جسم غريب افقده بصره ويده اليمنى… علي تفصله عن الموت أو الحياة ساعات
داخل قاعة الانتظار في مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك، يجلس الخمسيني محمد زغيب والد الشابين علي (22 عاماً) وسالم (17 عاماً) اللذين اصيبا اول من امس بجروح بالغة جراء انفجار جسم مشبوه بالقرب من منزلهما في سهل بلدة دورس – قضاء بعلبك.
بعينين دامعتين وقلب خافق يستقبلك الوالد بعدما لفه الحزن الى غير موعد لما اصاب العائلة، بالرغم من ان جروح سالم باتت في حال جيدة، غير ان شقيقه علي لم يسلم ولا يزال في قسم العناية المركزة يصارع بعدما خسر عينيه وبترت يده اليمنى وفقد عدداً من اصابع يده اليسرى إضافة الى اصابته بجروح بالغة في ساقيه ومختلف انحاء جسده .
حيرة العائلة المؤلفة من 9 افراد والتي بالكاد تستطيع ان تؤمن قوتها اليومي لا تخفى على احد فهي في حيرة من امرها عن كيفية التصرف أو تأمين كافة مصاريف الاستشفاء، خصوصاً ان علي بحاجة الى عناية خاصة وعمليات عديدة للحد من اعاقاته التي اصيب بها. فالعائلة من ذوي الدخل المحدود وليس لها القدرة الكافية لتغطي مصاريف علاجه والمعيل الوحيد للعائلة هو الاب الذي يعمل على سيارة اجرة قديمة العهد، كما ان منزلهم غير صحي وغير مؤهل لاستقبال علي بحالته الصحية هذه حيث استبدلت فيه ابواب الخشب بستائر قماش.
يوضح شقيق الجريحين الاكبر حسين لـ “النهار” ما جرى مع شقيقيه الذين كانا يعملان على جمع وتقطيع الاخشاب بهدف تأمينه للتدفئة، حيث التقطت يدا علي جسماً غريبًا وما ان حركه بين يديه حتى انفجر به والى جانبه شقيقه سالم. وعلى الفور خرجت العائلة جراء الصوت القوي لتجد علي وسالم ملقيين على الارض بدمائهما ويصرخان، الى ان نقلا الى مستشفى دار الأمل الجامعي لتلقي العلاج، وبعد انتظار لاكثر من 6 ساعات امام باب غرفة العمليات اخبرنا الطبيب عن حالة سالم المستقرة غير ان الصدمة كانت بما اصاب علي حيث ابلغنا من الطبيب انه في حاجة الى 48 ساعة ليتجاوز مرحلة الخطر فقد تمكن الاطباء من ايقاف النزيف في مختلف انحاء جسمه غير ان جهازه المناعي قد ضعف ولم يعد مكتمل الجسد وسيكون عاجزاً عن الرؤية مجدداً فقد خسر عينيه بالكامل الى جانب يديه .
تحاول عائلته عبثاً مسابقة الزمن لتلقي الدعم من المعنيين في الدولة للتخفيف من آثار الإعاقة القاسية التي طالت العشريني علي وستتفاقم المعاناة الطبية والنفسية بعد ان يستعيد علي وعيه ومعرفته بوضعه الصحي الحالي، من هنا تناشد العائلة عبر “النهار” كل من الرؤساء الثلاثة ووزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية الوقوف الى جانب علي خصوصاً مع ارتفاع تكاليف علاجه وعدم وجود هيئات تتكفل بنفقاته حتى الآن .
لن يكون لدى علي أمل في الشفاء لرؤية نور الحياة من جديد وتظل آلامه ومعاناته حبيسة جدران غرفته المظلمة، مع حلمه الذي راوده كل يوم وهو أن تسير حياته بشكل طبيعي، ويجد وظيفة تساعده على اعالة عائلته. الا ان علي الذي كان الاهتمام باشقائه ياخذ منه قسطاً لن يعود مبصراً كما كان، فهو الان مضطر للاعتماد على الآخرين، وهي أكبر صعوبة في حياته، ومساعدتهم في الحصول على علاج وتأمين أطراف لحالات البتر.