أبناؤنا اليوم..ضحية التكنولوجيا
بقلم الصحافية فاطمة جواد بيضون
ها نحن اليوم أصبحنا نعيش عصر التكنولوجيا التي اتسمت “بسيف ذو حدين ” والتي تشكل خطرا حقيقيا على أولادنا في ظل فوائدها المبطنة ، ويزداد الخطر يوما بعد يوما حتى بتنا نجهل ما تخفيه . لم تعد التكنولوجيا ذات تأثير على عمر محدد بل على كل افراد الاسرة التي اصبحت رهينة لها، فالانترنت عالم كبير تكمن ماهيته في حسن اختيارنا لتقديماته المتنوعة حيث يكمن حده الثاني في مواقع التواصل الاجتماعية التي ظهرت مجانية ليس حبا فينا بل لاضعاف علاقاتنا الاجتماعية وتدمير مجتمعنا الذي بات يتغلغل في ظل غياب حاجز التوعية والرقابة الاسرية.
انشغلت الصحف كثيرا بعاملات المنازل واثارهن السيئة على العلاقات الاجتماعية بين الاهل والاولاد حيث شغلن حاجزا كبيرا بالعلاقات و سيطرتهن على مجمل حياة الطفل.
وكذلك انشغل الإعلاميون بالكتابة عن عمل المرأة
وتأثيره على أفراد عائلتها
اما اليوم فنحن امام حلقة مفرغة من العلاقات الاجتماعية التي اتسمت بالتشتت من خلال السرطان الالكتروني الا وهو مواقع التواصل الاجتماعية التي اصبحت بيد عدد هائل من البشر .
فاليوم لم نعد نتكلم عن عاملة المنزل ولا عن العمل والإهمال التربوي، وإنما صار اهتمام الوالدين معلقا بوسائل التواصل الاجتماعية، حتى انصرف الوالدان عن الاهتمام بأبنائهم والانشغال بتربيتهم وحسن توجيههم، فكثير من الآباء والأمهات انشغلوا بوسائل التواصل المجانية مثل (الواتس أب، التانغو، الفايبر، السكايب) أو بشبكات التواصل الاجتماعية مثل (إنستغرام، تويتر، الكيك، الفيس)، ولعل أكثر ما يأخذ وقت الوالدين اليوم (الواتس أب) و(الفيس)، حتى صار هذا الجيل يوصف بجيل (الرقبة المنحنية) من كثرة انحناء الرأس على الهواتف الذكية، وصار (الواتس أب) اليوم يدير أوقاتنا،
فأكثر من 70% من اوقات الاهل والاولاد يعطى للواتس اب او الفيس بوك او كلاهما معا. حتى اصبحوا مرهونين بشكل كبير لهما او لغيرهما حتى افتقدنا لذة الحياة من سهر و زيارات و جلسات و …بالاضافة الى ذلك اننا بتنا نكره الطبيعة و الجلوس في احضانها وتأملها بعيدا عن ضوضاء السيارات ، بل اخترنا التكنولوجيا للترفيه.
اصبح اهتمام البشر هو تناقل الاخبار دون التأكد منها و نشر فضائح الكثيرين بغية التسلية . اصبحنا نعشق نقل الخبر لا المساعدة ! ففي حال حدوث حادث سير نبادر للتصوير والنشر دون مراعات شعور الآخرين ،
بل وقد تجد شخصا جالسا في غرفة العناية المركزة بقرب أبيه أو أمه في لحظات حياتهما الأخيرة، ويكون مشغولا بنقل أخبارهم من خلال الواتس أب أو الفيس، أكثر من أنشغاله بالدعاء لهما أو الاهتمام بهما ، والاصعب من ذلك اننا بتنا اليوم نشهد أبناء الموتى للأسف ينشرون في نفس اليوم او في اليوم التالي العبارات المزيفة عن حياتهم ما بعد الفقيد ..
اليوم بعض اﻷباء واﻷمهات يشتكون من انشغال ابنائهم بالتكنولوجيا ، ولو راقبوا انفسهم لوجدوا انهم ينشغلون بها اكثر ..
، حتى صرنا في زمن يحق لنا أن نصف أبناءنا بأنهم (أيتام التكنولوجيا)، فصار التعلق بالهواتف الذكية سمة العصر، وكل ذلك على حساب الاهتمام بالبيت وتربية الأبناء ومتابعة دروسهم وغيرها وعلى حساب الاقارب الذي بات السلام عليهم لا يتم الا من خلال هذه الوسائل فقط مما أدى الى تشتت العلاقات الاجتماعية وتدهور العديد منها
اصبح الوالدان اليوم بمنأى عن التحكم في التربية للاولاد لانهم اصبحوا مرهونين للتكنولوجيا التي انعكست سلبا وبشكل كبير على علاقتهم بأبنائهم. حيث بتنا نرى ان الاولاد يعانون من امراض فيزيولوجية و جسدية و اخلاقية كثيرة بسبب انحراف الاهل عن تأدية مهامهم المطلوبة تجاه اولادهم وانشغالهم بمواقع التواصل الاجتماعية لاسيما المرض الاخطر وهو الواتس اب الذي يتداول يوميا ما لا يقل عن 27 مليار رسالة، حتى صار (الواتس أب) مكانا خصبا للفضائح، وكشف الأسرار والتهديدات ، والطلاق و…
نحن لسنا ضد استخدام وسائل التواصل أو تكنولوجيا الاتصال، ولكننا مع تحديد الأولويات في الحياة الاجتماعية، وأكبر أولوية هي بناء أسرة مستقرة وسعيدة ومترابطة، وهذا الهدف لا يأتي إلا (بالاهتمام التربوي (١)والحوار (٢)وإشاعة الحب(٣))، وهذه الثلاثية تحتاج لوقت حتى تتأسس بالأسرة …. يجب على الام ان تهتم اكثر بأولادها وخاصة بتنقية الاطباق التي تساعد على نموهم وتغذيتهم ، فللأسف أصبحوا اولادنا اليوم يتناولون الوجبات السريعة لان الام لم تعد كالسابق تبقى معظم وقتها في المطبخ ، .. فمنذ سنوات قليلة كَانت المشكلة في المسلسلات ولكن كان حلها بوضع التلفاز في المطبخ ولكن ما حل مشكلة الواتس أب اليوم ؟؟؟؟؟
وما القادم وها قد أصبحنا في زمن امتلكتنا فيه الآلة !!؟؟؟؟وباتت فيه العلاقات الاجتماعية تعتلجها الفجوة واتساع الهوة !!!