سارة.. ابنة الـ 11 عاماً لا زالت تقاوم المرض !
لا تشبه غرفة سارة إبراهيم، ابنة 11 عاماً، سائر غرف الأطفال. فالألعاب استبدلت بمضخات أوكسجين وأدوات تعقيم وأدوية وأجهزة طبية، وأصبحت غرفتها صورة مصغرة عن غرفة العناية الفائقة.
تعرضت سارة، من بلدة كفرحتى شرقي صيدا، لوعكة صحية في العام 2014، ظنها أهلها “سخونة عادية”، كما تروي أمّها هناء لـ”المدن”. ما استدعى ادخالها المستشفى. وخلال يومين بُلّغ الأهل، بأكثر من أربعة تشخصيات لحالتها. من إلتهابات في الحنجرة إلى إلتهابات في الرئة وصولاً إلى ضعف في عضلة الرئة.
بقيت سارة في العناية المركزة، ووضعت لها أنابيب التنفس لأكثر من عشرة أيام. ثم لجأ الأطباء إلى فتح فتحة في الرقبة لمساعدتها على التنفس وعدم تدهور حالها. وهذه الفتحة، وفق الأمّ والتقارير الطبية التي بحوزتها، لا يمكن أغلاقها خوفاً على حياة الطفلة بسبب ضعف عضلة الرئة.
تقاوم سارة مرضها، الذي بدأ من دون أن تفهم واقعها الصحي جيداً، منذ سنتين. ولاتزال. ما جعل آلة الأوكسيجن رفيقتها الدائمة في المنزل وخارجه، كأنها استبدلتها بحقيبتها المدرسية، التي صارت حلماً عند سارة، الراغبة بمتابعة تعليمها كسائر الأطفال. تحولت سارة من طفلة مفعمة بالحياة إلى طفلة لا تقوى على الحركة بسبب الفتحة في رقبتها، التي رافقتها إنتكاسات صحية، وراح صوتها يضعف مع الوقت.
صدمة الأهل أوقعتهم في الضياع. وقد لجأوا إلى عدد كبير من الأطباء، في محاولتهم فهم حالة سارة وتأمين العلاج لها، وأضحت حياة العائلة بين الملفات الطبية وزيارات المستشفيات، على أمل أن يتمكن الأطباء من إيجاد حل لفتحة الرقبة. فكل ما تملكه العائلة من مال وضع في العلاج، ولاسيما أنه كان على نفقة الأهل في حال عدم تمكن وزارة الصحة من تغطية التكاليف الباهظة.
يتخوف الأهل من أي فيروس يمكن أن تلتقطه سارة جراء الفتحة في رقبتها قد يعرض حياتها للخطر. وهم لجأوا إلى المسؤولين، وآخرهم كان وزير الصحة السابق وائل أبو فاعور، الذي تعهد بالتكفل بعلاجها على نفقة الوزارة. وتبين بعد درس ملفها الطبي، من قبل اختصاصيين في الوزارة ومستشفى الجامعة الأميركية، أن نفقة العلاج الشهرية نحو ألف دولار أميركي، بالإضافة إلى الفحوصات الدورية والمتابعة المستمرة. إلا أن تعهد أبو فاعور بقي كلاماً، رغم محاولة الأم متابعة المسألة، إذ قصدت الوزارة أكثر من خمس مرات وعادت خائبة.
ولم يكفِ العائلة مرض سارة، حتى وجد المعيل الوحيد للأسرة، أي الوالد نجيب، نفسه مصروفاً من العمل من شركة سعودي أوجيه في السعودية، بسبب أزمتها المالية من دون تعويض مالي، بعد أكثر من ثلاثين عاماً من العمل فيها.
سارة، التي أرهق كاهلها المرض، لم تتخلَ عن طموحها في متابعة دراستها. وهي تَعمد إلى الدرس بمفردها في المنزل وتقوية هوايتها في الرسم بمساعدة أمها. وحين تُسأل عن طلبها، لا تقول غير أنها تريد العودة إلى المدرسة. “انقذوا سارة، لتعود إلى طفولتها وتحقق أحلامها التي رسمتها مخليتها”. هي رسالة يوجهها أهلها، أولاً، إلى وزير الصحة الحالي غسان حصباني، لعلّه يكون عهداً جديداً لسارة في علاجها وإعادة الأمل إليها ولعائلتها.