تصريح جديد من وزيرالتربية عن عطلة المدارس
“نشر موقع النهار:
في الأيام الماضية، استمعنا إلى نقمة كبيرة عبّر عنها أهالي طلاب ومعنيّون حيال عطلة الأعياد الممدّدة في لبنان. ليست الأمور في أفضل حالاتها بالطبع هذه الأيام، لا في القطاع التعليميّ ولا في القطاع الاستشفائيّ بطبيعة الحال. من مساء 16 كانون الأوّل حتّى صباح 10 كانون الثاني، يكاد عدد أيّام العطلة في لبنان يكون الأعلى بين دول في العالم تواجه #كورونا ومتحوّرات سلالاته.
في خلاصة ما يعبّر عنه أهالٍ وخبراء معنيّون، أسئلة ملحّة أبرزها الآتي:
– لماذا لا يقتدي لبنان بأنظمة صحيّة تجيد مواجهة الفيروس في #المدارس، ومن دون المساومة على أيام الدراسة واستسهال إغلاق بوابات المدارس؟ ففي فرنسا على سبيل المثال، لم تقفل المدارس ولم تمدّد العطلة، وحين يصاب أحد الطلاب بكورونا، تتّخذ إجراءات صارمة واضحة وفق البروتوكول الصحّي.
– لماذا لم يؤخذ في عين الاعتبار وضع الأهالي الذي يعملون وسيضطرّون الى إيجاد وسيلة ربما تكون معدومة للبقاء الى جانب أولادهم، لاسيّما في ظلّ هذه الظروف الاقتصادية وتخلّي كثر عن عادة توظيف عاملين منزليين؟
– هل الطلاب الذي يعطّلون من المدرسة، سيكونون بمنأى عن خطر كورونا في المنزل حين يلتقون الأقارب خلال العطلة، أو في مراكز الألعاب والمولات والمطاعم وغيرها، ولنا في السنتين الماضيتين عبر واضحة في هذا الشأن؟
– لماذا استسهال تدفيع المدارس ثمن مسؤولية بطء عمليّة #التلقيح؟
– لماذا لم يُترك الخيار للمدارس في تقصير مدّة العطلة؟
حملنا هذه التساؤلات الى وزير التربية والتعليم العالي #عباس الحلبي الذي أبدى تفهّمه للنقمة المثارة والأسئلة المطروحة حول الموضوع، ويقول لـ”النهار”: “نعم بدأت الدراسة في التعليم الرسميّ تحديداً متأخّرة، وقد عالجنا الكثير من القضايا بشكل مضنٍ جدّاً وناضلنا حتى يبدأ العام الدراسي، ولم أكن أرغب في تمديد عطلة الأعياد، لكنّي التزمت قرار وزارة الصحّة ورئاسة الحكومة المنبثق عن توصيات لجنة كورونا التي عاينت واقع القطاع الاستشفائي، وما يمكن أن نقبل عليه من سيناريوات صحية سيّئة، وإذا ما نظرنا الى عدد أيام العطلة، مع احتساب أيام السبت والأحد، سنكتشف أنّ زيادة عدد أيام العطلة بلغ خمسة أيام فقط”.
ويضيف الحلبي: “عرضت وزارة الصحّة واقع القطاع الاستشفائيّ الصعب أمام اللجنة المعنية لناحية الجهوزية لمواجهة كورونا، وكان الرأي باتّخاذ اجراءات تجنّبنا الوقوع في كارثة صحيّة، وبما يتيح فسحة للناس من الفئات كافّة بالإقبال على التلقيح، ومن ناحيتنا سنباشر تكثيف عمليات التلقيح في المدارس، لاسيّما للعاملين والأساتذة ولمن هم فوق الـ12 عاماً”.
ولكن لماذا تدفع المدارس ثمن البطء في عمليات التلقيح؟ “فهمنا أنّ وتيرة التلقيح تتّصل بقلّة الفِرق الطبيّة، والآن لدينا فرصة لتكثيف هذه الوتيرة وتلافي التفشّي”.
ولماذا لم يُترَك الخيار للمدارس في شأن تمديد العطلة؟ يجيب الوزير: “لا يمكن ترك الخيار لها، ولا يمكنني تحميل ضميري نتائج حصول كارثة صحّية، والقرار كان لوزارة الصحّة أكثر مما هو لوزارة التربية”.
وماذا عن التعويض؟
“طلبنا تكثيف ساعات التدريس قبل وبعد”.
هل أنت راضٍ عمّا جرى؟
“كنت أتمنى ألّا تتجاوز عطلة العيد الأسبوع الواحد، لكن ما حُكيَ عن مخاطر استمرار الأمور كما هي أطلق صافرة الإنذار، والقرار لم يكن في يدي حصراً”.
ماذا تقول للأهالي؟ يجيب الحلبي: “أقبلوا على التلقيح الذي يمثّل السبيل الوحيد الآن لحماية لبنان من التفشّي المجتمعيّ للفيروس”.
وماذا عن تلقيح ما دون الـ12 عاماً؟ “الآن يتركّز التلقيح على سنّ الـ12 وما فوق، ويتمّ درس التلقيح لمن هم دون الـ12 من قبل الجهات العلمية المعنية”.
إجراءات عدّة أُعلن عنها بعد اجتماع اللجنة الوزارية المكلّفة متابعة إجراءات كورونا في السرايا الحكومية برئاسة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، للبحث في كيفية مواجهة ارتفاع أعداد الإصابات في الفترة الأخيرة.
وأعلن وزير الصحة العامة فراس الأبيض، مقرّرات منها “فرض قيود على حركة التجوّل من السابعة مساء حتّى السادسة صباحاً، وذلك اعتباراً من 17 كانون الأول ولغاية 9 كانون الثاني”، مشيراً إلى أنّه “يُستثنى من القيود على حركة التجوّل الملقّحون بجرعة واحدة على الأقلّ”.
ولفت الأبيض إلى ضرورة “إلزام المؤسسات السياحية والمطاعم والفنادق واعتباراً من 10 كانون الأول، عدم استقبال الروّاد غير الحاصلين على جرعة لقاح واحدة على الأقل أو على فحص PCR سلبيّ لا يتعدّى موعد إجرائه الـ48 ساعة”. وشدّد على ضرورة “متابعة إجراءات التباعد الاجتماعي في الأماكن العامة”، معوّلاً على خطّة لرفع نسبة التلقيح.
وقد وزّعت دعوة من المكتب الإعلامي لوزارة التربية لتغطية جولة مشتركة بين الحلبي وأبيض، لتفقّد حملة تلقيح أساتذة وطلاب، يوم غد في مدرسة شكيب أرسلان الرسمية في فردان.
وإذا كانت التجارب تفيد بعدم قدرة الدولة على فرض اجراءاتها بشكل صحيح في أغلب القطاعات لأسباب لوجستية وغيرها، فإنّ الأكيد أنّ بوّابات المدارس والجامعات والمعاهد التي ستقفل تمثّل الإجراء الوحيد الذي قد لا يشهد خرقاً!
تُسلّط سياسة احتواء كورونا في شقّ القطاع التعليميّ ثغرة كبيرة واستسهالاً في التعاطي مع قطاع وجودي قد يكون من آخر المعالم التي بقي فيها شيء من الصمود في هذا البلد، وبدلاً من التشدّد حيال كلّ ما يمسّه برمزيّته، تمدّد العطلة الدراسية ويُترك الطلاب لمزيد من التشتّت الذهنيّ بعد الجهد المبذول لإعادتهم الى مقاعد الدراسة، في حين تدحض مشاهد وجودهم في أماكن اللهو نظرية حماية المجتمع من كورونا، إذ تشكّل المراكز التعليميّة أماكن أكثر ضبطاً لهم، علماً أنّه كان في الإمكان عدم تمديد العطلة واتّخاذ اجراءات من مثيل القدرة الاستيعابية للصفوف وغيرها.
ثمثّل هذه الصرخة دعوة وضغطاً من أجل اعتماد سياسات أكثر نجاعة وصرامة في شأن المؤسسات التعليميّة، على هدي الدول التي جعلت منها خطّاً أحمر مقدّساً في فقه المجتمعات وأنظمتها.