ما تجهلونه عن خريطة دي مستورا الملوّنة | سوريا تُقسّم.. ولبنان مهدّد!
تناولت الكاتبة اللبنانية في صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية رولا خلف لقاء الرئيس السوري بشار الأسد بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي الأسبوع الفائت، معتبرةً أنّ هذه “اللفتة” كانت ضرورية في الوقت الذي يحاول فيه الأخير إسدال الستار على مغامرته السورية، ومحذرةً من أنّ سوريا تشهد “تقسيماً ناعماً” يمكن لتداعياته أن تطال بلداناً أخرى في الشرق الأوسط.
ورأت خلف أن سعادة الأسد التي ظهرت خلال لقائه بـ”معلمّه” بوتين “مفهومة”، موضحةً أنّ الرئيس الروسي يستطيع القول إنّه حقق أهدافه: فساهم في هزيمة “داعش” وردع المعارضة التي تهدّد حكم الرئيس السوري وعزّز وجود الجيش الروسي في المتوسط.
في السياق نفسه، قالت خلف إنّ بوتين يبحث عن مخرج ممنهج للأسد بعدما فاز بالحرب لصالح الأخير بشكل أساسي وأعاد التموضع على خارطة الشرق الأوسط، كاشفةً أنّ مسؤولين إقليميين يؤكدون أنّ حكام المنطقة الذين يختلفون مع الرئيس الروسي على مستوى سياسته في سوريا يخصصون وقتاً للإصغاء إليه.
وعليه، تساءلت خلف إذا يستطيع بوتين إخراج نفسه من سوريا من دون الانجرار إليها مجدداً، قائلةً إذا كانت نيّته تلقين خصومه الغربيين درساً بأنّه ينبغي للتدخلات أن تهدف إلى إعادة النظام بدلاً من إعاثة الفوضى، فلا بد له من الحرص على أن يسود النظام.
وعلى الرغم من هزيمة “داعش” وإعادة إحياء محادثات السلام الأممية، أكّدت خلف أنّ الطريق إلى التسوية في سوريا ما زالت طويلة، مستبعدةً حلول السلام في ظل تسوية فرضها النظام ومرجحة تجميد النزاع، “وهي استراتيجية شحذتها روسيا بعناية”.
في هذا الإطار، تناولت خلف مناطق خفض التصعيد الثلاثة التي أسفرت عنها الاجتماعات الروسية-التركية-الإيرانية، محذرةً من أنّ سوريا تشهد عملية تقسيم ناعم، ومن أنّ وحدة العراق ولبنان ستتهدّد إذا لم يُلملم شتات سوريا.
وشرحت خلف بأنّ السيطرة على سوريا موزعة بين المقاتلين الشيعة والجيش السوري والجيش التركي والمقاتلين الأكراد والمجموعات المعارضة، لافتةً إلى أنّه يتم التفاوض حالياً مع الأردن على منطقة لخفض التصعيد في جنوب سوريا.
توازياً، تطرّقت خلف إلى جهود المبعوث الأممي ستافان دي مستورا، قائلةً إنّه يتنقل بين عواصم العالم حاملاً خارطة متعدّدة الألوان في جيب سترته الداخلي تظهر عليها خطوط التقسيم في سوريا.
وأضافت خلف أنّ دي مستورا يلّوح بهذه الخارطة للتحذير من أنّه يمكن للتقسيم الناعم في سوريا أن يتحوّل إلى تشظية دائمة للدولة السورية إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي.
ختاماً، تخوّفت خلف من اندلاع نزاعات جديدة بين حلفاء النظام السوري والمقاتلين الأكراد وبين الجنود الأتراك والأكراد، مشيرةً إلى أنّ نتيجة أي منها لن تسمح لبوتين بأن يقول إنّ الدولة السورية قد سادت.
وخلصت خلف من أنّ بوتين قد يبتعد ويترك مستقبل سوريا الغامض بين يدي الأمم المتحدة على المدى القريب، قائلةً: “ولكن لاحقاً عندما يحاول أن يعظ الغرب، قد يجد أن الدولة التي خاض حرباً من أجل إنقاذها لم تعد موجودة”.
المصدر : ترجمة “لبنان 24” – FT