مزارعو الزيتون يجنون ‘الموسم’… العين على ‘المونة’ وتخوّف من السرقة !!
“كتب ميشال حلّاق للهول:
باشر مزارعو #الزيتون في محافظة #عكار استعدادتهم لجني محاصيل #الزيتون لديهم هذا العام، في ظلّ هاجس التعدّيات على كروم الزيتون، الذي يسيطر على أهل المنطقة، حيث يعمد البعض إلى قطع أشجار الزيتون للتدفئة، فيما يسرق آخرون المحاصيل بفعل الوضع الاقتصادي الصّعب والسعي لتأمين مؤونة الزيت والزيتون، التي تعتبر إحدى أساسيات العادات الغذائية اللبنانية.
هذا الواقع المستجدّ فرض على عدد كبير من المزارعين البدء باكراً بجني محاصيلهم إذ لا حسيب ولا رقيب على البساتين، وما من قدرة على توظيف نواطير لحماية المواسم.
يقول إلياس الراسي وهو مالك ومزارع وصاحب معصرة إن ثمّة صعوبات كبيرة تعترض جني المحاصيل، فأسعار المحروقات إلى ارتفاع متمادٍ، وتكلفة اليد العاملة ونقل المحاصيل إلى المعاصر لإنتاج الزيت، وكذلك أسعار الغالونات، وإجار المعاصر (10 دولارات عن كلّ صفيحة)، رفعَت كثيراً من احتمالات ارتفاع أسعار زيتون المائدة، وكذلك صفيحة الزيت التي لا بدّ من أنها ستُباع بما بين الـ4 ملايين ليرة لبنانية والـ6 ملايين، حسب نوعية الزيت وجودته.
وأمل الراسي، الذي بدأ باكراً بتحريك عجلة معصرته، في أن يكون الموسم جيداً ووفيراً، وقال: “ربما وفرة الإنتاج قد تحكم سوق العرض والطلب وتخفّض نسبياً الأسعار”، آملاً في أن يتمّ تصريف الكميّات الفائضة من إنتاج الزيت اللبناني إلى الخارج، وهو ما سيُؤمن مدخولاً إضافياً بالعملات الصعبة، لا سيّما أن الزيت اللبناني ممتاز، وتكتمل فيه كلّ المواصفات العالمية للتسويق.
يُشار إلى أن زراعة الزيتون في عكار باتت تحتلّ مكانة متقدّمة على غيرها من الزراعات الشجريّة المثمرة، لا سيّما أن الزيتون، والزيت المنتج منه، يُشكّلان عنصرين أساسيّين من مؤونة العائلات، ولا يُمكن الاستغناء عنهما.
تمتاز عكار بأن رقعة الأراضي المشجّرة بالزيتون ارتفعت مساحتها إلى حدود عشرة آلاف هكتار، وهي منتشرة بشكل أساسيّ في قرى وبلدات القيطع والشفت والسهل والدريب وحتى في المناطق الجبليّة وبعض قرى وبلدات منطقة سهل عكار، في وقت يبلغ فيه عدد معاصر الزيت في المنطقة أكثر من 125 معصرة، القسم الأكبر منها حديث جداً، فيما ثمّة معاصر لا تزال تعمل وفق الطرق القديمة، بل يقتصر عمل البعض منها على عصر وإنتاج الزيت العضوي. لكن معاصر أخرى – في المقابل – توقّفت عن العمل لعدم قدرة أصحابها على تشغيلها.
تبدأ استعدادات المعاصر، على الأغلب، اعتباراً من منتصف أيلول من كلّ سنة، وتستمرّ لغاية أواخر شهر شباط، بمعدّل 24 ساعة يومياً. وتبلغ كميّة الزيتون المنتج في مواسم الإنتاج الطبيعية في عكار ما يقرب من 60 ألف طن من أصل 80 ألفاً من الإنتاج الشمالي عموماً، في وقت تحتاج هذه العملية إلى جيش من العاملينّ و المشتغلين في هذا القطاع والمستفيدين منه.
مصطفى الأخرس، الذي يملك معصرة زيت في بلدة القرقف، أمل في أن يكون إنتاج الزيتون والزيت جيّداً، وقال إنّ معصرته بدأت عملها باكراً جداً في هذا الموسم بطلب من المزارعين الذين تخوّفوا من سرقة مواسمهم.
ولفت الأخرس إلى أن المزارعين يعوّلون على إنتاج شجرة الزيتون المباركة بالنسبة إلى مؤونة الزيتون الأخضر والأسود المكبوس للمائدة، ويبيعون الفائض عن حاجتهم، وكذلك بالنسبة للزيت، وكميّات الجفت الذي يأتي من مخلّفات عمليات العصر، وتحوّل كمّياته الكبيرة إلى فحم للتدفئة.
سمير الزير، وهو مزارع ورئيس تعاونية مزارعي الزيتون في شدرا (عكار)، أكد أنّ إنتاج هذه السنة جيّد على كلّ المستويات كمّاً ونوعاً، وشرح آليات إنتاج الزيت النوعيّ والجيّد، وقال: “كلّ مئة كيلوغرام من الزيتون تُعطي إنتاجاً متوسّطه ما بين الـ30 والـ40 في المئة زيتاً”.
وقال الزير إنه سيبدأ بالقطاف المبكر، وهو المفضّل بالنسبة إليه لضمان جودة الزيت من الزيتون الأخضر، لأن هطل الأمطار غير مضمون، والقطاف المبكر يخفّف من هدر ثمار الزيتون التي قد تسودّ وتتساقط، ويخفّف من تكلفة جمع هذه الكميّات المتساقطة، التي لا يمكن الاستفادة منها لإنتاج زيت جيّد، وبالإمكان تعويض النقص بالماء والرطوبة المفترضة في ثمار الزيتون، نتيجة عدم تساقط الأمطار، بإضافة الماء خلال عملية طحن الزيتون بمقدار نقص المياه أو الرطوبة، لتكوين عجينة صالحة للفرز واستخراج الزيت من ثمار الزيتون.
هذا، وكانت الجمعيات التعاونية الزراعية والجهات المعنيّة بجودة الزيتون قد توجّهت إلى المزارعين مع اقتراب موسم قطف الزيتون بجملة إرشادات، دعت فيها إلى قطف ثمار الزيتون باليد لا بالعصا لأنها تتسبّب بأذية أطراف الشجرة التي ستحمل الثمار في العام التالي، وشجّعت ظاهرة المعاومة، محذّرة من انتشار الأمراض والآفات وأهمّها: سلّ الزيتون وذبابة أغصان الزيتون.
ونصحت التعاونيات المزارعين بعدم تخزين الثمار لفترة طويلة في المعصرة، لأن ذلك يؤثر في نوعيّة الزيت المنتج، وبفصل الثمار المتساقطة على الأرض عن الثمار المقطوفة حديثاً، وبفصل الأوراق والأغصان الصغيرة والأتربة والحصى عن ثمار الزيتون بعد القطف، بالإضافة إلى تعبئة ثمار الزيتون بصناديق بلاستيكية بدل أكياس الخيش أو الأكياس البلاستيكيّة.
وتحدّثت التعاونيات عن أهمية اللكر الغذائي الذي ينبغي طلاء الصفائح به، لأن ذلك يُحافظ على نوعيّة زيت الزيتون، فضلاً عن استخدام خزانات الستانلس ستيل غير القابلة للصدأ، والمختلفة الأحجام لتعبئة زيت الزيتون لفترات طويلة.