ماذا يعني أن البلد مفّلس… الدولار إلى 3000؟!
اندريه قصاص – لبنان 24
أن يقول البطريرك الماروني، وعقب لقائه رئيس الجمهورية، أن البلد مفّلس وهو على الأرض يا حكم، يعني أن البلد عن جدّ في حال إقتصادية ميؤوس منها.
ولأن هذا الكلام قاله من يردّد “أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله”، وهو كلام منقول بأمانة عن رئيس البلاد، الذي تتجمع لديه كل المعطيات والتقارير يدرك أكثر من غيره ربما أن الأمور لا يمكن أن تكمّل على المنوال نفسه، فإن الإنهيار التام والشامل لا بدّ آت، مع ما يعنيه ذلك من إنعكاس خطير على وضعية كل القطاعات المالية والإقتصادية والإنتاجية وعلى قدرة إستمرار مصرف لبنان في تحمّل أعباء فوق طاقته، على رغم المجهود الكبير الذي يقوم به للحفاظ على مناعة الليرة اللبنانية وعلى قيمتها الشرائية في مقابل العملات الصعبة، والحؤول دون وصول سعر صرف الدولار الأميركي إلى عتبة الـ3000 ليرة لبنانية.
ما كان يُقال في الإجتماعات المغلقة عن خطورة الوضع الإقتصادي في البلد قاله البطريرك الراعي من أمام القصر الجمهوري وبالفم الملآن: البلد مفّلس.
فبعد هذا الكلام الخطير الصادر عن مرجعيتين زمنية وروحية لم يعد مسموحًا الإستمرار في التعاطي بالأمور الكبيرة بطرق صغيرة، ولم يعد من الجائز أو المقبول ألاّ يكون إستنفارعام وشامل يتشارك فيه القطاعان الخاص والعام، وذلك من أجل وضع خطة طوارىء إنقاذية تأخذ في الإعتبار وضعية خزينة الدولة، وضرورة الإسراع في إتخاذ خطوات وإجراءات غير إستثنائية قبل أن يصبح الوضع الإقتصادي في لبنان شبيهًا بما مرّ به اليونان.
وأهمية هذا التحذير أو قرع ناقوس الخطر أنه جاء عشية ذهاب لبنان إلى مؤتمر “سيدر1” الذي سيعقد في باريس الشهر المقبل، ما يعني أن “لبنان المفلس” لا يمكن أن يُترك لوحده يواجه مصيره بنفسه، خصوصًا أنه يرزح تحت عبء النزوح السوري، وهو بالكاد يستطيع أن يتدبر أموره الخاصة، وهو الذي لديه من المشاكل ما يكفيه.
البلد مفّلس يعني أن الليرة اللبنانية ستفقد قيمتها الشرائية، وهو يعني أيضًا المزيد من الأزمات المعيشية وقدرة الشركات والمؤسسات على دفع رواتب موظفيها، في حال لم تلجأ هي بدورها إلى إعلان إفلاسها.
يقول البعض إن هذه الصورة السوداوية التي رسمها البطريرك الراعي بالأمس قد تدفع إلى تعميم حال اليأس والقنوط، في حين أن البعض الآخر يرى أن هذا الإنذار هو لإحداث صدمة من أجل وقف الهدر والفساد والبدء بالتفكير جدّيًا بخطط بديلة عمّا كان متّبعًا حتى الآن، خصوصًا أن بعض المسؤولين لا يزالون يتصرّفون وكأن الوضع المالي والإقتصادي على أفضل ما يُرام من دون تكبّد عناء التفكير في ما يُمكن إتخاذه من إجراءات سريعة، أقله لوقف التدهور والحؤول دون الإنزلاق نحو الهاوية، التي لا يعود تنفع معها بعد ذلك مؤتمرات الدعم الدولية.
فبعد كلام الراعي يجب الآّ يكون كما قبله، خصوصًا أن الجميع معنيون بما ستؤول إليه الأوضاع، وأن المركب إذا غرق فهو سيغرق بمن فيه.
وفي رأي مصادر كنسية أنّ الراعي كان يحذّر دائماً في عظاته من الحال الخطيرة التي وصلت اليها البلاد، فكلامه سابقاً لم يكن تخويفاً، بل كان يستند الى معطيات وأرقام، مشيرة الى أنّ الدين العام بلغ حداً غير مقبول، وعلى المسؤولين أن يتحرّكوا بسرعة لكي لا نصل الى الإنهيار.
وقد يكون لكلام الراعي وقع خاص عشية الإنتخابات النيابية في ايار المقبل، وهو جاء بمثابة حثّ الناخبين على التصويت لمن يستحق عن جدارة أن يمثلهم في الندوة البرلمانية وتكون له مساهمات في وقف التدهور الإقتصادي والمعيشي.