هل يصدّق اللبنانيون الحريري هذه المرّة… فلا ينتخبوه !؟
إرتفع منسوب الحديث عن الإصلاحات المالية والإدارية بالتزامن مع مؤتمر “سيدر1″، حيث كان تشديد من قبل الدول المشاركة فيه على أهمية قيام المسؤولين في لبنان بخطوات سريعة على طريق الإصلاح. وترافق هذا الحديث مع إشارات واضحة من قبل الرئيس الفرنسي، الذي أعتبر أن المساعدات المقدّمة للبنان لن تفيده بشيء إن لم تواكبها إصلاحات جذرية في عدد من القطاعات الحيوية بالشراكة بين الدولة والقطاع الخاص، وأهمها في مجال الطاقة من خلال رفع التعرفة وتنفيذ مشاريع الشراكة مع القطاع الخاص، وتحديث قانون التوريدات العامّة، وضع استراتيجية شاملة للجمارك لتسريع المبادلات التجارية، وتحرير الاتصالات، والخوض في تسهيل عمليات استثمار القطاع الخاص، والالتزام بتنفيذ تدابير تعزّز الشفافية والمساءل.
في المقابل، أشار صندوق النقد الدولي إلى أن “نجاح الخطة الاستثماريّة يتطلب من كل طرف أن يقوم بدوره، بحيث مطلوب من الحكومة اللبنانية أن:
– تخفض عجز الميزانية بنسبة 5% كبداية خلال السنوات الخمس المقبلة، والبدء بتخفيض الدين العام.
– إصلاح قطاع الكهرباء وتحسين التغذية الكهربائية وخفض أعبائها بما يخفض الدين العام.
– مكافحة الفساد.
-الالتزام بالتدابير التي يتبعها صندوق النقد للتوصل إلى هذه الأهداف.
– تقييم الاستثمار العام وتحديد الثغرات في الادارة العامة قبل البدء بتطبيق الخطة الجديدة.
أمّا دول OECD فقد عبّر أمينها العام عن الشروط التي “يمكننا المساعدة في تنفيذها”، وتتضمّن:
– الالتزام بمعاييرنا للحوكمة والتنافسية.
– صياغة قوانين ضرائبية جديدة .
– صياغة قانون جديد للمشتريات العامة ورقمنة الحكومة.
– تحسين بيئة الأعمال بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي بما يكفل فتح مجالات أكبر للشركات الصغيرة والمتوسطة.
فهذه الأهداف وغيرها الكثير تتطلب من الحكومة الحالية أو الحكومة التي ستشكل بعد الإنتخابات النيابية الكثير من العمل المتواصل حتى الوصول كحدّ أقصى إلى ما نسبته عشرة في المئة، وهي نسبة لا بأس بها إذا ما قارنا بين صفر إصلاح وبين العشرة في المئة، وهو ما يلبي طموحات الدول الصديقة التي نصحت لبنان بأن يقبل على الإصلاح بجدّية ومن دون مماطلة، وهي سمة أعتاد عليها اللبنانيون في المفاصل التاريخية، إذ أن التسويف والمراهنة على عامل الوقت والإعتقاد بأن ذاكرة الشعب اللبناني ضعيفة، وذلك من أجل تمرير المصالح الخاصة قبل المصالح العامة، وهي التي من شأنها وحدها أن تقود اللبنانيين إلى الشاطىء الآمين، بعيدًا عن الشعارات والعناوين الكبيرة، التي لا يمكن الوصول إلى ملامستها ولو عن بعد.
فلبنان بعد “سيدر1” ليس كما قبله، إذ أن عيون العالم اصبحت مفتّحة أكثر من اللزوم، بعدما وضع لبنان تحت المجهر، ولم يعد بالتالي من المسموح التعاطي مع هذه الإستحقاقات بالخفّة نفسها التي كان يتمّ التعاطي معها في السابق من قبل أهل السلطة المسؤولين أولًا وأخيرًا عن وضع العربة الإصلاحية على السكة الصحيحة، لأن أي دعسة ناقصة قد تقود إلى ما لا يُحمد عقباه، خصوصًا أن البلاد مقبلة على إستحقاق إنتخابي قد يكون فيها الناخب اللبناني مهيأً أكثر من أي وقت مضى للمحاسبة عبر صناديق الإقتراع.
وإذا أراد هذا الناخب أن يصدّق رئيس حكومته، الذي دعا الناس إلى عدم التصويت له في حال لم يقم بما هو مطلوب منه من إصلاحات، فإن كثيرًا من الوزراء المرشحين لن يُكتب لهم النجاح، لأن من لم يقم بأي خطوة إصلاحية على مدى عهود لن يستطيع أن يجترح المعجزات في اقل من شهر، وهو الوقت الفاصل بين مؤتمر “سيدر1” وبين موعد الإنتخابات النيابية في السادس من ايار. وعليه فإن أحدًا لن يصّوت لهذا الوزير أو ذاك النائب، باستثناء قلة قد بُحّ صوتها وهي تنادي بوقف الهدر ومكافحة الفساد ومحاسبة المرتشين والمرتكبين وتطبيق قانون “من اين لك هذا”.
أندريه قصاص – لبنان 24