مبادرة السيد نصرالله: ترحيب ولكن…
“لا خوف على مستقبل لبنان طالما فيه سيد المقاومة”. بهذه الجملة يحلو لمصدر سياسي الإجابة لدى سؤاله عن مبادرة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله. وفق قناعات المصدر الحليف، “مخطئ من يظن لبرهة أن السيد يعمل لمصلحة حزب”. الرجل يعمل ليلاً نهاراً لجمع شمل اللبنانيين. يجترح الحلول من “قلب الصخر” ويُلقي الحجة على الآخرين مرة ومرتين وثلاث. لا يضرب السيد -وفق المصدر- سيفه في الهواء، يعلم جيداً الى ماذا يدعو. مبادرته التسووية قد تُغيّر مستقبل لبنان إذا ما قوبلت بإيجابية بعيداً عن أي حسابات ضيقة”.
منذ الأربعاء الفائت، تاريخ إعلان السيد نصرالله مبادرة الحل بإنجاز سلة متكاملة، والصالونات السياسية مشغولة بكيفية الرد. الجميع رحّب من حيث المبدأ واعتبرها خطوة في الإتجاه الصحيح. بيد أن البعض وجد فيها مبادرة فعالة ولكن بشرطها وشروطها. مصادر سياسية رفيعة لا تُقلّل من إمكانية أن تؤتي هذه المبادرة أكلها، ولكنها لا تُنكر في الوقت عينه الخلاف الجوهري بين الأفرقاء السياسيين حول ترتيب أولويات بنود السلة المتكاملة (رئاسة الجمهورية، الحكومة، مجلس النواب وقانون الانتخاب). الخلاف يبدأ بطرح سؤال عريض. من أين تبدأ التسوية؟. وهنا التفاصيل حيث يكمن الشيطان. هل تبدأ بانتخاب رئيس للجمهورية، كما تُطالب بعض الجهات السياسية، أم تبدأ بإنجاز قانون انتخابات عصري كما تدعو جهات أخرى؟. رئيس جبهة “النضال الوطني” النائب وليد جنبلاط في حديث لـ”العهد” يُرحّب بالمبادرة، فهي تلاقي دعوة الرئيس نبيه بري ولا فرق بينهما. يؤمن أبو تيمور أن المطلوب منا اليوم قبل أي يوم آخر ايجاد التسويات والذهاب لحوار فعال بعيداً عن حوار “الطرشان”. من وجهة نظره، لا أحد في الخارج يفكّر بالأولويات اللبنانية. لكنّ جنبلاط يرى أنّ الأولوية ضمن تراتبية بنود هذه السلة يجب أن تكون لانتخاب رئيس الجمهورية، وهو الأمر الذي يتعارض مع المنطق العوني بمقاربة الأمور. مصدر مقرّب من العماد ميشال عون يرى أنّ مفتاح الحل يبدأ بإنجاز قانون انتخاب قبل أي حديث آخر.
الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله
أكثر المرحبين لدعوة السيد نصرالله كان رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” العماد ميشال عون، وفق ما يقول المصدر البرتقالي. السيد والجنرال يقفان في منتصف الطريق سوياً، وعلى الآخرين ملاقاتهما. يؤمن التيار العوني أن” لا حل قبل الاتفاق على قانون انتخابات عادل يضمن التوازن بين السلطات ووحدة اللبنانيين. وهو المنطق الذي لا تراه مصادر “المستقبل” سليماً. وفق النائب عاطف مجدلاني لا حل قبل البدء بملء فراغ كرسي بعبدا. انتخابات رئاسة الجمهورية -بنظره-تفتح الطريق لحل باقي الملفات. يتمنى مجدلاني أن تُترجم دعوة السيد نصرالله على الطاولة، فلا تبقى في إطار النظريات. برأي مجدلاني، “على حزب الله الخروج من فكرة الإصرار على شخص العماد ميشال عون رئيساً حتى تكون الدعوة “صادقة””. وهي المقاربة التي يرى فيها المصدر العوني هروباً الى الأمام وتفخيخاً لسلم الأولويات بكيفية معالجة المشكلات الوطنية. من وجهة نظر المصدر، البعض يحاول القفز فوق “التسويات” عبر تفخيخ الأولويات.
لا يُغرّد حزب “الكتائب” بعيداً عن الفكر المستقبلي. وزير العمل سجعان قزي يُقدر في حديث لـ”العهد” الخطاب السياسي الهادف الذي ألقاه السيد نصرالله، لكنّه يعتبر أنّ لا حديث خارج إطار انتخاب رئيس للجمهورية. بنظره، الوفاق بين اللبنانيين يُشكّل ضرورة الضرورات، لكنه يسأل ما الغاية من المناداة بتسوية شاملة عند كل استحقاق ضيّق؟. وفق قناعاته، التسوية تبدأ بانتخاب الرئيس الذي يتولى مهمة الدعوة لهيئة حوار وطني، ليصار بعدها الى اعلان النوايا أو حتى إعادة النظر بالنظام السياسي اللبناني بأكمله لا أن نرهن مصير الرئاسة الأولى بالاتفاق السياسي وهو ما لا يراه ضرورياً. لكنّ قزي لا يغلق الباب على دعوة السيد نصرالله. حزب “الكتائب” مستعد لدراسة الفكرة من منطلق الانفتاح على كافة القوى السياسية والسعي لإيجاد حل لبناني”. يكمل قزي ما بدأه جنبلاط. لبنان ليس على جدول أعمال الدول. يتوسّع في الحديث سائلاً: لماذا يقف العالم اليوم دقيقة صمت ويعقد المؤتمرات على ضحايا باريس ولا يتصرّف بالمثل مع ضحايا لبنان؟. يضيف “ألا يكفي 50 شهيداً في لبنان لإعلان الحداد في العالم أم أن الحصيلة يجب أن تكون 500 لاتخاذ مبادرة!”.