الغلاء يفوق الوصف والإنسان ‘أرخص شي’
لم تخرج الحاجة “أم وفيق” آغا من منزلها في صيدا القديمة منذ بضعة أيام، اشترت ما تحتاج اليه وانتظرت قدوم العام الجديد عله يحمل الفرج والخير، لكنها صدمت عندما ارادت شراء القليل من الطعام والخضار، حلقت الاسعار عالياً وبات كيلو اللبنة لا يطاق، البندورة بـ 15 ألفاً ومثله تقريبا الخيار وامتداداً الى كل شيء حتى البصل.
وتقول لـ”نداء الوطن”: “مع بدء الازمة المعيشية عدت الى صناعة المونة البيتية، بدءاً من الخبز مروراً باللبنة وصولاً الى الجبنة وسواها، لم يعد بمقدورنا شراءها من المحال والاسواق، لقد حرمنا من الزعتر والزيت والزيتون واصبحنا نعدّ الفلافل والفول والمناقيش على اختلافها في البيت توفيراً للمال، بالكاد ندفع الايجار ورسم الاشتراك بالمولد الخاص، لقد باتت الحياة جحيماً لا يطاق”. مع انتظام دورة الحياة في يومها الاول بعد عطلة العام ونهاية الاسبوع، تتزاحم هموم الناس فوق بعضها ويتردد صداها في ارجاء المدينة واسواقها وشوارعها ومؤسساتها، بدءاً بارتفاع الدولار وتحليق الاسعار، مروراً بالجوع والفقر وصولاً الى تفشي “كورونا” بمتحوره الجديد. ويؤكد علي عزام “ان كل الاشياء ترتفع اسعارها وقيمتها، الا الانسان في هذا البلد، اصبح رخيصاً ومجرد رقم من الارقام واحيانا صفراً على الشمال بلا جدوى، والحق على المسؤولين الغارقين بخلافاتهم السياسية بينما الشعب يغرق بالطوفان والانهيار والجوع من دون طوق نجاة”.
ولا تقتصر الهواجس على الاحتياجات اليومية، اذ تصل الى المخاوف الى تمديد العطلة المدرسية، سيما وان اللجنة الفاعلة للاساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي الرسمي أكدت أن “العد العكسي لنهاية العطلة بدأ، ولكن من يظن ان العطلة ستتوج بإعادة فتح أبواب المدارس فهو واهم”.
وتقول رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الامور في المدارس الخاصة في لبنان لمى الطويل لـ”نداء الوطن”: “لن نقبل ان يكون الطلاب ضحية بين الدولة والمعلمين و”كورونا”. الدولة فشلت في ادارة ملف القطاع التربوي، فمطالب المعلمين عادلة وهي مسؤوليتها وليس مسؤولية الاهالي الذين يدفعون ما يتوجب عليهم من اقساط في المدارس الخاصة، وبالتالي لن نقبل العودة الى التدريس اونلاين لاننا ببساطة نفتقد مقوماته، من برامج وتأهيل الكادر التعليمي، ناهيك عن انقطاع الكهرباء والاشتراك وضعف النت وسواها”.
ولم تخف الطويل ان تفشي “كورونا” يثير قلق الاهالي، “لكننا لن نقبل باقفال المدارس الا اذا تقرر اقفال البلد كاملاً، اما اذا تقرر الاقفال الجزئي او التعبئة العامة، فلتفتح المدارس وتقفل باقي قطاعات الدولة، حرام ان يضيع العام الدراسي الثالث على الطلاب”. في المقابل، يؤكد معلمون ان “زمن تسول الحقوق انتهى، لقد حفظنا وعود المسؤولين عن ظهر قلب، ويجب عليهم الالتزام بوعودهم في رفع الاجور وتقديم الحوافز وبدل نقل بما يتناسب مع الضائقة المعيشية وارتفاع الدولار وثمن المحروقات على انواعها”، فيما يرفض الطالب نزيه بيضون “العودة الى السجن في البيت والحجر مجدداً، بل ابقاء المدارس مفتوحة للدراسة ولقاء رفاقي”.
المصدر : محمد دهشة – نداء الوطن