، كما أنه سمح بقيادة المرأة.
واختتمت الصحيفة بالقول، يتمثل التحدي الأكبر في إصلاح الأعراف الاجتماعية والثقافية العميقة وإصلاح النظام التعليمي، حيث تحتفظ المؤسسة الدينية بنفوذ هائل”.
(فاينانشال تايمز- سبوتنيك)