رحل والمسبحة في يده… إبن الـ26 عاماً ‘ نام ولم يستيقظ ‘… وشقيقته تكشف تفاصيل اضافية !
“نشر موقع النهار:
تتوالى صورهم تباعاً، صورهم المعلّقة على الحائط والمحفورة في قلوب محبيّهم. إنّهم شباب غدرتهم قلوبهم بشكل مفاجىء، مخلّفين وراءهم صدمة وجرحاً لا يندمل.
نكتب مجدّداً عن قصة شاب آخر، وفاجعة موت جديدة؛ فابن الـ26 عاماً غدره قلبه، ونام ولم يستيقظ، ثمّ رحل بصمت، مُخلّفاً وراءه حالة من الفوضى العاطفيّة.
لم يكن هذا المصطلح مألوفاً عند كثيرين. كنّا نسمعهم يقولون: “توقّف قلبه، أو انفجر قلبه”، لكنّ لتوقّف القلب طبيّاً، خصوصاً عند الشباب، أسباباً أخرى، قد تتعلّق ب#كهرباء القلب في معظم الحالات، وبأمراض القلب الأخرى أحياناً.
جورجيو معوّض، شاب عشرينيّ، يعيش حياته بشكل طبيعيّ، ولم يكن يعاني من أيّ مشكلة صحيّة إلا أنّ قلبه، الذي كان ينبض يومياً، توقّف فجأة عن الخفقان.
جورجيو ليس الوحيد الذي خذله قلبه، فاللائحة تطول بأسماء الشباب والصبايا ممن لا تتجاوز أعمارهم الـ35 عاماً، والذين قضوا جميعهم بالطريقة نفسها، أي “توقّف قلب مفاجىء”.
يصعب الجزم في المسألة طبيّاً، خصوصاً في حال عدم تشريح الجثة، للتأكّد من السبب الأساسيّ للوفاة. لكن كهرباء القلب ترتبط بشكل كبير في وفيات القلب عند هذه الفئة الشابة.
يصعب على شقيقته جويس استيعاب رحيل شقيقها الوحيد، وهي التي كانت آخر من شاهده في تلك الليلة قبل أن يخذله قلبه.
تقول لـ”النهار” “أمضى شقيقي السّهرة في منزلي. طلبتُ إليه أن ينام الليلة، لكنه اعتذر بحكم عمله في اليوم التالي. ودّعته مع ابني، الذي كان يلحّ عليه للبقاء، قائلاً له “خلّيك خالو ما تفلّ”، إلا أنّه شرح له عدم قدرته على المكوث، لأن لديه عملاً، وسيعود مرّة أخرى. خرج مبتسماً. كنّا نضحك، وكانت هذه اللحظات الأخيرة له. رحل إلى المنزل حيث غدره قلبه في المساء”.
أكان يشعر في داخله أنّ الموت وشيك؟ أكان يعرف أن ما يقوله سيكون آخر كلماته في هذه الحياة؟
تستعيد شقيقته جويس اللحظات الأخيرة، دردشات أصدقائه، كلّ تفصيل صغير يأخذها إلى شقيقها جورجيو، فتعترف: “لقد زار كلّ مَن يحبّ في ذلك النهار. كان مبتسماً ويحبّ الحياة بجنون. وفي الصباح، قال لأصدقائه “إذا متت قولوا لأمي وبيّ إنّي بحبّهم كتير. وقولو لأختي إنّي بحبّها كتير، وإنّو سيّارتي لإلها”.
بحسرة وألم تتحدّث شقيقته. ليس سهلاً عليها أن تتحدّث عن شقيقها، الذي توفّي بهذه الطريقة، بشكل مفاجىء. ما يُعزّيها أنّه “لم يتعذّب. نام ولم يستيقظ، وكانت مسبحة الصلاة في يده. وفق الأطباء، سبب الوفاة انفجار في القلب والرئة، لم يشرحوا لنا كثيراً، لكنّهم أكّدوا لنا أنّه توفيّ من دون ألم. توقّف قلبه”.
هذه الصدمة يصعب نسيانها، خصوصاً على والدته، التي دخلت لتوقظه. “دقّ المنبّه، ولكنه لم يصحُ، فدخلت لتتفقّده. نادته ولم يتحرّك. لقد توفّي، وفي يده المسبحة. كانت صدمة كبيرة ستبقى محفورة في قلوبنا إلى الأبد”.
كان جورجيو يحبّ الحياة، طَموحاً، ولا يتعب من المحاولة. وبعد أن ساءت أمور البلد كثيراً، بدأ يفكّر جدياً في الهجرة وتقديم الطلبات بحثاً عن حياة أفضل. لكن الموت كان أسرع من كلّ مساعيه وأحلامه، فخطفه باكراً جداً.
للتوعية أكثر حول كهرباء القلب، يتحدّث الاختصاصي في أمراض القلب والأوعية الدموية وكهرباء القلب، في المركز الطبي للجامعة الأميركية في بيروت، ورئيس شعبة كهرباء القلب في جمعية القلب اللبنانية، الدكتور مروان رفعت، عن الأسباب المسؤولة وكيفية علاجها وتفادي المأساة الناجمة عنها.
يستهلّ الدكتور رفعت حديثه بالقول: “أسباب توقّف القلب الفجائيّ عند الشباب كثيرة، منها:
* اعتلال عضلة القلب الضخاميّ Hypertrophic Cardiomyopathy وهو مرض وراثيّ
* خلل تنسّج البطين الأيمن المحدث لاضطراب النظم
* متلازمة فترة QT الطويلة
* متلازمة بروغادا
* متلازمة وولف باركسون وايت
* ﺗﺴﺮّع البطين ﻋﺪﻳﺪ اﻷﺷﻜﺎل CPVT
* عيوب خلقيّة في الشرايين التاجية
* العامل الوراثي
* العيوب الخلقيه للقلب.
تُصيب هذه المشكلة فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 12- 35 عاماً، ويكون سبب الوفاة ناجماً عن خلل في كهرباء القلب وعدم انتظام دقاته.
أعراض تحذيرية
يُميّز الدكتور رفعت بين الجلطة، وهي انسداد في شرايين القلب، وبين خلل كهرباء القلب. لذلك ثمة أهمية لتشخيص الحالة، وعدم إهمال أيّ عارض، لا سيّما أن العارض الأوّل قد يكون الأخير، ومن أهمّ هذه الأعراض:
– الإغماء
– الدوخة
– تسارع دقات القلب
– غثيان
– ألم في الصدر.
“رسالتنا اليوم” وفق د. رفعت “ليس زيادة التوعية فقط حول مشكلة كهرباء القلب، وإنّما الحضّ على أهمية توفير جهازِ مزيلِ الرجفان القلبيّ AED في الأماكن العامة والجامعات والنوادي الرياضية لإنقاذ أرواح الشباب، الذين يواجهون توقّف القلب المفاجىء. ومن المهمّ الإشارة إلى أنه يُمكن لأيّ شخص استخدام هذا الجهاز في حال تمّ تدريبه عليه”.
كيف يمكن #علاج كهرباء القلب؟
يُشدّد الدكتور رفعت على “أهميّة الكشف المبكر، والتأكّد من التاريخ العائليّ للشخص، وإجراء الفحص السريريّ، وفحص القلب وتخطيطه كهربائياً، وعلى أساس ذلك تُشخّص حالة المريض، ويُحدّد نوع العلاج تالياً”.
أما بالنسبة إلى العلاجات، فيُمكن تقسيمها وفق الآتي:
* أدوية دقات تنظيم القلب
* زرع جهاز لتفادي خطر الوفاة المفاجئة
* الكيّ: وهنا يتمّ إدخال “قسطار” لتحديد موقع الاعتلال وكيّه.