لقاحات الاطفال مفقودة.. والسحايا تنشط !!
لا يختلف اثنان على أن الأمن الصحي للأطفال بخطر جرّاء فقدان اللقاحات من الأسواق وارتفاع أسعارها بشكل خيالي ما أدى إلى عودة انتشار فيروسات الروتا والجدري والسحايا بشكل كبير، ما يضع صحتهم على المحك، لا سيما في ظل التدهور الحاصل في القطاع الصحي من ناحية وارتفاع الفاتورة الاستشفائية من ناحية أخرى.
عشرات الإصابات بالفيروسات تسجل يومياً في صفوف الأطفال، وكانت تقاوم عبر اللقاحات التي اختفت من الأسواق، وإن توفرت فبسعر خارج الإمكانيات، ما دفع بالكثير من الأهالي للإستغناء عن اللقاحات الأساسية التي لا تتوفّر إلا في عيادات أطباء الأطفال، وما يتوفّر عبر وزارة الصحة لا يتعدّى لقاحات الخماسي والحصبة.
أوقفت مريم لقاح الروتا لابنتها البالغة ستة أشهر، رغم أهميته، جراء سعره الخيالي وقد بات خارج قدرة كثير من الأهالي. في منزلها تعتني بطفليها بعد عودتها من المدرسة، تبدو علامات القلق على وجهها، فتربية الطفل باتت صعبة تماماً كما الإنجاب نتيجة ارتفاع كلفة الولادة من ناحية والأدوية واللقاحات من ناحية أخرى، ناهيك عن فقدان حليب الأطفال، ما يجعل الأمر معقّداً.
تتحدث مريم عن معاناتها في تأمين لقاحات ابنتها، فأغلبها مفقود، وبعضها شهد ارتفاعاً خيالياً في الأسعار، ما اضطرّها إلى عدم شرائه رغم يقينها أنه سينعكس سلباً على صحة ابنتها، “ولكن نحن مضطرون” تقول.
عشرات الإصابات في صفوف الأطفال تسجل وتؤدي إلى دخول المستشفى، والسبب كما يقول طبيب الأطفال الدكتور الياس أنّ “فقدان اللقاحات وتوقف الأهالي عن تلقيح أولادهم، تسبّبا بعودة الكثير من الفيروسات للظهور من جديد كالسحايا والروتا”. ويعيد السبب إلى الأزمة الاقتصادية ولعبة الدولار التي تسبّبت بانقطاع اللقاحات فتزايدت على إثرها حالات الروتا بشكل كبير.
منذ أربعة أشهر وأمراض التيفوئيد تنتشر بين الأطفال، ما زرع الخوف في نفوس الأهالي إذ يقفون بين مطرقة أسعار اللقاحات الخيالية وسندان انقطاعها رغم أهميتها، وبينهما عادت الفيروسات الخطيرة للظهور مجدداً ويعيد الدكتور الياس السبب إلى فقدان اللقاح من الأسواق وانقطاع التيار الكهربائي الذي يؤثر على الأكل إضافة إلى المياه الملوثة.
بحسبه كان الأطباء يوفّرون الكثير من اللقاحات إلا أنها اليوم قليلة جداً، وإن توفرت فبسعر مرتفع جداً، و”هذا الوضع بات لا يطمئن، لاسيما مع تزايد حالات الإصابة بالفيروسات القديمة الجديدة التي ما كانت لتعود لولا الأزمة الاقتصادية التي يرزح تحت وطأتها الشعب اللبناني والتي أدت الى انقطاع اللقاحات وارتفاع سعرها وتمنع الاهالي عن تلقيح أولادهم والنتيجة عودة انتشار الروتا والجدري والسحايا والتيفوئيد وهي لقاحات لا توفّرها وزارة الصحة رغم أهميتها”.
قبل شهرين أنجبت زينب طفلتها، منذ ولادتها وهي تعيش قلقاً كبيراً، سواء بسبب عدم توفر حليب الأطفال أو بسبب عجزها عن تأمين أي لقاح وقد بات يشكل هماً لها، لا تخفي أنها توقفت عن إعطاء جرعات اللقاح لابنتها، وأنها تبحث عن الأرخص. تدرك أن هذا الأمر سينعكس سلبا على صحة ابنتها، ولكن “من وين منجيب ثمن اللقاح؟ بالكاد نجد مالاً لتأمين الطعام لذا فضلت التوقف عن إعطائها لقاحاتها من الجدري والتيفوئيد إلى أجل”.
بحسب بتول فإنها تختار اللقاح الأهم والمتوفر، إذ تقول “كثيراً ما نبحث عن اللقاح في عيادات الأطباء من دون جدوى، فالجواب الذي نلقاه إما مفقود أو غالٍ مقارنة مع القدرة الشرائية”. ولا تخفي وجود محتكرين “فهناك من يستغلّ فقدانها لرفع ثمنها، ما دفعني للبحث عن الأرخص والأنسب، وهذا الموضوع يشكل عقبة لنا وخطراً على أطفالنا”.
لم تترك الأزمة قطاعاً إلا وطالته، غير أن الأخطر هو فقدان واحتكار لقاحات الأطفال وقد بات أمنهم الصحي في خطر فيما وزارة الصحة شبه غائبة، في ظل احتدام الفيروسات التي لا تقل خطراً عن “كورونا”، فمتى تظهر اللقاحات من جديد وبسعر معقول؟
المصدر : رمال جوني – نداء الوطن