سعره بالدولار ‘الفريش’.. سرقة ‘ديبو البيئة’ تابع في لبنان | تركت سيارتي على المحطة رجعت لقيتها بلا الديبو !
كتب فؤاد بزي في الأخبار:
من وجوه الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان اليوم كثرة السّرقات وحتى تنوّعها ووصولها إلى ميادين لم تكن معروفة سابقاً. فبعدما خبت سرقة الدواليب وإطاراتها أو أجهزة الراديو من السّيارات، ولا سيّما الحديثة منها، نظراً لانخفاض الطلب عليها وتقادم هذه التكنولوجيا، تنتشر اليوم سرقة قطع جديدة مثل «ديبو البيئة» أو مفاعل التحفيز، هذه القطعة الموجودة أسفل السّيارات التي لا نعرف بوجودها ولكنّها أساسية لحسن عمل المحرّك… ومثيرة لشهية السارقين.
مفاعل التحفير
يُعرف «ديبو البيئة» باللغة الإنكليزية باسم catalytic converter وهي قطعة تعمل بكفاءة عالية عند ارتفاع حرارتها، لذلك فهي موجودة على مخرج عادم المحرّك بحيث لا تخرج الغازات الناتجة عن احتراق الوقود إلى الجو (بنزين أو مازوت) قبل مرورها فيها.
احتراق الوقود داخل المحرّك ليس بالعملية الكاملة دائماً، ما يؤدي إلى خروج غازات سامة من المحرّك مثل أحادي أكسيد الكربون CO وأكسيدات النيترات NO أو الوقود غير المحترق بشكل كامل، وهذه النواتج سامة على البيئة والإنسان ما دفع المصنّعين إلى إيجاد حلول كي لا تخرج على ما هي عليه من دون المرور بفكرة وضع فلاتر (مصافي) مكلفة وغير فعالة بشكل مستدام، فكان الحل بتسريع تفاعل الغازات في ما بينها ومع الأكسجين ما يؤدي إلى تفكّكها وإعادة تركيب جديدة تنتج غازات غير سامة مثل ثاني أكسيد الكربون CO2 والنيتروجين N2 الموجودَين أساساً في الهواء الذي نتنفسه.
مكوّنات مفاعل التحفيز
من الخارج، تشبه هذه القطعة كل مكوّنات السّيارة وقد لا تكون مغرية أبداً والغبار يعلوها، أما من الداخل فهي مركبة على شكل خلايا العسل في قفير النحل من مواد معدنية تتحمل الحرارة ولا تتفاعل كيميائياً بنفسها مع الغازات الخارجة من المحرّك وهذه المعادن هي: التيتانيوم، البالاديوم، الروديوم، النيكل، الألومنيوم والبلاتين.
بعض هذه المعادن يُعتبر من المعادن النفيسة ولا سيّما البلاتين المعروف باسم آخر: الذهب الأبيض، وهذا ما جعل ثمن مفاعل التحفيز عالياً يُراوح بين 400$ و2000$ حسب نوع المركبة وحجمها.
السرقة في لبنان
«تركت سيارتي على المحطة رجعت لقيتها بلا ديبو بيئة»، «اشتريت السيارة جديد لقيتها بلا ديبو بيئة». عبارتان تتكرّران على ألسنة مواطنين لبنانيين وقعوا ضحية سارقي قطع السّيارات الذين يقومون، وبكلّ بساطة، باستعمال منشار حديد يعمل على البطارية، من دون الحاجة إلى توصيلات معقدة لقصّ الأنابيب وتحرير المفاعل الموجود أساساً خارج البدن المقفل للسيارة ما يزيد من سهولة هذه العملية.
وبحسب صاحب ورشة تصليح سيارات، السارقون لا يستهدفون كلّ السّيارات بشكل عام بل هناك أنواع معيّنة دون غيرها (لن نذكرها كي لا نساهم بالترويج) بسبب وزن المواد الموجودة داخل المفاعل التي كلّما زادت كلّما ارتفع ثمنها. في لبنان لا يوجد ورش فاعلة يمكنها إعادة تدوير المعادن بل يجري أولاً بيع هذه القطع المسروقة لباحات الخردة التي بدورها تقوم بتصديرها إلى دول أخرى مثل تركيا وألمانيا حيث تقوم مصانع متخصّصة بإعادة استخلاص المعادن النفيسة بعملية تكلّف مبالغ أقل من تلك المدفوعة على استخراج المواد من الأرض، وهنا لا يمكن ملاحقة كل ما باع واشترى كون هذه القطع لا تحتوي على أرقام تسلسلية مثل محركات السيارات أو هياكلها كي يسهل تتبعها وما يضاعف السرقات في بعض الأحيان ثمن المفاعل الأكبر من ثمن السيارة خاصة إذا كانت قديمة.
أما للحماية، فقد ابتُكرت بعض الحلول مثل تركيب صفيحة معدنية أسفل السيارة تغطي المفاعل، وتجعل من المستحيل الوصول إليه بمقصات عادية، أو ببساطة تجهيز المركبة بجهاز إنذار يعمل عند اهتزاز السيارة. وعلى الرغم من تكلفة هذه القطع، فهي ستحميك من دفع مبالغ أكبر ثمناً لمفاعل جديد، ولا سيّما اليوم في لبنان مع تدني قيمة الليرة التي دفعت بشاب يعمل في مؤسسة تعليمية إلى انتظار معونة من أخيه في الخارج لتركيب مفاعل جديد يبلغ ثمنه 600$.
واليوم قد تزيد هذه السّرقات بسبب الشحّ العالمي بمادة البالاديوم المنتجة بنسبة 30% في روسيا ما سيؤدي حكماً إلى زيادة ثمنها كما لأسباب تتعلّق بالوضع الاقتصادي اللبناني وانسداد السّبل.
المصدر : فؤاد بزي- الأخبار