‘غروب العيلة’ خصومات ومشاكل لا تنتهي
المصدر : لها
يعتبر التطور التكنولوجي الذي نشهده اليوم ميزة، جعلت الحياة أسهل، والعالم يبدو وكأنه قرية صغيرة. فما عادت غربة ترعبنا، ولا سفر يبعدنا، حيث قامت وسائل التواصل الاجتماعي على اختلافها، بمهمة ربط الناس وتقريبهم من بعضهم، مهما بعدت المسافات.
حسام بركات
غير أن برنامج “الوتس اب” لا يزال الزعيم في مجاله. فما دمت تملك هاتفا ذكيا فان التطبيق بالضرورة سيحتل مكانه الرئيسي بين تطبيقات الهاتف المتنوعة.
ويتميز”الوتس اب” بأنه الأسهل في التواصل، والأكثر انتشارا بين الناس حول العالم، لذا فهو نعمة من نعم التطور في العصر الحديث، اذا أحسنا التعامل معه.. ولكن ماذا لو حدث العكس؟
سلاح ذو حدين
يتيح البرنامج القدرة على التواصل بأشكال متفاوتة تترواح بين الكتابي والصوتي، وحتى الفيديو والصور، كما يمكن أن يتم التواصل فرديا أوجماعيا (غروب).
وعلى الرغم من جمال التواصل، وتبادل الاخبار، والسؤال عن الاحوال بين أفراد “الغروب” الواحد، فإن هذا لا ينفي وجود النقاش “عالي الصوت” والجدل البيزنطي العقيم، الذي تبدأ معه القصص والروايات والمشاحنات، متناسين أن أصل نشأة المجموعة “الغروب” يهدف للتعارف وتعزيز العلاقات الاجتماعية، غير أنها تخرج عن الهدف وتؤدي الى مشاكل بلا انتهاء، وتنافر بين النفوس، قد يصل الى القطيعة في كثير من الأحيان.
غروب العائلة ..تواصل وهمي
يعد “الغروب” الذي يضم أفراد عائلة واحدة مع بعضها، ( صغيرة أو ممتدة)، الأشهر بين الغروبات، وان تنوعت المسميات بين “غروب العائلة”، أو”غروب الاخوان والاخوات”، أو “أحلى عيلة”، وغيرها من المسميات التي مهما اختلفت بين عائلة وأخرى، فان حديثها واحد وصورها متشابهة ومواضيعها ومناسباتها هي نفسها.
غير أن هذا الشكل من التواصل يعتبر تواصلا وهميا، قد يؤدي الى خلق مشاكل عميقة، لأنه يفتقد لتعابير الوجه، ونبرة الصوت، وحتى الطريقة في التعبير ولحن لفظ الكلمات، الأمر الذي يجعل مثل هذه الغروبات بيئة خصبة للخصومة قد تصل الى انهاء علاقات قائمة منذ وقت بعيد.
وفي هذا المجال أكدت الخبيرة الاسبانية في علم النفس روزاريوليناس: “أن التواصل غير المباشر يخلق مشكلة، لعدم تمكنك من رؤية ردود الفعل المباشرة للطرف الاخر من خلال ملامحه وتعابيره الجسدية، وبالتالي أنت لست على اطلاع بتفاعله الحقيقي ازاء ما تقول”.. ومن هنا تحصل الفجوة في العلاقات، والتي قد تتسع الى أن نفقدها للابد.
ومن جانب آخر فان هذا النوع من الغروبات أصبح منبرا للتفاخر باخر صيحات الموضة وموائد الطعام والهدايا والترقية في العمل، وغيرها من المظاهر الاجتماعية، التي من شأنها أن توقظ الغيرة من سباتها، منتهية بمغادرة الغروب من طرف أحدهم.
الذوق و”الاتيكيت” أولا
قد نستيقظ من نومنا، ونجد أنفسنا “متورطين” في احدى هذه الغروبات، بغير حول منا ولا قوة، وبحسب ما قالته نادين، جاد خبيرة الاتيكيت، في تصريحات سابقة: “ان هذه واحدة من السلوكيات التي تفتقر لابسط قواعد الذوق والاتيكيت في الغروبات بشكل عام، حيث لا يجوز ضم الشخص الا بموافقته، كما عليه احترام عقلية ورأي الاخرين”.
وأضافت جاد في السياق ذاته: “أنه لا بد من من التحية عند الدخول، والقاء السلام عند الخروج، حيث ان التحدث والانسحاب المفاجآن أمر مرفوض”.
وختمت خبيرة الاتيكيت حديثها عن امكانية الخروج من “غروب الوتس آب ” بالقول: “ان الأمر حرية شخصية اذا تمت الاضافة دون رغبة صاحبها، أما اذا كان هناك نوع من الحرج فيمكن الاعتذار”.
قاعدة عامة
وبشكل عام، يرى اختصاصيون أن “علينا ان نحاول قدر الامكان انتقاء كلماتنا وصورنا قبل ارسالها”، حتى لا نتسبب، في وسائل التواصل، بحدوث اشكالية من أي نوع، كما “علينا ان نتقبل آراء وأفكار الآخرين دون تشدد او انحياز مسبق”، وفي حال كان لدينا أمر مخالف بشكل جوهري، فيمكن طرحه عبر التباحث الخاص وليس ضمن المجموعة، حتى نتجنب تعميق الخلاف.