فريق بحث لبناني يكتشف سبباً جديداً لمرض «السمكية»
تمكّن فريق من الباحثين في الأمراض الجلدية والوراثية في «الجامعة الأميركية في بيروت» من تحديد سبب جيني جديد لمرض جلدي نادر يعرف بـ «السمكية» أو Autosomal Recessive» congenital ichthyosis». نشرت نتائج البحث العلمي، في آب الماضي، في المنشورة العلمية المرموقة Human Molecular» Genetics».
تبلغ نسبة الإصابة بهذا المرض في العالم نحو إصابة واحدة لكل 300 ألف شخص، مع ارتفاع خطر الإصابة عند الذكور مقارنة بالإناث. ويعدّ عدد الإصابات في لبنان كبيراً بسبب زواج القربى، فالسمكية مرض وراثي ناجم عن خلل جيني. ويشير الباحث الرئيس والمتخصص في الأمراض الجلدية والوراثية الدكتور مازن قربان الى أنه لا توجد أرقام دقيقة في لبنان.
يسبب المرض الشعور بالألم والاحمرار، وفي بعض الأنواع، يؤثر على الوظائف الداخلية في القلب، الرئة، والكبد، والرأس وغيرها خصوصاً أن الجلد يحمي داخل الجسم من العوامل الخارجية ويساعد على حفظ المياه في الجسم، فإن أيّ خلل في الجلد وتركيبته سيؤثر على وظائف الجسم والأعضاء، ومن الممكن أن يؤدي الى الوفاة.
عاين الفريق الطبّي ما يفوق ثلاثمئة عائلة لديها المرض في مختلف المناطق اللبنانية. وتوقف الفريق عند ثلاث عائلات لم تتطابق الأسباب الجينية المعروفة مع خصائص مرضهم، ما دفع الفريق الى إجراء فحوص طبّية متطورة أكثر بالتعاون مع جامعة Nigata» university» اليابانية. فتوصل الفريق بالتعاون مع الباحث في علم الجينات والجلد Yutaka shimomura، وللمرة الأولى في العالم، الى تحديد بروتين جديد «SDR9C7» مسبب لـ «السمكية» ومرتبط بنشاط Vitamin» A» وبتكوين الجلد.
يساعد هذا الاكتشاف، وفق قربان، على فهم أعمق لتكوين الجلد ووظائف البروتينات، من ثم تحقيق تقدم أكبر في آليات العلاج لمعالجة الخلل. لا تعدّ علاجات مرض «السمكية»، حتى اليوم، فعّالة ومتقدمة. وتقتصر الآليات العلاجية على السيطرة على المرض والعوارض مثل الشعور بالألم والاحمرار. تساعد بعض الإرشادات الطبّية في السيطرة على المرض مثل شرب المياه والمرطبات لعدم خسارة المياه، وتناول المأكولات الغنية بالمياه مثل الفاكهة، والحماية من أشعة الشمس التي تؤدي الى تبخر المياه في الجسم، مع الإشارة الى أن الرطوبة تساعد الجسم على حفظ المياه وجمعها. يشير المتخصص في علم الوراثة والكيمياء الحيوية ومدير شؤون البحوث الأساسية في «الجامعة الأميركية في بيروت» الدكتور جورج نمر إلى أن مرض السمكية يعدّ من الأمراض النادرة أو اليتيمة، لذا لا تهتم شركات الأدوية في توظيف الأموال في البحوث العلمية المرتبطة به. مؤكداً ضرورة رفع الوعي بشأن هذا المرض غير المعدي، ما يخفف النبذ الاجتماعي الذي يتعرض له المرضى ويؤثر على مختلف جوانب حياتهم الطبيعية العملية والعاطفية.
من جهته يلفت قربان إلى وجود بعض التجارب السريرية لبعض العلاجات، ويلحظ اندفاع وحماسة المرضى في دخول هذه التجارب انطلاقاً من رغبتهم في مساعدة الآخرين عبر المساهمة في بلورة علاجات لهذا المرض. مذكراً أن العيادة الخاصة بالحالات الوراثية والجلدية في «الجامعة الأميركية» توفر معاينة وفحوصات جينية شبه مجانية للمرضى وتعمل على إجراء تجارب سريرية لبعض العلاجات الطبّية. يشير نمر الى أن البحوث مموّلة من «الجامعة الأميركية»، ومن «المجلس الوطني للبحوث العلمية» بدعم رئيس قسم الجلد في الجامعة الدكتور عبد الغني كبي، ونائب عميد كلية الطبّ الدكتور فادي بيطار. من ناحية أخرى، يشدد نمر على ضرورة تشجيع البحوث الأساسية « Basic research» المرتبطة بوظائف الخلايا التي تؤلف أعضاء الجسم من خلال نشر الوعي إلى أهمية هذه العلوم، حتى على المستوى المدرسي، ومن خلال إيجاد الحوافز المادّية والمعنوية للباحثين في هذا المجال.