مع زيادة الوفيات:هل الكيماوي العلاج الصحيح للسرطان أم إضعاف للمناعة؟
تفضل السيدة (منال، س)المصابة بسرطان الثدي، أن تعاني الألم على أن تتعرض للعلاج بالكيميائي.
المريضة منال توضح موقفها بأن الكيماوي سيتسبب بتشوه معالم جسدها، من تساقط للشعر أو ضعف عام، ناهيك عن تخوفها من ردة فعل زوجها في حال تساقط شعرها، خاصة وأنها سمعت مؤخراً عن النساء اللواتي تم طلاقهن بعد إصابتهن بالمرض وتساقط شعرهن.
لكن الأربعينية منال لا تعلم إن كان الأطباء سيقبلون بهذا الوضع وتقع فريسة لما يتطلبه مرضها من طريقة للعلاج.
وليست منال الوحيدة من ترفض العلاج بالكيماوي لكن الحال ذاته عند الستينية (روحية. م) من معسكر خانيونس، والتي يرفض أبناؤها تعرضها للكيماوي بسبب كبر سنها وخوفهم عليها من عدم قدرتها على التحمل.
ابن السيدة روحية يقول: “لا تزال والدتي تقاوم المرض بالمسكنات وأدوية المناعة والكالسيوم وغيرها، لكننا نرفض علاجها بالكيماوي لأن سنها لا يسمح بذلك، ولا حتى العلاج الهرموني والإشعاعي”.
ويختم:”علمنا بوجود الورم في ثديها وطلبنا من طبيبها المختص استئصاله فوراً وتم ذلك “.
ويختلف الحال عند المريض (محمد. ح) ويقول:” بعد إصابتي بسرطان القولون، طلبت العلاج بالكيماوي، لتخوفي من انتشار المرض وشعرت بالتحسن بعد ذلك ولم يعد لي المرض مرة أخرى”.
ولا يثق آخرون بالعلاج بالكيماوي ويقول المريض (اسلام، ك):” لو كان فيه الرجاء لماذا تزداد حالات الوفاة ويكون المريض تم تعرضه للكيماوي؟
يرد أطباء مختصون على تساؤل بعض المرضى إن كان العلاج بالكيماوي هو الحل الأمثل لمواجهة المرض :”هناك أربع طرق لعلاج مرض السرطان تتمثل في:” الجراحة (الاستئصال)، العلاج بالكيماوي، والإشعاعي والهرموني، ويتم علاج المريض بالطريقة التي يقدرها له الطبيب المختص وهي عبارة عن بروتوكولات”.
ونسب الاستجابة متفاوتة لكل طريقة، ففي حال كانت الإصابة بالسرطان درجة أولى أو ثانية يتعامل معه بأسلوب الجراحة، وبعض الأحيان تكون الجراحة كافية للتخلص منه، إذا كان بدرجة خفيفة، وبالنسبة للإصابة بالدرجة الثالثة أو الرابعة هنا مربط الفرس فهل نستخدم الجراحة أم العلاج الكيميائي، أم الإشعاعي و الهرموني، وهناك طريقة جديدة للعلاج هو الموجه وهو علاج حديث غالي الثمن وتأثيره قليل لكنه مفيد.
يقول المختص في الكيمياء العضوية والمحاضر بجامعة الأزهر في غزة الدكتور حسن طموس: “العلاج بالكيماوي له أعراض جانبية، ويساعد على وقف الخلايا مكملاً للعلاج الإشعاعي، وهذه الأعراض ممكن أن تكون خطيرة جداً في بعض الحالات، لكن لا غني عنه”.
من جهته، يشدد د.عوض عيشان استشاري علاج الأورام والعلاج الإشعاعي، على أن مرض السرطان يعتبر السبب الثاني للوفاة على مستوى العالم، ومن هنا تكمن أهميته.
ويقول عيشان في معرض رده على سؤال هل يستجيب المرضى للعلاج عن طريق الكيمائي: “أثبتت الأبحاث أن الاستجابة بلغت 80 – 85% فقط، وأقل من 20% لا يستجيبون له، أو يكون غير مناسب، وتقوم الخلايا السرطانية بمقاومته كما تقاوم العلاجات الأخرى”.
ويوضح عيشان طرق اختيار العلاج المناسب للمريض بأن كل مريض يدرس كحالة خاصة، ويتم تقييم كل حالة على جهة، ومن ثم يتم أخذ قرارات جماعية بواسطة لجنه خاصة”.
ويضيف عيشان: “العلاج الكيميائي يؤثر على الخلايا التي تكون في مرحلة التكاثر مثل النخاع العظمي، الذي ينتج خلايا دم جديدة بشكل مستمر، وكذلك خلايا المبيض، والأمعاء لأنه يتجدد كل ثلاثة أيام بالكامل، فيؤثر العلاج الكيميائي عليها”.
يتابع عيشان:”لكن خلايا المخ والجهاز العصبي للتكاثر، فهو لا يؤثر عليه”.
وفي معرض رده على سؤال هل يتم أخذ العلاج بالكيمائي كبديل للعلاج في الحالات التي تمنع من السفر بسبب الحصار؟ يردف د. عيشان بأن هذا ادعاء غير منطقي، ولا يمكن أن تكون هناك حالات تعالج بهذا الشكل، لأن كل إصابة لها برتوكول علاجي مختلف عن الأخرى، فالمصاب بالأمعاء له برتوكول علاج مختلف عن الإصابة بسرطان الثدي”.
و حول اختيار بعض المريضات لعدم العلاج بالكيماوي لقناعتهن بأنه لن يحدث فارقاً بل سيعرضهن للتشوه يقول عيشان:” هناك أعراض جانبية للعلاج الكيميائي من سقوط الشعر، وانخفاض المناعة، وتكسر الأظافر، وتشوه الجلد، يتم شرحها ويتم اقناع المريض لتقبلها لعلاج المرض”.
من جهته، يقول د. صائب العويني رئيس قسم الأحياء في الجامعة الإسلامية ومتخصص في بيولوجيا السرطان، إن عقار الكيماوي الالتربازين ستخدم لعدم وجود بديل وهو الذي يجبر الأخصائيين على استخدامه”.
ويضيف العويني :”نسبة الشفاء من العلاج الكيمائي التكربزين 2%والاستجابة 15% ومن عام 1973 يعتبر هو الاختيار الأول في العلاج الكيماوي حول العالم، وخاصة سرطان Aggressive” ” لكن لعدم وجود خيار آخر يتم استخدامه رغم سوئه”.
يتابع العويني:” العلاج الإشعاعي قاتل للخلايا السرطانية في مكانها من حيث تسليط حزمة إشعاعية على المكان، المصاب، ويجب أن يكون بدقة متناهية بدون احتمال أخطاء لكن لو كانت هناك خلية هاربة بجسم الإنسان أو تسبح بالدم لا يمكن للعلاج الاشعاعي القضاء عليها، وهنا يكون العلاج الكيميائي فعال يلاحقها ويقضي عليها”.
ويوضح د.عوني أن هناك 350 علاجاً كيمائياً ويقسم السرطان إلي حوالي مئة مرض مختلف، وهناك بعض الحالات يستخدم بها الكيماوي كعلاج وحيد وحتى على مستوى العالم، في ظل عدم وجود بديل يكون خيار الكيماوي هو الخيار الوحيد”.
ويبين العويني :” الخلايا السرطانية خلايا ماكرة وخبيثة جداً ، ومن خلال الأبحاث التي قمت بها حول العلاج الكيماوي وبروتكولات العلاج العالمية وتجاوبها مع المرضى بالوطن العربي للاختلاف الجيني، واختلاف التركيبة الجينة وجدت أن هناك برتكولات علاج كيماوية لا تعطي النتيجة التي تكون فعاله بها بأوروبا أو الصين مثلاً لاختلاف التكوين الجيني.
ويختم العويني:” لذلك تم إدخال بعض التعديلات على العلاج الكيماوي ليتناسب مع التغير الجيني، عندنا مثلاً الدكربزين علاج كيميائي تم تحسينه بعقار استاتين وهو علاج لتخفيض نسبة الدهون بالجسم وعمل على رفع فعالية الدكربزين، وكانت هناك نتائج ملموسة.
وقد صرح مدير مشروع مستشفى يداً بيد الخيري لعلاج السرطان م. إبراهيم الأيوبي أن هناك ما يقارب 1000 حالة وفاة نتيجة السرطان بقطاع غزة سنوياً، ويبلغ عدد الإصابات سنويا 1800 بزيادة 25% سنوياً، ولا يوجد مستشفى تخصصي شامل لعلاج السرطان في قطاع غزة، مما يؤدي إلى إصدار آلاف التحويلات سنوياً للعلاج والتشخيص خارج القطاع.