ماذا عن الوضع الأمني بعد تفجيري ’برج البراجنة’؟
لأكثر من عام، نعِم اللبنانيون بالأمن والأمان. “موجة التفجيرات” التي تراجعت مع وقوع نعيم محمود الملقب بـ”نعيم عباس” في قبضة الأمن اللبناني، عادت الأسبوع الماضي. الضربة التي تلقاها الاسم اللامع في عالم الإرهاب لم توقف أولياء الوحشية عن البحث والتحري مجدداً لإنشاء خلية مشابهة في الأهمية. غرفة عمليات إرهابية تشكّلت بعد وقت قصير من انتهاء صلاحية عباس، الصديق اللدود لزعيم جبهة “النصرة” أبو محمّد الجولاني وغيره ممن ذاع صيتهم في عالم الإرهاب، وفق ما يلفت مصدر أمني رفيع. الخلية العتيدة لم تأخذ “مجدها” كما سابقتها التي ارتكبت تفجيرات بالجملة. وقعت خلية “نعيم عباس 2” -كما يحلو للمصدر نعتها- بعد أول تفجير نفذته في برج البراجنة، ما فتح الباب واسعاً أمام العديد من الأسئلة في الأوساط الشعبية قبل الرسمية. هل سيكون التفجير المذكور فاتحة لانفجارات لاحقة، أم أنّ الإنجاز الأمني الذي سجّله فرع المعلومات وبوقت قياسي قطع الطريق على ذلك؟.
في الأمن لا يُمكن ضبط الأمور مئة في المئة. لبنان الجار الأقرب لسوريا حيث تستعر الحرب بين محور الإرهاب وبين المقاومة. لذلك، من وُجهة نظر المصادر الأمنية، لا يمكن القول بأن الباب مُقفل أمام أي هزة أمنية جديدة. لكنّ المصدر بالمقابل يُطمئن أنّ الأجهزة الأمنية متيقظة أكثر من أي وقت مضى. يستطرد المصدر بطرح عدة فرضيات للإجابة عن سؤال مهم في المعادلة الأمنية: هل هناك خلية جديدة يصح إطلاق لقب “نعيم عباس 3″ عليها في الوقت الحاضر؟. المصدر استبعد بناء على التجارب مع العقل الارهابي وجود خليتين تعملان بالتوازي. بمعنى، ان إبطال مفعول خلية الإرهابي عبد الكريم الشيخ علي، العقل اللوجستي والتنفيذي، وتشرذمها بين قتيل وسجين وفار وجّه صفعة قوية لمحور الإرهاب، سيمنع على الأقل في الوقت القريب القيام بأي ارتكابات جديدة. هل نحن أمام إنشاء خلايا جديدة ؟ يُجيب المصدر :” التهديدات دائماً موجودة”، ما يتطلب وفق المتحدّث جهداً استطلاعياً واستعلامياً مكثفاً بين الأجهزة الرسمية وأجهزة المقاومة لقطع الطريق على الخلايا الإرهابية لمنع تنفيذ مخططاتها الإجرامية”.
موقع التفجير الإرهابي في برج البراجنة
حديث المصدر عن تنسيق أجهزة الأمن فيما بينها، يطرح سؤالاً طالما تداولته الأوساط اللبنانية. ما الذي يمنع إنشاء غرفة عمليات مشتركة بين الأجهزة الأمنية تُسهّل المهمات وتقطع الطريق على الإرهاب قبل وقوعه؟. بلا تردد يجيب المصدر “عداوة الكار”. التجربة التي تحظى بها عدة دول في العالم، تقف عقدة “الاستئثار بالإنجاز” والحسابات الطائفية والمذهبية لدى المعنيين عائقاً أمام تطبيقها. وهو الكلام الذي يؤكّده المحلل السياسي اللبناني جوني منير، ويضيف عليه أنّ مرجعية الإمرة السياسية لإدارة هذه الإجهزة تقف حائلاً دون إبصار هذا الموضوع النور. يُشير منير الى أنّ العماد ميشال عون طرح منذ فترة فكرة إنشاء جهاز إداري أمني موحد يُنسّق بين الأجهزة الأمنية، ويكون تابعاً لرئيس الجمهورية، لكنّ تيار “المستقبل” رفض آنذاك، مطالباً بإلحاقه برئاسة الحكومة. وهنا لب الخلاف بين القوى السياسية حول قيادة هذا الجهاز، ناهيك عن أن لدى كل جهاز خصوصيته، ما يُضعف من حظوظ إنشاء غرفة عمليات موحدة. لكنّ منير، يُشير في الوقت عينه الى أنّ التنسيق الأمني -الذي استدعته الحاجة عقب التفجيرات التي ضربت الساحة اللبنانية في الآونة الأخيرة- بلغ مستويات متقدمة بين جميع الأجهزة.