الضريبة على رواتب الدولار… “تشبيح” رسمي جديد
أثار قرار مديرية الواردات في وزارة المالية بوجوب احتساب ضريبة الدخل على أساس سعر صرف السوق لمن يتقاضى دخله بالعملة الأجنبية، الكثير من ردود الفعل السلبية. الأجراء والعاملون في القطاع الخاص ممن يقبضون رواتبهم بالدولار تساءلوا عن سبب استهدافهم بمثل هذه القرارات المجحفة، وترك بقية معابر التهريب والتهرّب الضريبي التي تفوّت المليارات على خزينة الدولة مفتوحة. أرباب العمل أكدوا أن هذا القرار سيكون الشعرة التي تقصم ظهر المؤسسات وتشكل نكسه لعمالها. فبدلاً من أن يكون القبض بالدولار حافزاً للاستمرار بالعمل في الوطن يصبح عبئاً.
أما من الناحية المحاسبية والقانونية، فيلفت خبير المحاسبة المجاز والعضو في “جمعية مدراء مؤهلون لمكافحة الفساد” جوزيف متّى إلى أن هذا الإعلان أتى كنتيجة حتمية للقرار 893، الذي يقضي باحتساب العمليات التجارية والضريبة على القيمة المضافة بسعر السوق. وذلك بخلاف قانون النقد والتسليف، وتحديداً المادة 70 منه التي تحتم احتساب العمليات التجارية بحسب سعر الصرف الرسمي.
واذا كان القرار 893 المطعون به من قبل الجمعية أمام مجلس شورى الدولة منذ 4 أشهر، توجه إلى الشركات والمؤسسات التجارية، “أتى هذا الإعلان ليقضي بحسب متى على الرواتب والأجور. وكأن لا عمل للدولة إلا البحث عن المؤسسات والقطاعات الصامدة وبعض الموظفين المستورين بدخلٍ يؤمن حاجاتهم بشكل مقبول، لتقضي عليهم، وتسطو على مدخراتهم”. وذلك بعدما سطا عليها المصرف المركزي بفعل تمويله عجز الدولة والاستمرار بالسياسات المالية الخاطئة. من هنا فإن هذا الإعلان لا يشذ عن القرار 893 بمخالفته القوانين وإضافة تعقيدات جديدة على الشركات والمكلفين الأفراد هم في غنى عنها. وبرأي متى فان “تطبيق هذا الإعلان على أرض الواقع يفرض على الموظفين احتساب المبالغ المحصلة على سعر السوق بتاريخها وتسجيلها لتتجمع التراكمات في آخر العام عند موعد تقديم التصاريح إلى الدائرة الضريبية. في حين أنه يبقي التنزيلات العائلية والمحددة بـ 7.5 ملايين ليرة للمكلفين غير المتأهلين على سعر الصرف الرسمي. وكأن الدولة تقول: “ما لي هو لي وما لكم هو لكم ولي”. هذا من ناحية أما من الناحية الثانية، فلا يأخذ الإعلان النسب الضريبية على الشطور بالإعتبار”. التصدي لمثل هذه الإجراءات التعسفية والمخالفة للقوانين يقابل بعدم أخذ السلطات القضائية القرارات المناسبة”، بحسب متى، حيث “لم يجرؤ مجلس شورى الدولة على البت بالطعن المقدم بالقانون 893 لغاية اليوم”.
من جهته يعتبر مدير عام وزارة المالية جورج معراوي أن “الهدف الأول من هذا القرار هو تأمين مبدأ العدالة بين القلة التي تتقاضى رواتبها بالعملة الأجنبية، والأكثرية التي تتقاضاه بالليرة اللبنانية. فمن غير العادل أن يسدد من يتقاضى 2000 دولار طازجة أو 38 مليون ليرة، نفس الضريبة مثل من يتقاضى 2000 دولار على سعر الصرف الرسمي، أي 3 ملايين ليرة. وبرأي معراوي فان “الهدف ليس زيادة عائدات الدولة من هذا القرار، لأن أعداد من يتقاضون رواتبهم بالدولار قليلة جداً. وعن العدالة يلفت معراوي إلى أن “الوزارة بصدد تعديل المواد الضريبية على الشطور وتوسيعها بشكل معقول وقريب للواقع. الأمر الذي يلغي التهرب الضريبي عند الشركات والأفراد على حد سواء ويخفف من الفروقات”.
التعديلات على البنود الضريبية التي أصبحت أكثر من ضرورية في ظل حتمية تغيير سعر الصرف، يجب أن تسبق أي تغيير في قيمة الضرائب بحسب الخبراء كي لا تكون مطية لإرهاق الأفراد والمؤسسات بمزيد من الأعباء. وهناك مادة صريحة في موازنة 2021 المرسلة إلى مجلس النواب تتحدث عن التعديلات التي يجب أن تطال الرواتب والأجور، إلا انها سحبت من قبل الحكومة، وهو ما أدى إلى هذه الالتفافة من قبل مديرية الواردات وإصدار الإعلان 455/2021 على قاعدة “جحا ما في غير على خالتو”.