هل يبقى سعد الحريري بعيداً عن انتخابات آذار في لبنان؟
كتب سامي مبيض في صحيفة “غلف نيوز”: تستعد جميع الأحزاب اللبنانية للانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر إجراؤها في 27 آذار 2022. يظهر السياسيون يومياً في البرامج التلفزيونية، ويقدمون وعودهم المعتادة في حملتهم الانتخابية، ويعدون بالمساءلة عن الفساد، وفتح الحسابات المصرفية المودعة المغلقة، والكهرباء.
يتم رفع أعلام الحزب في دوائرهم الانتخابية: البرتقالي للتيار الوطني الحر لجبران باسيل، والأصفر لحزب الله والأخضر لحركة أمل. من الواضح أنّ العلم الأزرق لتيار المستقبل غائب عن الحملات الانتخابية المبكرة في بيروت، وسط تكهنات كبيرة بأنّ زعيمه سعد الحريري لن يترشح لمنصب الرئاسة في آذار المقبل.
وقد دفع ذلك صديقه وحليفه، رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة، إلى زيارته بحثاً عن توضيحات. وقال الحريري أنه سيصدر إعلاناً لدى عودته إلى بيروت هذا الشهر. ومع ذلك، فقد أوضح لمؤيديه أنه حتى لو لم يشارك تيار المستقبل في الانتخابات، فإنهم أحرار في ترشيح أنفسهم كمستقلين. ويأتي انسحابه المفاجئ من السياسة بعد أربعة أشهر فقط من رفضه تشكيل حكومة، وقد ترك المجتمع السني الذي يرأسه مرتبكاً وقلقاً.
لا أسماء مألوفة
إذا لم يترشح الحريري للبرلمان، فلن يترشح فؤاد السنيورة أو أي من السنة البارزين من تيار المستقبل، مثل وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق. كما سيمتنع رئيس الوزراء السابق تمام سلام، سليل عائلة سنية بارزة في بيروت، عن العودة إلى البرلمان. أما الشخصيات السنية الوحيدة التي ستشارك في الحملات الانتخابية في آذار المقبل، فستكون إما من المستقلين، أو من أعضاء تيار العزم التي يتزعمه رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، أو من المنتسبين إلى تحالف 8 آذار الذي يقوده حزب الله، مثل فيصل كرامي من طرابلس ووزير الدفاع السابق عبد الرحيم مراد.
نقص الأموال
هناك العديد من الأسباب وراء قرار الحريري الانسحاب من الانتخابات، ومن بينها نقص الأموال لتمويل حملة وطنية له ولأتباعه. في الصيف الماضي، قال ذلك بصراحة خلال مقابلة مع تلفزيون الجديد: “اعتدت أن أكون مليارديراً لكنني لم أعد كذلك.” تم إنفاق الكثير من هذه الثروة على السياسة الداخلية بعد أن قرر أن يصبح الوريث السياسي لوالده وخليفته، في عام 2005.
ظهور بهاء الحريري
لكنّ الأمر الأكثر إثارة للقلق من هذين القيدين هو الطموح السياسي المتزايد لشقيقه الأكبر بهاء، الذي يدخل السياسة اللبنانية في آذار المقبل من خلال قائمة من الشخصيات السنية، بعضها أعضاء سابقون في تيار المستقبل.
على عكس سعد، لم يضيع بهاء ميراثه من الإمبراطورية التجارية لوالدهم الراحل رفيق الحريري. وفقاً لفوربس، يبلغ صافي ثروته حالياً 2 مليار دولار، أي الكثير من الأموال تحت تصرفه لجذب الناخبين وتسويق نفسه كزعيم جديد للسنة اللبنانيين، تماماً كما فعل والده عندما ظهر لأول مرة في أوائل 1990.
على عكس سعد، اتخذ بهاء الذي تلقى تعليمه في جامعة بوسطن، موقفاً صارماً بشكل خاص من حزب الله، وهو ما يعتبر محبذاً بالنسبة للغرب والمملكة العربية السعودية. ويتزايد طموحه بشكل مطرد منذ أن ظهر لأول مرة سياسياً قبل عامين، ودعم الاحتجاجات على مستوى المدينة التي أطاحت بحكومة شقيقه الثالثة، في أكتوبر 2019.
إنّ حملته الانتخابية الحالية “سوا للبنان” ترفع بالفعل لوحات إعلانية في جميع أنحاء بيروت، قبل انتخابات آذار. في حين أغلق سعد وسائل الإعلام الخاصة به مثل تلفزيون المستقبل وجريدة المستقبل، والتي كانت ضرورية للحملات السابقة (بسبب نقص الأموال أيضاً)، يقوم بهاء بحملة من خلال منصة صوت بيروت الدولية على الإنترنت، والتي تبث على القنوات الفضائية عبر إل بي سي.
وقد استأجر أيضاً شركة استشارية سياسية أسترالية تدعى سي تي جروب لتخطيط استراتيجية حملته الانتخابية، وقد أنشأت سوا للبنان بالفعل عشرة مكاتب في جميع أنحاء البلاد، ومقرها في وسط بيروت، وهو حي فاخر أُعيد بناؤه من قبل رفيق الحريري واعتبر منذ فترة طويلة فخره وفرحه.
ومع ذلك، لن يترشح بهاء الحريري لمنصب الرئاسة في آذار، مفضلاً بدلاً من ذلك إدخال قائمة من المؤيدين والحلفاء إلى البرلمان. عندما يحدث ذلك، سيصبح بهاء قوة في السياسة اللبنانية، قوة صغيرة ولكنها نامية، تقود إسفيناً داخل المجتمع السني وداخل تيار المستقبل التابع لأخيه.
هذه أوقات عصيبة بالنسبة لسعد الحريري، وقد يكون من الأفضل له أن يجلس ويراقب، بدلاً من الانغماس في مواجهة قد لا يكون قادراً على الفوز بها.
المصدر : ترجمة “صوت بيروت إنترناشونال”