نهاية زمن الـPCR | عشرة أيام حجر تكفي لعدم نقل العدوى!
تبذل دول العالم ومنها لبنان جهوداً كبيرة من أجل احتواء انتشار فيروس كورونا بوسائل عدّة، وتقع الفحوص المخبرية في قلب هذه الجهود. كما هو معروف، هناك سببان رئيسيّان يدعوان أيّ شخص لإجراءPCR : ظهور الأعراض عليه، ومخالطة أشخاص تبيّنت إصابتهم بالفيروس. إلّا أنّ هناك بعض الدراسات الحديثة تقول إنه لم تعد هناك فائدة من إجراء فحوصات الـ PCR العشوائية والشاملة، فما السّبب؟ وهل أصبح على الناس اتخاذ الاجراءت والاحتياطات الخاصة من دون اللجوء الى الفحص؟
خبير الأمراض الجرثومية وعضو اللجنة العلمية في وزارة الصحة لمتابعة كورونا البروفيسور جاك مخباط يؤكد أنّ “هذه الدراسات هي استراتيجية جديدة نتيجة للارتفاع الكبير بعدد الإصابات. ووصلنا لمرحلة علينا أن ننظر فيها بعين الاعتبار إلى أنّ كلّ شخص مُصاب بالتهاب رئوي هو مصاب بكورونا. واليوم، هناك مسألة أساسية، هي اختلاط الإنفلونزا بالكورونا”.
ويتابع مخباط في حديثه لـ”أساس” أنّه “لهذا السبب، لم يعد للفحوصات العشوائية ضرورة. ففي السابق، كنّا نقوم باجراء فحوصات عشوائية (مثلاً 1% إصابات. أما اليوم، فهناك على الأقل 10% إصابات من هذه الفحوصات العشوائية). من وجهة نظري، أتعامل مع كلّ شخص لديه عوارض على أنه مصاب بكورونا. وأيضاً كلّ شخص خالط مصاباً، أعتبره مصاباً بكورونا، ويجب الحجر عليه”.
ويلفت مخباط إلى أنّ التوصيات الجديدة لمنظمة الصحة العالمية تغيّرت، ويقول: “توصيات منظّمة الصّحة العالمية أظهرت بالأدلّة العلميّة أنّه بعد 10 أيّام من النتيجة الإيجابية الأولى، لا يصبح غالبية مرضى “كوفيد-19” ناقلين للعدوى. وعليه، قامت المنظّمة بتحديث إرشاداتها المتعلّقة بالفترة الزمنيّة التي بعدها لا يصبح مريض فيروس كورونا المستجد قادراً على نقل العدوى لغيره، ممّا يحمل خبراً مطَمئِناً بأنّ المصابين لا يستمرّون في نقل العدوى بالفيروس حتّى لو كانت النتيجة إيجابية، فيكفي أن يتخلّص المُصاب من العوارض خلال الأيّام الـ10 الأولى، و3 أيّام احتياطيّة، وبعدها لا ينقل العدوى لمن حولَه، ولا داعي لإجراء فحص الـ “PCR” .
وعن تفشي فيروس كورونا في لبنان وخاصة لدى الجسم الطبي والتمريضي، رأى مخباط أننا “مدركون لهذا الخطر الكبير، ولهذه القنبلة الموقوتة. ولذلك، يجب على كلّ الأطباء أن يكونوا على درجة عالية من الاهتمام بحماية أنفسهم لتخفيف الخطر عليهم، وكذلك الأمر بالنسبة للجسم الإداري داخل المستشفيات”.
وختم قائلاً: “الوقاية التي علينا اعتمادها في هذه المرحلة الخطرة، هي اعتبار كلّ شخص يدخل إلى المستشفى مصاباً بكورونا، أي علينا التعامل معه باستعمال وسائل الحماية التي باتت معروفة. وتبيّن لنا أنّ اكثرية المشاكل التي نواجهها، هي بسبب أنّ الجسم التمريضي والطبي الذي أُصيب بالعدوى التقطها من خارج المستشفى. من هنا، وعبر موقعكم، أوجّه رسالة لكلّ العاملين في الجسم الطبي والإداري: نحن مسؤولون تجاه المريض داخل وخارج المستشفى.. احموا أنفسكم”.
رئيسة دائرة المختبرات في مستشفى رفيق الحريري الجامعي الدكتورة ريتا فغالي تشرح لـ”أساس” أنّ هذه الدراسات لها معنى في مناطق معيّنة (في المعابر والقرى والبلدات التي أُقفلت بقرار من وزير الداخلية محمد فهمي، ودار العجزة) أي في الأماكن التي سجّلت ارتفاعاً في إصابات كورونا، وتعتبر موبوءة، ولا يمكن تعميمها على المجتمع ككلّ. وزارة الصحة تختار أمكنة فيها وباء واحتكاك، وتجري الفحوصات العشوائية للتخفيف من حدة الخطر على بقية المجتمع”.
وأضافت فغالي: دور وزارة الصحة شيء، ودور الناس والمجتمع شيء آخر. هذه الحملات العشوائية لفحوصات الـ PCR لم يعد الاستفادة منها مثل السابق، عندما كان لبنان يسجّل 10 أو 20 حالة يومياً. كنا وقتها نستطيع تتبّع كلّ حالة، وكلّ الأشخاص الذين احتكوا وتواصلوا معهم. كان الهدف حينها احتواء الفيروس. أما اليوم، فلم يعد هدفنا احتواء الفيروس لأن الوضع خرج عن السيطرة. لكننا نستطيع أن نخفّف من الزيادة العشوائية للإصابات التي أرهقت النظام الصحي. ومن المهمّ أن نحاول احتواءها لأننا وصلنا لمرحلة “الناس ما فيها تفوت عالمستشفى”.
أما عن تفشّي المرض وسط الكادر الطبي، فأجابت فغالي: “لا بديل غير الحماية. لذلك، طلبت المستشفيات من كلّ مريض يدخل الى المستشفى إجراء فحص الـ PCR، ولكن في النهاية “متلنا متل غيرنا الوضع صعب”.
إذاً، موضوع الفحوصات العشوائية أثار جدلاً بين أطراف مختلفة، منهم من شدّد على أهميتها، ومنهم من اعتبر أنه من غير المجدي اللجوء إليها في هذه المرحلة تحديداً. أما اليوم، فيبدو أننا دخلنا مرحلة جديدة مع وصول عدد الإصابات اليومية إلى حدود 1500، وهي مرحلة تنذر بكارثة مجتمعية. والأهم، هو الصعوبة التي تواجه الشعب اللبناني في كيفية التعايش مع كورونا.
المصدر : تالا غمراوي – أساس ميديا