الحاجة الماديّة دفعت المتطوعَين في الدفاع المدني لتنظيف بئر… رحل البطلان إيلي وليوناردو بغفلة
كارثة مزدوجة، بطلان من وحدة الإنقاذ البحري في الدفاع المدني خسرا حياتهما بعدما كانا يعملان على تنظيف بئر… رحل إيلي البرشة وزميله ليوناردو أبو زيدان وهما في عزّ الشباب.
الحاجة وراء المهمة
عند الساعة الثالثة والنصف من بعد ظهر أمس كان الموت بانتظار الشابين في بئر في بلدة برجا، وبحسب ما قاله زميل لهما لـ”النهار” إن “الأوضاع المادية الصعبة هي التي دفعت ايلي وليوناردو للقبول بهكذا عمل”. وشرح: “ايلي صياد سمك، إلا أنه حتى الرزق في البحر خفّ في الأيام الأخيرة، ما دفعه إلى البحث عن مصدر رزق، وعندما عُرض عليه تنظيف البئر مقابل نحو 300 ألف ليرة، سأل ليوناردو إن كان يشاركه في ذلك، وبالفعل توجها في الأمس لإنجاز الأمر لتقع المصيبة”.
اكتشاف الكارثة
“أراد ايلي وليوناردو إفراغ البئر من خلال مولد ضخ المياه يعمل على البنزين، ولأن النربيج قصير، تم إنزال المولد إلى البئر، بدأ ليوناردو في العمل، وإذ بغاز الكاربون المنبعث يفقده القدرة على التنفس، سارع إيلي لإنقاذه حيث كان يقف في الأعلى، فتعرض هو الآخر للاختناق، ما دفع مالك البئر إلى الاتصال بنا أي بالدفاع المدني فرع الجية، سارعنا من دون أن نعلم أن مَن في البئر هما زميلانا، لنصدم بالأمر”، وأشار إلى أنه “بدأنا بإسعافهما من خلال التنفس الاصطناعي قبل نقلهما إلى المستشفى، نصف ساعة من الجهود المبذولة لإنقاذهما إلا أنه في النهاية فارقا الحياة”.
رحيل وعتب
“إيلي ابن الاربعة والثلاثين سنة من صور، لم يتنس له الارتباط بعد، هو شاب بطل مقدام، تطوع في الدفاع المدني قبل 12 سنة، أما ليوناردو البالغ من العمر 21 سنة فانضم إلى الدفاع المدني قبل سنين”، قال زميلهما مضيفاً: “عقب انفجار المرفأ عملا على مدى 14 يوماً في البحر بحثاً عن ضحايا، مهمات عدة لبّيا فيها النداء، خاطرا بحياتهما من أجل إنقاذ الغير، وقبل أسبوعين مكثا ليومين في الهرمل للتفتيش عن شاب سوري غرق في نهر العاصي”، وأشار إلى أن “الشابين لم يتوانيا يوماً عن تقديم المساعدة للغير، وقبل الحادث المأسوي سارع ايلي لمساعدة صياد تعطل مركبه في البحر، قطره بمركبه الخاص، كون المركب العائد للدفاع المدني معطلاً لعدم وجود الوقود، ساعده مجاناً، فهذا طبعه، هو إنسان شهم ومحبوب من كل من عرفه”، لافتاً والغصة تخنق صوته: “للأسف لم يتم تعزيتنا من قِبل مدير الدفاع المدني ومَن أعلى منه رتبة، فحتى إن لم يكن الشابان في مهمة لا يعني ذلك عدم التعزية بهما ومتابعة القضية”، في حين رفض مدير العمليات في الدفاع المدني جورج بو موسى عند سؤاله من قبل “النهار” عما حصل مع المتطوعين “الدخول في الموضوع”، مؤكداً أن “التحقيق لا يزال مستمراً”.
لا كلمات يمكنها التعبير عن حال والدي ليوناردو اللذين فقدا وحيدهما، وبحسب ما قاله ابن عمه ربيع لـ”النهار”: “هو من أبلح سكان الجية، طالب سنة اولى جامعة، كان يحب الصيد وتربية الحيوانات، حلم بمستقبل زاهر قبل أن تتبخر أحلامه داخل بئر من دون أن نعلم حتى الساعة تفاصيل ما جرى معه بانتظار انتهاء التحقيق مع مالك البئر الذي تم توقيفه”.
المصدر : أسرار شبارو – النهار