نصف فاتورة الكهرباء على حساب مشروع لبلدية قبريخا – الجنوب!
قبريخا، بلدةٌ لبنانية جنوبية. من لا يعرفها، لا يتوقّع أن وجودها فعليّ على الخريطة. البلدة كانت السباقة في انشاء معمل فرزٍ للنفايات بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الانمائي. وقد وقّعت اتفاق خفض نسبة ثاني اوكسيد الكربون في هوائها بمعدّل 20%. واختارت لها رئيس بلديةٍ يافع عمره 32 عاماً. والأهم، أن قبريخا ستكون البلدة اللبنانية الأولى التي ستضيء كهرباء منازلها ومصابيح انارة شوارعها على الطاقة الشمسية خلال السنة الجارية 2017، بعدما اختارها برنامج الأمم المتحدة الانمائي لتنفيذ مشروعه.
بدأت القصّة قبل سنة ونصف السنة وفق رئيس البلديّة الدكتور اسماعيل حجازي الذي أكّد لـ”النهار” أن الترجمة الفعلية للمشروع بدأت مطلع السنة وهو سينفذ على مساحة ارض عبارة عن مشاع بلدي. ويقول أن “نحو نصف سكّان القرية تقدّموا بأسمائهم للافادة منه او لتجربته، حيث ستدمج عملية توليد الكهرباء على الطاقة الشمسية بكهرباء الدولة والمولدات الخاصة لضمان وصولها الى المنازل”. المبدأ بسيط للغاية. يوضع عدّاد ذكي في كلّ منزل ليقيس نسبة استهلاكه من الكهرباء على الطاقة الشمسية. تخصم النسبة المستهلكة على الطاقة الشمسية من فاتورة كهرباء الدولة. ويدفع المواطن ما استهلكه من كهرباء الدولة فقط. ويقول أن “وزارة الطاقة تتعاون ايجاباً في هذا السياق مع برنامج الامم المتحدة الانمائي للتوصل الى اتفاق نهائي حول كيفية الدمج بين كهرباء الدولة والطاقة المستدامة وآلية دفع الفواتير”. ويعوّل على “مساهمة المشروع في التخفيف من انبعاثات ثاني اوكسيد الكربون وتقليص استخدام الوقود مع انحسار عدد المولدات المستخدمة لتوليد الطاقة”.
انتاج الشمس
قبل 10 سنوات، كان المستثمرون في الطاقة المتجددة وانتاج الكهرباء يقدمون على هذه الخطوة لاهتمامهم بالبيئة فقط. ولكن، في الاعوام الخمسة الأخيرة، انخفضت كلفة الاستثمار بفضل القروض المدعومة والديناميكية التي وفّرها مصرف لبنان بالتعاون مع وزارة الطاقة لفترة 14 سنة مع 4 سنوات سماح بفائدة متدنية تصل الى 1.7%. ما سمح للمستثمر باسترداد النفقات في فترة زمنية تقلّ عن 10 سنوات، في حين ان أمد عمر المشروع يبلغ 25 سنة. في هذا الاطار يشير عضو مجلس ادارة الجمعية اللبنانية للطاقة الشمسية والمدير العام لشركة “فينيكس انرجي” ربيع الأسطة لـ”النهار” الى أن عدد الشركات التي تعمل في هذا القطاع الى تزايد وهي في غالبيتها تتعامل مع مشاريع صغيرة تراوح ما بين 50 و60 كيلوواط. ويقدّر عدد الشركات التي تستثمر في مشاريع ضخمة بـ6 فقط.
تستورد الشركات اللبنانية قطع سخانات المياه الشمسية من الصين واوروبا وتركّبها في لبنان. فيما تصنّع شركتان لبنانيتان قطع السخانات وطنياً. في حين ان الالواح الشمسية والمحوّلات المخصصة لتوليد الكهرباء على الطاقة الشمسية تشرى جميعها من الخارج وتركّب في لبنان. ويقدّر حجم مشاريع توليد الكهرباء على الطاقة الشمسية في لبنان، وفق الأسطة، بـ7 ميغاوات حتّى نهاية عام 2016. وفي رأيه الرقم ضئيل مقارنةً بالأردن الذي بلغ حجم المشاريع فيه 70 ميغاوات. ويلفت الى أن “الرقم سيرتفع الى 13 ميغاوات مع حلول شهر حزيران 2017، وفق العقود التجارية الموقعة. اما على صعيد مشاريع تسخين المياه على الطاقة الشمسية، فيصنّف لبنان في خانة أكثر 3 بلدان استعمالاً لها في منطقة شمال افريقيا والشرق الاوسط مع تكلفة تقلّ عن ألف دولار للسخان الواحد”. ويتابع أنه “على عكس ما يعتقد غالبية اللبنانيين، ان انتاج الكهرباء على الطاقة الشمسية أفضل في أشهر أيار وحزيران وأيلول وتشرين أول منه في شهري تموز وآب، ذلك ان فعالية اللوح الشمسي أقوى في ظلّ الحرارة المعتدلة. ويعتبر لبنان من أكثر بلدان العالم انتاجاً للشمس مع 3000 ساعة شمس سنوياً، فضلاً عن قلّة الغبار في الجو ما يزيد كمية الضوء لانتاج الكهرباء”.
أسباب تعوق القطاع
يلخّص الأسطة العوائق التي تزال تفرض نفسها على قطاع الطاقة المتجددة بثلاثة. العائق الاكبر هو عدم توافر عقود لشراء الكهرباء، حيث يتوجّب دفع بدل كلفة الكهرباء الموضوعة على الشبكة لصالح المستثمر. على أمل أن تصبح هذه الميزة متوفّرة خلال الأشهر الثلاثة الاولى من العام الحالي. ويتلخّص السبب الثاني برأيه في انقطاع التيار الكهربائي بشكل مستمر ومتقطّع، ما يعني عدم امكان ضخّ الكهرباء على الشبكة. ويتمثّل السبب الثالث في عدم وجود مساحات أراضي كبيرة في لبنان وغلاء اسعارها ما يرجّح امكان انتاج كهرباء من على اسقف المؤسسات او في مناطق كلفة استئجارها زهيدة بعيداً من المدن.
رغم الانطلاقة الخجولة التي عرفها قطاع الطاقة المتجددة في لبنان، الا ان المستقبل يبشّر بانجازات. ولعلّ مدينة طرابلس ستكون الشاهدة الاولى على مشروع ضخم لتوليد الكهرباء على الطاقة الشمسية بالتعاون ما بين شركة فينيكس وغرفة التجارة والصناعة. وسينفّذ المشروع الذي يبلغ حجمه 5 ميغاواط على سقف معرض رشيد كرامة الدولي في منتصف 2017، وسيكون أكبر مشروع طاقة متجددة ينفّذ على امتداد سقف مؤسسة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخامس في العالم.