مقاطعة ‘المستقبل’ الشاملة لا يحتملها أحد: هل تفتح باب تطيير الانتخابات؟
فتحت عودة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، أول من أمس، إلى لبنان النقاش الجدي حول التداعيات التي من الممكن أن تترتب على قرار عزوفه عن خوض الانتخابات النيابية، بالرغم من أن الرجل لم يعلن، حتى الساعة، عن قرار حاسم على هذا الصعيد، حيث بات من الواضح أن هناك شبه إجماع على أن المقاطعة الشاملة لا يمكن أن يحتملها أي فريق من الأفرقاء الأساسيين.
في هذا السياق، قد تكون المفارقة بأن أركان قوى الثامن والرابع عشر من آذار تجتمع على أهمية حضور الحريري في المشهد السياسي، حيث يخشى الجميع من تداعيات الفراغ الذي من الممكن أن يحدثه على الساحة السياسية، الأمر الذي لم تتردد في التعبير عنه أوساط كل من “حزب الله” و”حركة أمل”، أو أوساط كل من حزب “القوات اللبنانية” و”الحزب التقدمي الاشتراكي”.
في هذا الاطار، تشير مصادر متابعة، عبر “النشرة”، إلى أن رئيس الحكومة السابق أمام مجموعة صغيرة من السيناريوهات التي من المفترض أن يحسمها في الأيام المقبلة، الأول أن يحصر قرار العزوف بشخصه، أي أن يشارك “المستقبل” في الانتخابات من دون أن يترشح الحريري شخصياً، أما الثاني فهو أن يترك الحرية لمن يريد الترشح من أعضاء “التيار”، لكن من دون أن يكون ذلك تحت عباءة “المستقبل” الرسمية، بينما الثالث فهو أن يقلب التوقعات ويعلن مشاركته في الاستحقاق الانتخابي.
من وجهة نظر هذه المصادر، ما ينبغي التوقف عنده هو الانقسام في المواقف داخل “المستقبل” نفسه، نظراً إلى أن هناك من أعلن الالتزام بقرار الحريري مهما كان هذا القرار، بينما هناك من أكد أنه سيشارك في الانتخابات النيابية حتى ولو كان ذلك بعيداً عن رغبة رئيس الحكومة السابق، على قاعدة عدم القدرة على ترك الساحة في هذه المرحلة الحساسة، خوفاً من التداعيات التي قد تترتب على ذلك.
بالتزامن مع السيناريوهات السلبية التي يجري التداول بها، هناك من يعتبر أن رئيس الحكومة قد يريد من حالة الارباك هذه أن يمهد الأرضية نحو الاعلان عن ترشحه من منطلق الحاجة إليه، الأمر الذي قد يفتح الباب أمام حصول بعض التحركات الشعبية التي تطالبه بالعدول عن أي قرار بالمقاطعة، حتى ولو كان ذلك بعد اعلانه عن هذا القرار رسمياً.
على صعيد متصل، لا تنفي المصادر المتابعة أن حالة الإرباك لا تقتصر على “المستقبل” وحده، نظراً إلى أن العديد من القوى السياسية تعتبر أن غياب الحريري عن المشهد، لا سيما إذا كان ذلك على نحو شامل، من المفترض أن يدفعها إلى إعادة حساباتها الانتخابية بشكل كامل، خصوصاً “القوات” و”الاشتراكي”، نظراً إلى أن الحزبين بحاجة إلى أصوات جمهور الحريري في معاركهما الانتخابية في العديد من الدوائر، بينما لدى البعض في قوى الثامن من آذار مخاوف جدية من امكانية أن يكون خلف أي مقاطعة سنية شاملة رغبة في أخذ البلاد نحو الفوضى.
انطلاقاً من ذلك، لا تخفي هذه المصادر قلقها من أن يقود مثل هذا السيناريو إلى تأجيل الاستحقاق الانتخابي، لا سيما أن أحداً، في هذه المرحلة الحساسة، لا يحتمل تكرار سيناريو مقاطعة الأحزاب المسيحية الانتخابات النيابية في العام 1992، خصوصاً أن المقاطعة الشاملة تعني إبعاد طائفة أساسية عن المشهد السياسي، الأمر الذي سيكون له تداعيات كبيرة على الاستحقاقات المقبلة، كتشكيل الحكومة التي ستلي الاستحقاق الانتخابي على سبيل المثال.
في المحصلة، تدعو المصادر نفسها إلى مراقبة المشهد السياسي، في الأيام المقبلة، بشكل دقيق، لا سيما إذا ما أعلن الحريري العزوف الكامل عن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي، خصوصاً أن غالبية القيادات السنية، بعد اعلان رئيس الحكومة السابق تمام سلام رسمياً، لم تحسم خيارها بعد، رغم ترجيحها ألا يعلن الحريري عن الموقف النهائي في وقت قريب، بل تأجيل ذلك إلى يوم الرابع عشر من شباط المقبل.
المصدر : ماهر الخطيب – النشرة