عارض صحي أثناء حملها جعلها تدخل في غيبوبة قبل أن تُسلم الروح… ‘فوتوا شوفوا وجع الناس بالمستشفيات’
كانت تنتظر مولودتها بفارغ الصبر، 8 أشهر قبل أن ينقلب كل شيء رأساً على عقب. لم تكن هدى الزغير تعرف أن هذا العارض الصحي الذي شعرت به سيكون بداية لكابوس انتهى برحيلها القاسي عن زوجها وأولادها الأربعة.
لم تكن ولادتها الأولى سهلة، عانت من تسمم حمل كما يروي زوجها علي ناصر لـ”النهار”، ومع ذلك تخطت كل هذه الصعوبات، وكُتب لها أن تحمل مرتين وتنجب طفليها بولادة طبيعية من دون مشاكل أو مضاعفات صحية. لكن هذه المرة، لم يكن مجرد عارض ويمرّ، لقد عانت من مشاكل والتهابات قوية وبكتيريا أدت إلى دخولها في غيبوبة قبل أن تستسلم للموت”.
3 أشهر على سرير المستشفى، هي التي وضعت مولودتها قبل أوانها نتيجة عارض صحي ألمّ بها، لم يتحمل جسدها كل هذه المشاكل الصحية التي توالت، مخلفة وراءها طفلة أبصرت النور برغم كل شيء.
يسترجع زوجها علي ما حصل معها قائلاً: “عانت من عارض شبيه بالغيبوبة حيث سقطت أرضاً وأُغمي عليها. أدخلت إلى المستشفى لتشخيص حالتها خوفاً من أن تعاني من تسمم حمل كما جرى في حملها الأول. ولأن مستشفيات الجنوب تفتقر الى تقنيات حديثة لإجراء جراحة
لها، تم نقلها إلى مستشفى خوري في بيروت.”
عاد زوجها إلى لبنان ليكون إلى جانبها بعد أن تبين أن هدى تعاني من
#نزيف دماغي وتحتاج إلى جراحة طارئة. ويشرح علي: “خضعت هدى للجراحة ولكن كلما حاول الأطباء بعد فترة التخفيف من المخدر لإيقاظها نواجه نزيفاً، وكأن هناك شيئاً يضغط داخل دماغها. كنا نصطدم بمشكلة صحية، ليس سهلاً على جسدها تحمل جراحتين واحدة في البطن لإنقاذ مولودتها والثانية في رأسها، كانت في غيبوبة ومن ثم بدأت تعاني من التهابات قوية. تنتهي من مشكلة لتبدأ بمشكلة أخرى، 3 أشهر بقيت تحارب هدى بكل قوتها للصمود.
رحلة العذاب التي مرّت بها لم تجعلنا نستسلم، أضاف علي. أظهرت الفحوص أنها نظيفة بعد أن عانت من بكتيريا في النخاع الشوكي التي تسببت بإضعاف مناعتها. لم يعدّ هناك من شيء يمكن القيام به في المستشفى، فأخذتها الى المنزل، إلا أنه في اليوم الثاني تبين وجود مياه في الدماغ فتوجهنا بها إلى مستشفى في بنت جبيل، لكن روحها استسلمت للموت.
كل من يدخل إلى المستشفى يتحدث عن المعاناة التي يشاهدها في تلك الغرف المغلقة، لا يُخفي زوجها عليّ أن “لا أحد يعرف ماذا يجري في المستشفيات، “الناس عم بتموت وتعيش لتأمن مصاري، الواقع مخيف
وقاسِ، وصلنا إلى حالة صحية يرثى لها نتيجة الأزمة والفريش دولار”.
علي من الأشخاص الذي لم يعد بمقدورهم أن يدفعوا تكاليف الاستشفاء
خصوصاً أن هدى احتاجت إلى جراحة وعناية خاصة، ولم يعدّ أمامه سوى الاستدانة من أشخاص يعرفهم في أفريقيا حتى يتمكن من معالجة هدى. كان يدفع على الليلة الواحدة 500 % بالفريش دولار وأحياناً تصل الكلفة إلى 1500 دولار حسب العمل الجراحي والأشعة التي كانت تحتاجها.”
يعرف تماماً أن “يلي ما معه مصاري بموت”، حقيقة مرّة على الشعب اللبناني أن يتقبلها بعد أن اصبح الاستشفاء رفاهية مستحيلة لدى فئة كبيرة من الناس. برأي علي “لقد ارتاحت من الدنيا والعذاب والذلّ، في بلد تنخره السياسة ولكن لا يسأل عنك المسؤولون أو يمدون لك يد العون والمساعدة عند الحاجة. لم أستدن من أحد، وكنا نساعد الجميع لكن عندما وقعنا لم نجد من يساعدنا، لأن الحالة المادية عند كثيرين صعبة جداً”.
يعترف علي بأنه “ليس لدينا حقوق في هذا البلد، وترفض المستشفيات ان تقبض بالشيك وتطالب بالفريش دولار. لقد شهدت خلال مكوثي في المستشفى على معاناة كثيرة لناس عاجزة عن دفع المليون والمليون ونصف لتعالج محبيها، القطاع الصحي يحتضر في لبنان”.
في المقابل، حاولنا الاتصال بالمستشفى للوقوف على الوضع الصحي للمريضة والشرح الطبي لحالتها، إلا أن المستشفى رفض تزويدنا بأي معلومات إلا بتفويض رسمي وقانوني من قبل زوجها لأنها معلومات سرية – طبية خاصة حسب قولهم.
المصدر : النهار