كيف تؤثر الـ’لايكات’ على صحتك النفسية والجسدية؟
في عصر سمته الأساسية السرعة، كانت الفكرة التي قامت عليها وسائل التواصل الاجتماعي هي تحقيق أكبر قدر من التشاركية بين الأفراد على اختلاف أماكن وجودهم، وتداول المعلومات بأسرع وقت فيما بينهم، لكن تعدد هذه الوسائل وتنوع ميزاتها وتطورها جعلت منها ساحة لنشاطات اجتماعية واسعة، تتباين في خصوصيتها وعموميتها، وتجذب إليها ملايين المشتركين الذين يبحثون عن التسلية، ويحركهم الفضول تجاه ما ينشره آخرون.
وأمام جمهور واسع يتابع ما ينشر لحظة بلحظة يبدو لصاحب المنشور استخدام “اللايك” على منشوراته مؤشراً هاماً وحاسماً على قوة ما ينشره وأهميته، وأحياناً مدى ظرافته.
وفي عالم “فيسبوك” تحديداً تثير خاصية “اللايك” الكثير من الجدل، إن لم نقل الكثير من الضغائن والمعارك في فضاء افتراضي. فهذا يجمع مئات “اللايكات” على منشور بسيط لا جهد له فيه، أو على صورة طريفة، في حين يعاني آخر للحصول على العشرات منها فقط، على مقالة أو دراسة جادة أعدها.
فخاصية الإعجاب “اللايك” إذن لا يبدو أنها مؤشر حقيقي على أهمية المنشور، ويبدو أنها في أحوال كثيرة، تكون صادرة عن أسباب لا علاقة لها بسطحية المنشور أو عمقه، بقدر ما تكون وسيلة للمجاملة والتعبير عن المحبة لصاحب المنشور.
وفي الواقع إن الدراسات النفسية التي تجرى على مواقع التواصل تشير في جانب منها إلى تأثير إيجابي فعال على من يتلقون هذه اللايكات، فهي تمنحهم الشعور بالثقة والارتياح.
ويشير بعض علماء النفس إلى أن الحصول على التعليقات أيضاً من شأنه تحسين المزاج والحد من الشعور بالكآبة.
وفي هذه الحالة، إذا افترضنا أن عالم وسائل التواصل الاجتماعي هو عالم الأشخاص الذين يبحثون عن الأصدقاء ويعانون من الوحدة، فإن الحصول على “اللايكات” يعد أمراً حيوياً، ولعله إذن يستحق بعض المعارك الجانبية.
غير أن دراسات نفسية أخرى لافتة تحدثت عن أثر مغاير تماماً لما سبق. ومنها دراسة نشرها الموقع الإلكترونى لصحيفة “إندبندنت” البريطانية تؤكد أن الحصول على الإعجاب فى مشاركات وسائل التواصل الاجتماعي لا يجعل الناس يشعرون بأنهم أفضل ولا يساهم فى تحسين مزاجهم.
هذه الدراسة أجريت على 340 شخصاً، عبر “تويتر” و”فيسبوك”، بعد أن قاموا بالإجابة عن استبيانات شخصية.
وخلال الاستبيان، سئلوا عن مدى موافقتهم أو عدم موافقتهم على نحو 25 سؤالاً يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعى، مثل: “هل الاهتمام الذي أحصل عليه من وسائل التواصل الاجتماعى يجعلنى أشعر أنني بحالة جيدة؟”، أو “هل أعتبر شخصاً ما مشهوراً على أساس كم “اللايك” الذى يحصل عليه؟”.
وربما ليس من المفاجىء ما وجدته الدراسة؛ فقد اتضح أن الأشخاص الذين يلجؤون لطرق مختلفة للحصول على المزيد من الإعجاب مثل دفع الأموال مقابل الحصول على “اللايك”، أو مطالبة بعض الأشخاص بالإعجاب بمنشوراتهم، كانوا أكثر عرضة لانخفاض احترام الذات وأقل ثقة في الناس.
كما أنها كشفت أيضاً أن الحصول على هذا الكم المطلوب من “اللايك” لم يغير مزاج أصحاب المنشورات عند إحساسهم بالحزن والضيق.
مارتن جراف من جامعة ساوث ويلز، قال: “لقد أدى انتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي إلى مخاوف عامة بشأن آثارها على صحتنا النفسية، فعلى الرغم من أن هذه مجرد دراسة صغيرة نسبياً، إلا أن النتائج تشير إلى أن الطرق التي نتفاعل بها مع وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن تؤثر على شعورنا والذى لا يكون دائماً إيجابياً”.
لكن هل خطر ببالك أن اللايك قد يؤثر سلباً على صحتك الجسدية أيضاً؟!. أحدث الدراسات في هذا المجال، وهي صادرة عن جامعة “كاليفورنيا” في الولايات المتحدة الامريكية، توصل فيها العلماء هناك بعد دراسة مطولة، إلى أن الـ”لايك” على مواقع التواصل الاجتماعي تضر بالحالة الصحية العامة للمستخدم، بحسب ما نقلت وكالة “سبوتنك” الإخبارية، التي أشارت إلى أن أكثر من 5 آلاف متطوع شاركوا في الدراسة، وكانت جميع أعمار المشاركين 48 عاماً.
وقدم جميع المشاركين، كلمات المرور الخاصة بحساباتهم الشخصية على “فيسبوك”، وطلب العلماء من المتطوعين إخبارهم عن مدى رضاهم عن الحياة بتقييم من 1 إلى 10، كما طلبوا منهم أن يقيموا صحتهم بتقييم من 1 إلى 4، وأخذ العلماء بالاعتبار وزن جميع المتطوعين.
وأظهرت النتائج أن الأشخاص الذين حصلوا على أعداد كبيرة من الـ”لايك”، كانوا يعانون من مشاكل صحية أكثر من الذين لديهم عدداً قليلاً منها، وأن الذين كانوا يعانون من اضطرابات نفسية غيروا بشكل مستمر الحالة في صفحاتهم الشخصية.
وأوضح العلماء أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة، يقضون كل أوقات فراغهم على وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرين إلى أن شبكات التواصل الاجتماعي تسبب الإدمان ويمكن أن تغير بنية الدماغ لدى المستخدم، لذا أصبح من الممكن القول: “لا تأسفوا على ما فاتكم من (لايكات)”.