ماذا تُخبّئ الـ 2022 حول مصير الدولار؟
على عتبة أبواب العام الجديد، يقف سعر صرف الدولار الأميركي محافظاً على معدّله المرتفع مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء، متراوحاً ما بين 27 و28 ألف ليرة لبنانية. فقد جعل تحليق العملة الخضراء من سنة اللبنانيين الأصعب على الإطلاق. تراجعها بقي محدوداً وبلغ النسبة الأكبر عقب تشكيل حكومة نجيب ميقاتي التي ما لبثت أن تعرقلت اجتماعاتها لتعود وتؤثّر على سعر الصرف فارتفع بشكل جنوني من دون هوادة حتّى تسجيله رقماً قياسياً غير مسبوق تاريخياً إذ لامس الـ 30 ألف ليرة. ورغم الهموم المتكاثرة يومياً، يبقى سعر الدولار الهمّ اليومي الأكبر والشغل الشاغل، خصوصاً وسط التوقّعات المتشائمة حول ارتفاعه من دون سقف ووصوله إلى أرقام خيالية في حال بقيت الأمور على حالها لا سيما على المستوى السياسي. فهل نودّع الـ 2021 ونحمل منها إلى الـ 2022 مشكلة الدولار؟
الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة يشرح لـ “المركزية” أن “لا يمكن تحديد سقف لسعر الصرف، وتعميم مصرف لبنان رقم 161 لَجَمَ ارتفاع الدولار العنيف في المرحلة الأخيرة من خلال ضخّ دولارات في السوق عبر إعطائهم للمودعين الذين بدورهم يبيعونهم في السوق، أي ارتفع عرض الدولار مقابل سحب الليرة اللبنانية”.
ويلفت إلى أن “العملة تعكس ثروة البلد. كلّما كان الاقتصاد متينا وكانت للبلد ثروات طبيعية، كانت العملة قويّة”، مضيفاً “الثقة تؤدي دوراً محورياً في قيمة العملة الوطنية وهي مرتبطة بالسياسات الحكومية الممكن طرحها، بالتالي إن لم يتّخذ إجراء حكومي لإعادة نهوض الاقتصاد ولإعادة بثّ الثقة في الأسواق سيتّخذ الدولار منحى ارتفاعيا اضافيا مقابل الليرة”.
من هذا المنطلق، يفنّد عجاقة جملة من الأحداث تحدّد مسار الدولار في المرحلة المقبلة، أبرزها: الانتخابات النيابية وإمكان حدوثها من عدمه، الاتفاق مع صندوق النقد الدولي ضمن برنامج إصلاحي، برنامج الاستثمارات الذي ستعدّه الحكومة… “لكن، وبمجرّد الاتفاق مع صندوق النقد نتوقّع انكسارا في المنحى التصاعدي. أي أن الدولار ممكن أن يعاود تراجعه نتيجة هذه العملية الإصلاحية التي ستحصل، إذ إن البلد لا يزال منذ العام 2019 من دون أي إجراءات إصلاحية، في وقت ينازع على هذا الصعيد من دون أي تصحيح. لذا، من المهمّ جدّاً أن تستأنف الحكومة اجتماعاتها وتسلك طريق الإصلاحات كي تغيّر المنحى التصاعدي للدولار”.
ويشدّد على أن “النمو الاقتصادي هو العامل الأساسي والجوهري لتأمين ثبات العملة: ثبات النموّ يؤشّر إلى قوّة العملة. بالتالي، هذا يشكّل الهدف المنشود وتحقيقه يحتاج إلى جذب الاستثمارات التي تتطلّب بدورها إصلاحات ومحادثات مع المقرضين ومع صندوق النقد وإنشاء برنامج إصلاحي… وهذا الأمر متوقّف على قدرة الحكومة على الاجتماع”.
تعاميم مصرف لبنان
أما بالنسبة إلى تعاميم مصرف لبنان، لا سيما حول سحب موظفي القطاع العام رواتبهم بالدولار، والدور الممكن أن تؤدّيه التعاميم لمساعدة الاقتصاد، فيرى عجاقة أن “لا دخل لها بالاقتصاد، بل خطوة المصرف تساعد على المحافظة على القدرة الشرائية إلى حدٍّ ما للمواطن الذي يتقاضى راتبه بالليرة. كذلك، يمكن لهذه التعاميم أن تقلّل من حدّة خسائر المودعين الذين يمتلكون حسابات مصرفية بالدولار، مع العلم أن المودع يحصل على حقّه كاملاً عندما يسحب أمواله كاملة وبالعملة التي أودعها بها مع المحافظة على قدرتها الشرائية، إلا أن ذلك غير متوافر اليوم”.
ويختم: “التعاميم تعدّ إحدى أدوات السياسة النقدية التي يستخدمها المصرف المركزي لتنظيم القطاع المصرفي، وهي عمليات محدودة وحلول موقتة لا يمكن أن تكون شاملة ونهائية للوضع اللبناني. الحلّ الجذري للمشاكل الهيكلية القائمة يتطلّب حكومة كونها الوحيدة المسموح لها اتّخاذ قرارات إصلاحية والتأثير إيجاباً على الاقتصاد وفق ما ينصّ عليه الدستور، كونه منح السلطة التنفيذية حصرية القرار الاقتصادي”.
المصدر : المركزية