جمعية المودعين… نقطة تحوّل لاسترداد الأموال؟
وصفت بأكبر عملية احتيال في التاريخ على شعب بأكمله خسر مدّخراته وجنى عمره، كان لا بد من التحرّك، فتأسست جمعية حقوق المودعين بهدف أساسي ورئيسي هو توعية المودعين على حقوقهم. فماذا حققت هذه الجمعية بعد حوالى 10 اشهر على إطلاقها؟ وكيف سهّلت امور المودعين الذين تجمعهم مصيبة واحدة: الأموال المحجوزة في المصارف.
تأسست جمعية حقوق المودعين في شهر نيسان من العام الماضي انطلاقاً من ضرورة خلق كيان يجمع المودعين تحت سقف جمعية او رابطة. ويمثّل هذا التجمّع المودعين في لبنان، ويعمل قدر الإمكان على المحافظة على حقوقهم، ويقدم التوعية والنصح لكيفية التصرّف في السعي الى استرداد أموالهم. فكيف تأسست هذه الجمعية؟ ومن أعطاها تفويضاً للتحدث باسم المودعين؟ وهل يمكنها اتخاذ صفة الادعاء في أي دعوى؟
مؤسس جمعية حقوق المودعين ورئيسها حسن مغنية أقدم العام الماضي على إقفال احد المصارف «بالجنزير»، مطالباً بإعطائه جزءاً من وديعته لدفع تكاليف استشفاء والدته المريضة، الى ان تحقق مطلبه بعد اسبوع. انطلاقاً من ذلك أسس هذه الجمعية التي لقيت تفاعلاً ضخماً من قبل المودعين، بحيث سجل في شهر واحد ولوج أكثر من 8 ملايين زائر على موقعه الالكتروني من مختلف دول العالم، من لبنانيين ومغتربين وأجانب وعرب، غالبيتهم لديهم ودائع في لبنان.
واكد مغنية ان هذه الجمعية تمكنت خلال اشهر فقط من مساعدة مودعين كثر على تحصيل حقوقهم من المصارف.
وقال: على سبيل المثال لجأ إلينا مودع مغترب كان قد اعطى لوالده وكالة عامة، الا انّ احد المصارف استغل سِن الوالد وجعله يبصم على القبول بتحويل وديعته من الدولار الى الليرة اللبنانية وفق تسعيرة 1500 ليرة من دون علم الابن. فتحركت الجمعية ووقفت الى جانب الوالد، وتمكنت من استرجاع الوديعة الى الدولار كما كانت.
كذلك ساعدت الجمعية المودعين من خلال تقديم التوعية الى حقوقهم بالتعميم الصادر عن مصرف لبنان والمتعلق بالقروض بالدولار، اذ لاحظ غالبية المودعين انّ بعض المصارف تحركت من دون وجه حق لسحب دولارات من حساب الكفيل، بمعنى آخر، من لديه قرض بالدولار سمح المركزي ان يسدده وفق تسعيرة الـ1500 شرط الا يكون لديه حساب بالدولار في المصرف المأخوذ منه القرض، لكنّ بعض المصارف لجأت الى سحب أموال من كفيل القرض اذا كان لديه حساب بالدولار، لكننا وبتحرّكنا، نجحنا في إجبار المصارف على التزام التعميم.
وعن كيفية مساعدة الجمعية المودع، يقول مغنية ان المساعدة تختلف بين مودع وآخر باختلاف طلبه، فالمودع الذي لديه وديعة بالدولار وجاءنا لطلب مساعدة لسحب أمواله بالدولار لا يمكننا ان نساعده لأنه مطلب تعجيزي، إذ ليس في إمكان أي طرف ان يحصل اليوم على دولار واحد من البنك. لكن يمكننا ان نضغط على المصرف مثلاً ليتخطى المودع السقف المسموح في سحب الأموال.
يقصدنا أيضاً المودع الذي يُلزمه مصرفه بتسديد دينه بالدولار في وقت يسمح تعميم المركزي بتسديده بالليرة وفق تسعيرة 1500 ليرة. هنا نتدخل ونضغط على البنك للالتزام بالتعميم.
ونحن أيضاً نعالج شكاوى تتعلق بالحسومات الشهرية من حسابات المودعين المصرفية من دون وجه حق، من خلال الاعتصام بالمصرف والاعتراض.
وبعد تلقّينا أكثر من 7000 شكوى عن إقدام المصارف على اغلاق حسابات مصرفية من دون العودة الى أصحابها، نجحنا بالقانون في إرغام المصارف على إعادة فتح آلاف الحسابات للمودعين.
وأكد مغنية ان الجمعية تؤمّن استشارة محامين متى دعت الحاجة، وتُقدّم النصح، مثل دعوتها الناس الى عدم سحب أموالهم بالدولار المحلي وفق تسعيرة 3900 ليرة والى رفض haircut بما يفوق 60 في المئة من ودائعهم الا اذا كانوا بحاجة الى هذه الأموال، لأنّ تخزين الليرة اللبنانية في المنازل خطوة فيها خسارة للمودع.
وأكد مغنية انّ القضية الكبرى للجمعية هي استعادة أموال المودعين كاملة، مؤكداً ان لا حل لهذه القضية الا
بعد تشكيل حكومة جديدة، وتخفيف الاحتقان السياسي، واسترداد الأموال المحولة والمهرّبة الى الخارج.
في الشق القانوني هل يحق للجمعية ان ترفع دعاوى باسم المودعين وتتوكل عنهم؟
يقول رئيس منظمة جوستيسيا الحقوقية المحامي بول مرقص انه ليس لجمعية المودعين صفة الادعاء في الشأن العام، إنما يقتصر دورها على تثقيف الرأي العام على حقوقه ومعارضة بعض الممارسات التي تقوم بها المصارف من خلال تجميع الرأي ضدها. وأوضح انه وفقاً لقانون الجمعيات العثماني الصادر في أيلول 1909 لا تُعطى الجمعيات حق الادعاء في قانون الشأن العام الا اذا أعطاها القانون هذا الحق. على سبيل المثال، اعطى قانون حماية المستهلك الصادر عام 2000 الحق لجمعية المستهلك الادعاء بهدف حماية المستهلكين، الّا ان القوانين اللبنانية لم تعط كل الجمعيات الحقوق المطلقة للادعاء في جميع قضايا الشأن العام.
ورداً على سؤال، أوضح مرقص انه يمكن لهذه الجمعية ان تحثّ المودعين على رفع دعاوى للمطالبة بحقهم إنما ليس توجيههم لرفع دعوى، لأنّ إقامة الدعوى وإعطاء المشورة يعود حصراً للمحامين، ولا يمكن لأي جمعية ان تحل مكانهم، فالمشورة في مواضيع الادعاء تعود حصراً للمحامين من دون سواهم، وذلك استناداً الى قانون تنظيم مهنة المحاماة واشراف نقابة المحامين، وهذا حق غير قابل للانتقاص منه ولا يمكن لعمل الجمعية ان يوازي عمل المحامين كأفراد او كنقابة.
جمعية المودعين
تعتبر جمعية المودعين انّ إعادة الثقة لا تكون بالتصرفات المجحفة بحق المودعين الذين كانوا دائماً عصب الاقتصاد وشريانه الحيوي، لذا هي أعدّت كتاباً رفعته الى جمعية المصارف عرضت خلاله لبعض الإجراءات الواجب اتخاذها، اذا كانت هناك نية بإعادة ثقة المودعين الى القطاع المصرفي، وأبرزها:
1- معالجة موضوع اقفال حسابات المودعين.
2- إجبار المصارف على قبول فتح حسابات للمواطنين الموظفين
3- عدم تجميد الشيكات الصغيرة.
4- عدم المساس بحساب الكفيل ان كان المقترض لا يملك حسابا دولاريا ولا يتخلف عن الدفع.
5- تسليم fresh money كما هي العملة وعدم الاقتطاع منها وعدم تسليم نصفها بالدولار ونصفها بالعملة اللبنانية على سعر صرف المنصة.
6- توقف المصارف فوراً عن زيادة اي نسبة على اقساط القروض وإلغاء ما تمّت زيادته.
7- التوقف عن استيفاء عمولات على البطاقات الدولارية.
٨- وقف التجميد التلقائي للحسابات من دون موافقة العميل وتحويل الوديعة الى سندات خزينة.
٩- الالتزام التام بتطبيق التعاميم لا سيما في ما يخصّ الاسهم التفضيلية وسداد القروض.
١٠- العمل مع المركزي لإيجاد حلول لمَن أودع أمواله بالعملة الوطنية، لا سيما موظفي القطاع العام اصحاب تعويضات نهاية الخدمة.
المصدر : ايفا ابي حيدر – الجمهورية