لبنان من سيّء إلى أسوأ..!
يقف لبنان أمام منعطفٍ قد يكون الأخطر منذ تداعي واقعه المالي والاقتصادي في ضوء وقائع مخيفة تشي بأن التدحْرُجَ المتوالي للانهيار المروّع يوشك أن يتشابك مع العصف الأقوى لأزمة تأليف الحكومة الذي سيشكّله اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري الذي بات بمثابة قرارٍ اتُخِذ “مع وقف التنفيذ” لأيامٍ لا تتجاوز الأسبوع أو ساعات قد لا تتعدى الـ 48، ما لم يطرأ ما يقْلب هذا الاتجاه ويمدّد تأخير السير بهذا الخيار المتعدّد البُعد والذي تترتّب عليه نتائج على أكثر من صعيد داخلي وخارجي.
هذه الأجواء التي تفتح البلاد على أشدّ السيناريوهات قتامةً، قبضت على بيروت أمس في يومٍ استعاد معه الملف الحكومي واجهةَ الأحداث من دون أن يحجب “هدير” الانفجار المعيشي – الاجتماعي الذي بات “الخطر رقم واحد” على أجندة المجتمع الدولي الذي يواكب بقلقٍ بالغٍ غرقَ لبنان في مستنقع داخلي – اقليمي ولم يَعُد يُخْفي “يأسه” من حصول “يقظة” لدى الطبقة السياسية تنتشل البلاد من فم المجهول المعلوم، محاوِلاً في الوقت نفسه تجنيب الشعب اللبناني “الموت البطيء” الذي يعانيه وذلك عبر صون “الأمن الغذائي والاجتماعي” الذي اقترب من “الخط الأحمر”.
وفيما كانت علامات الانسداد السياسي في الوضع اللبناني ترتسم خارجياً، شهد الداخلُ إشارةً لا تقلّ وقْعاً تمثّلت في معطياتٍ تقاطعت عند أن الرئيس الحريري صار أقرب من أي وقت للعب ورقة الاعتذار عن المضي في “المهمة المستحيلة” رافضاً أن يكون جزءاً من السقوط الكبير الآتي وأن يساهم في أي ممارسات يعتبرها تكريساً لعملية “القضم الممنهج” لنظام الطائف وصلاحيات رئاسة الحكومة.
وفي حين وَضَعَ الحريري أمس المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى، الذي شارك في الجلسة التي عقدها برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان، ثم رؤساء الحكومة السابقين في أجواء خيار الاعتذار، فإن معلوماتٍ أشارت إلى أن الرئيس المكلف دخل “مرحلة تقويمٍ” في ضوء ما سمعه من مواقف غالبيتها رَفَض اعتذاره وحضّه على المضيّ في التكليف وتَفادي تقديم “هدية ثمينة” لفريق رئيس الجمهورية ميشال عون من شأنها أن تشكل صفعة لموقع رئاسة الحكومة بعدما كان هذا الفريق “الذي يتحمّل مسؤولية التعطيل” أمعن في التعبير عن رغبةٍ في “التخلص” من التكليف، في مقابل رأي آخَر دعا زعيم “المستقبل” إلى عدم التردّد وترْك “العهد” يحصد ما زرعه ويتخبّط في الانهيار و”يقلع شوكه بيديه” فلا يكون الحريري شريكاً في هذا المسار، خصوصاً أن شكل ومضمون اجتماع “الشرعي الأعلى” وما صدر عنه يجعل من الصعب على أي شخصية سنية أخرى القبول أو الحصول على الغطاء لتكليفها.
وترى الأوساط المطلعة أنه إذا صحّ أن الحريري سيتريّث في إعلان الاعتذار لمنْح فرصةٍ جديدة وأخيرة لمبادرة رئيس البرلمان نبيه بري، فإن هذه المبادرة في ذاتها صارت بمثابة “المنتهية” وفق ما عبّر عنه الاتهام المباشر والعلني من مستشار بري النائب علي حسن خليل، ناهيك عن أن تظهير المناخات “الجدية” عن اعتذار الحريري تجعل من الصعب تَصَوُّر أن يقابلها فريق عون بتراجُعٍ في الأمتار الأخيرة من سباقٍ خاضه علناً وسراً لإحراج الرئيس المكلف وإخراجه.
ومن هنا، تدعو الأوساط إلى رصد ما ستحمله الساعات المقبلة والتي ستشهد بالتأكيد اتصالات لن تغيب عنها عواصم معنية بالوضع اللبناني، متوقّفة عند سقف المواقف التي أعلنها “الشرعي الأعلى” لجهة تأكيد أنه “لا يمكن السماح بالمساس بصلاحيات رئيس الحكومة المكلف”.
المصدر : الراي الكويتية