من هي “النادلة-البطلة” في إعتداءات باريس؟
والدها مغربي ووالدتها جزائرية، هي عربية، إذاً هي من نفس خلفية المهاجمين العرقية، كما تورد الصحافة الفرنسية. لكنّها وُلدت في فرنسا، وترعرعت هناك، وما عاشته في تلك الليلة المشؤومة زادها تعلّقاً بهذا البلد، الذي أحبّته، وكبرت فيه، وعملت فيه وعرفت زواياه.
هي ياسمين اليوسفي (20 سنة)، تعمل نادلة في أحد مطاعم العاصمة باريس التي تعرّضت لاعتداءٍ إرهابي الأسبوع الفائت.
تقول “البطلة الناجية”: “أعرف معنى الوحدة، ولم أكن لأدع هؤلاء المصابين يشعرون بها في تلك اللحظات، كنت أتمنى الموت بدل تركهم وحيدين”.
ويظهر الفيديو الذي نشرته “دايلي ميل” والذي شاهده الملايين حول العالم، مشهد النادلة وهي تغمر المرأة التي أصيبت بطلقٍ ناري في يدها عندما كانت تتجوّل في الشارع خارجاً، والتي لجأت إلى المطعم للإختباء فيه. وبعد دقائق ساعدتها كي تنزل إلى القبو.
وتروي ياسمين: ” كانت تصرخ وتقول أنّ صديقها في الخارج… بالطبع كانت مرتعبة ومصابة. لم أكن لأتركها بمفردها. بالطبع لم أكن لأفعل ذلك. كانت تنزف كثيراً”.
وبعد أن ساعدت الزبائن في النزول إلى القبو، خرجت اليوسفي إلى الشارع كي تنقذ المصابين في الطريق، لكنّها وصلت “متأخّرة”. “كانوا قد أصيبوا، منهم من كان يحتضر، ومنهم من كان قد توفي. رأيت امرأةً تنظر إليّ، هرعت وأمسكت بيدها، فما لبثت أن فارقت الحياة”، تقول ياسمين.
وأضافت: “كنت أتمنى لو أنّهم كانوا فقط مصابين، لم أعرف أسماءهم ولم أر في حياتي مثل نظراتهم الفارغة… كنت أركض بين جثثهم كي أساعدهم، سألت أحدهم إذا كان بخير، لكنّه كان ميتاً”.
لم تفارق هذه المشاهد بال ياسمين، فتقول: “أصحو في الصباح فأراهم، وقبل أن أغفو في الليل أراهم، صورهم ونظراتهم لا تفارقني…”.
ويخبر أحد العاملين الجدد في المطعم، عيسى فيريدج “كانت شجاعة، هي أول من خرج من المطعم لمساعدة الجرحى وللإطمئنان عليهم. تنقلت من شخصٍ إلى آخر، وكانت تقول لهم ألّا يخافوا، كل شيء سيكون على ما يرام”.
وتختم ياسمين قائلةً: ” هؤلاء الناس ماتوا فقط لأنّهم أحبّوا الحياة وأرادوا العيش. هم ماتوا لأنّهم أرادوا أن يسمعوا الموسيقى ويخرجوا مع من يحبّون، وأرادوا التجوّل في شوارع مدينتهم. واليوم، يبكي الجميع هؤلاء الأبرياء”.