مجلة همسة تحاور المؤلف و المخرج المسرحي الأستاذ / يوسف رقة
كتبت زهرة عنان – مصر
مقابلة مع الكاتب يوسف رقة
… اللقاء مع المخرج والمؤلف المسرحي يوسف رقة ، كان فرصة لنا للتعرف إلى نظرته إلى المسرح بمدارسه المختلفة ، ورؤيته المستقبلية لمصير وآفاق هذا المسرح في وطننا العربي .
إلتقينا الاستاذ يوسف وبادرناه إلى السؤال التالي :
■ من هو يوسف رقة ؟؟؟
■■ إنسان ، قبل أي شيء آخر ، هذا الانسان بدأ يتلمس هموم المجتمع من خلال قراءة النصوص المسرحية التي كانت تصدر في عن دائرة المعارف المصرية في ستينيات القرن الماضي تحت عنوان ” سلسلة المسرح ” ثم توقفت لتتابع دولة الكويت هذه المهمة في السبعينيات ، ثم توقفت هي أيضا .. وكأنها كانت إشارة لنا ، بأنّ المسرح بات خارج دائرة الاهتمام الرسمي ، إلى أن هبط على المسرحيين ” مارد ” في موقع ” حاكم ” يكتب المسرح ويحب المسرح ، فأسس الهيئة العربية للمسرح التي نأمل إستمرايتها من أجل تحقيق الآمال المعقودة عليها .
■ هل تلخص لنا سيرتك المسرحية ؟؟
■■ بدأت العمل كممثل في مسرحيات شبابية ، كنت أعتلي المسرح دون إعطاء علم للأهل الذين كانو يخافون من تأثير المسرح على تحصيلي الدراسي ، ثم شاءت الظروف أن نتشارك في كتابة نص مسرحي يأخذ الطابع الوطني أو ” الثوري ” في ذلك الزمن ، أي زمن الاندفاع القومي ، وقمت باخراج العمل في باحة مدرسة ، حيث طلبنا من عمال البناء إحضار بعض الأخشاب من ورشهم لبناء منصة مسرح في ملعب المدرسة .. ثم اخترت معهد الفنون في الجامعة اللبنانية لدراسة المسرح وتخرجت عام 1981 ، بعد ذلك ، كتبت مسرحية ” الشاطر” المستوحاة عن نص لكاتب ألماني هو برتولت برشت ، وأخرجت هذا العمل على خشبة المركز الثقافي الألماني ، وهناك اكتشفت نفسي ككاتب ، حين طلبت رئيسة المعهد من أحد مساعديها مقارنة ما كتبته مع النص الأصلي ، فوجد أنني شرعت إلى كتابة نص جديد مستوحى من النص الأصلي .
ثم كتبت مسرحية ” 33 صلاة في جوف الحوت ” الذي أخرجته المخرجة الكندية (أليس رون فارد) وفاز بجائزة وتقدير اتحاد كتاب الدراما في مونتريال … بعد ذلك كتبت ” أحلام يومية ” الذي لفت اهتمام الهيئة التحكيمية لهيئة المسرح العربي في الشارقة واختارته بين 20 نصا عربيا من أصل 140 مشاركا في مسابقة التأليف المسرحي لعام 2015 .
■ ما هي موضوعات تلك النصوص ؟
■■ ” الشاطر ” تحدثت عن تحول إنسان من جيد إلى إنسان آخر يعشق السلطة والمال إلى درجة لم يعد يتعرف إلى زوجته ..” 33 صلاة ” تحدثت عن إمراة حوصرت خلال حرب تموز 2006 في بلدتها الحدودية وقامت بجهد كبير لتهريب ولدها من الحصار إلا أنها وبعد ان نجحت وجدت ولدها يعود رافضا أن يترك أرضه للاحتلال .. أما مسرحية ” أحلام يومية ” فهي تتحدث عن نازحين إلى خيمة هربا من الحرب ، الرجل يحلم يوميا ، نرى حلمه تمثيلا على المسرح ، زوجته بدورها تحلم ، وفي النهاية ، يلتقي حلم الزوج مع حلم الزوجة ، يتعارك الحلمان ويختلف بعضهما مع البعض الآخر ن غلى ان تطلق صرخة في نهاية المسرحية ، تقول : ( أغلقوا الستارة واطفئوا الأنوار. لا أريد لأطفالي أن يشاهدوا تلك البشاعة . نريد أن نجعل من أرواحنا نغمة تضيء هذا الظلام . نريد لأحلامنا السعيدة أن تعود يوماً. هل تسمعون ، هل تسمعون ).
■ أستخلص من كتابتك المسرحية ، أنك تكتب للمسرح السياسي الملتزم ؟
■■ المسرح يا صديقتي هو متعة الجماعة ، ليس من الضروري ان نقول كلمات سياسية أو نرفع شعارات في مسرحنا ، يوسف إدريس لم يكتب سياسة بشكل مباشر ، أعماله المسرحية لا تزال تقدم في عالمنا العربي ، نصه المسرحي ينبع من نمط الجماعة ، روح مسرحه من شيء أطلق عليه تسمية ” التمسرح ” أي من حكايات الفلاحين الذين كانوا يلتقون كل مساء في دائرة للسمر ، وكانوا يسردون الحكايا التي تحصل معهم في النهار عن طريق تمثيل شخصياتها ، لم يكن هناك من حدّ يفصل بين الخشبة والمتفرج ، هذه الحكايات المسلية هي إلتزام بحد ذاته لانها تعبر عن إنسانية الانسان وتسلط الضوء على مشاكله في آن واحد ..كتاباتي ملتزمة ، نعم ، تلنزم الانسان من اجل تحقيق الرفاهية والمستقبل الأفضل .
■ من هو المؤلف المسرحي الذي لا يمكن لك أن تتجاهل كتاباته ؟؟
■■ بيتر فايس وسعد الله ونووس ، وقد جمعهما نص مسرحي واحد أحببته كثيرا هو : كيف يتم تخليص السيد موكينبوت من آلامه ( ل بيتر فايس ) ورحلة حنظلة ( ل سعد الله ونووس ) .
■ عملت في الاخراج المسرحي وفي الكتابة للمسرح ، أتفضل أن تكون مخرجا مؤلفا أو مخرجا مبدعا ؟
■■ هو سؤال بالغ الاهمية بالنسبة لي ، هناك ازمة أطلق عليها سعد الله ونووس في إحدى مهرجانات دمشق للمسرح العربي التي اقيمت في القرن الماضي ب ” ازمة صداقة بين الكاتب والمؤلف ” ، هناك نصوص كثيرة للمسرح هي للقراءة فقط ولا تصلح للعرض المسرحي ، مما شكل أزمة فعلية للمسرح الذي بدأ يبحث عن نصوص ولا يجدها ، فلجأ معظم المخرجين إلى شيء أطلق عليه ” الرؤية المسرحية ” فحاولوا ” التجريد ” ولجأوا إلى الرواية وإلى القصيدة لانه هناك فعلا أزمة حقيقية في مفهوم المسرح بين الكاتب وبين المخرج .. من ناحيتي ، أنا أفصل بين الاخراج والكتابة ، وقررت أن لا أقوم باخراج ما أكتبه لأفسح المجال أمام رؤية إبداعية لمخرج آخر ربما يستطيع قراءة النص أفضل ممن كتبه .. اريد ان اكون مخرجا مبدعا وكاتبا مؤلفا ..
■ برأيك أين تكمن ازمة المسرح ؟ هل هي ازمة نص أو أزمة جمهور ؟؟
■■ هي أزمة عدم الاكتراث الرسمي للمسرح ، في مسابقة الشارقة هذا العام تقدم 140 مشاركا بنصوص مسرحية ، لماذا ؟ بسبب الحوافز التي قدمت لهم ، حوافز معنوية أكثر منها مادية ، لا يمكن للأزمة أن تكون في النص ، ربما تكون أحيانا في الرؤية الاخراجية للنص ، أما الجمهور ، فهو ذواق وناقد قوي ، ربما ابتعد قليلا عن حضور إحتفاليات الطقس المسرحي ، وهذا من حقه ، لكن الاعمال الجيدة هي وحدها الكفيلة باعادة هذا الجمهور إلى عشقه للخشبة .
■ هل توجه نصائح لجيل الشباب المتحمس للعمل في المسرح ؟؟
■■ ربما أهم نصيحة أقدمها لهم ، هي في إظهار محبتهم لزملائهم في المهنة ، إنهم جميعا في مركب واحد ، المسرح هو الحب ، من لا يعرف الحب لا يعرف المسرح مهما علا شأنه ومها لمع في سماء النجومية .. المحبة للآخرين هي كنز المستقبل ، والكنز الحقيقي في بناء شخصيتهم المسرحية هي في الثقافة ، والثقافة لا تكون فقط بقراءة النصوص المسرحية أو قراءة ” فن الممثل” ل ستانسلافسكي ، بل في قراءة كتابه الآخر الأكثر أهمية وهو ” أخلاقيات المسرح عند ستانسلافسكي ” .
■ كيف ترى المسرح في لبنان بين الامس واليوم ؟؟
■■ من المتفق عليه بان العصر الذهبي للمسرح اللبناني كان خلال ستينات القرن الماضي ، ولكن حتى في ذلك العصر لم يك المسرح سوى للنخبة والمجتمعات المخملية ، أهم إنجاز تحقق في ذلك الوقت هو إنشاء ” مسرح يومي ” نفذه المخرج الراحل نزار ميقاتي بالتعاون مع الممثل الشعبي والفكاهي حسن علاء الدين المعروف باسم ” شوشو ” .. هذا الانجاز أخذته الحرب اللبنانية ولم يعد رغم أنّ مكانه بنيّت أسواق حديثة وجديدة كلفت ثروة باهظة ، إلا أنّ هذه الاسواق المعروفة باسم ” دان تاون ” لم تلحظ بناء مسرح واحد … في الامس القريب ، شاهدنا تحولا في المسرح اللبناني مع إنطلاق مسرح زياد الرحباني و مسرح الحكواتي ومسارح أخرى لا يتسع المكان لذكرها ، هذا التحوّل تمكن من اجتذاب جمهور واسع إلى المسرح ، ولكن للأسف هذه الأعمال توقفت اليوم .. في لبنان تشهد خشبته الآن عروضا مسرحية كثيرة متتالية ، لكن جمهورها يقتصر على الجمهور ذاته ، الجمهور المندفع أولا لحضور تلك الأعمال التي لا تستمر لأكثر من يومين أو ثلاثة أو أسبوع على الاكثر ، وما أن نقرر حضور مسرحية ما ن حتى نعلم بانّ ميعاد عرضها قد انتهى .. ربما الوحيد الذي تستمر أعماله لأشهر وبنجاح كبير هو مسرح جورج خباز ، ذلك الشاب الموهوب كمؤلف ومخرج وموسيقي وكل شيء ، فهو يحمل المسرح على أكتافه .
■ مهرجان همسة الدولى للآداب و الفنون يعتبر من أكثر المهرجانات تألقا فى الوطن العربى ليس ﻻنه يهتم بالفن فقط بل يهتم أيضاً بالمواهب الفنية و الادبية الحديثة سؤالى اذا تم دعوتك لمهرجان همسة الدولى للآداب و الفنون بمصر هل ستلبى الدعوة ؟
■■ وهل من عاقل يرفض المشاركة في حضور هكذا إحتفالية ؟؟ مهرجان ” همسة ” أثبت حضوره في الساحتين المصرية والعربية مع العلم بانه انطلق حديثا ، اي منذ ثلاث سنوات فقط ، لكنه أثبت جدارته كمساحة جميلة للأدب والفن والثقافة ، أتمنى له الاستمراية والدعم الرسمي لجهوده التي تعزز التلاقي العربي على أرض ” بهية ” كما صورها لنا سنمائيا المخرج الراحل يوسف شاهين .
نعم صديقتي ، اعدك بتلبية الدعوة طالما لا يشارك في هذا المهرجان دول لا تزال تحتل جزءا من ارض لبنان .. أحلامي كبيرة في زيارة هبة النيل وضريح الريس أبو خالد .
■ هل من كلمة أخيرة توجهها لمجلة همسة ؟
■■ طبعا ، اوجه شكر كبير لأول مقابلة أجريت معي بعد حصولي على تنويه الهيئة العربية للمسرح عن تأليف نصي المسرحي ” أحلام يومية ” ، وفي المناسبة أقدم لجمهور قراء ” همسة ” مقطعا ، غير منشور بعد ، من تلك المسرحية ، وفيه :
الممثل 2 : ( يرتدي ثياباً تراثية و يمتطي مِفتاحاً خشبياً كبيراً ويدور حول المسرح وهو يردد ) عائدونَ … عائدون ..عائدون .. عائدون ..
الممثلة 1 : ( توقفه في وسط المسرح ) توقف ، توقف .. إلى أين أنت عائد ؟
الممثل 2 : وهل هناك من عودةٍ أجملَ وأبهى من العودة إلى القدس الشريف ؟؟
الممثلة 1 : ( تضحك ).. أضحكتني يا رجل ، ولماذا تريد زيارةَ القدسِ الشريف ؟؟؟
الممثل 2 : الحقيقة أنني حصلتُ على هديةٍ قيمة من المندوبِ الفلسطيني في الامم المتحدة ، قال لي : لم يبقَ أحدٌ في هذا العالم يتكلمُ عن القدس سوى أنت ..لذلك دعْني أقدمُ لك هذه الهدية َ المتواضعة التي ورِثتُها عن أجدادِ أجدادي وهي مفتاحُ القدس .. خذ هذا مِفتاحَ القدس ..أقدّمُه إليك .. لذلك أنا قررت الآن ..الدخولَ إلى القدس .
الممثلة 1 : الم يُهدِكَ جوازًا للسفرِ أيضا ؟؟
الممثل 2 : وكيف عرفت ذلك ؟؟
الممثلة 1 : لقد قرأت عن ذلك في الصحيفة ..
الممثل 2 : رائع .. رائع…هناك من لا يزال يقرأُ الصحف .. أين أنت يا زوجتي العزيزة ( يشير بيديه كأنه يكتب على الهاتف المحمول )
لمشاهدة المقالة الاصلية إضغط هنا