“أصعب شي أنو كنت عم بخسر قدراتي”…
لم تقف حالة الضمور في العمود الفقري
Amyotrophie spinal الذي يعتبر من الأمراض النادرة، عائقاً أمام #أحلام كلير أبو كرم. فعلى الرغم من أنّ طفولتها لم تكن تشبه حياة باقي الأطفال في مثل سنّها، استطاعت أن تتخطّى كافّة الضغوط النفسيّة والجسديّة لترسم طريقاً لنفسها وتسعى وراء أحلامها. الحديث مع كلير يظهر شخصيّة واثقة من نفسها، عانت ربما الكثير في حياتها، إنّما أصبحت معاناتها أيضاً وراءها. أمّا ال#دعم الذي لاقته فلعب دوراً مهمّاً في وصولها إلى ما هي عليه اليوم.
اكتشف أهل كلير إصابتها بهذا المرض الجينيّ النادر الذي ثمّة 5000 نوع منه، وهي في عمر الـ6 أشهر. هو مرض يصيب الأعصاب والعضلات ويؤدّي إلى ضمورها تدريجاً مع مرور الوقت ما يؤدّي إلى خسارة وظائف عديدة في الجسم بشكل تدريجيّ أيضاً، وقد بلغت كلير حاليّاً مرحلة أصبحت فيها على الجهاز التنفّسي. “أصعب ما في هذا المرض أنّني كنت أخسر معه قدرات وطاقات كنت أملكها. أعرف جيداً أنّ عضلاتي تموت مع الوقت، ولا بدّ لي من ترقب ما سيصيبني لاحقاً”.
عندما كانت كلير بعمر الـ6 أشهر لاحظ أهلها أنّها لم تكن تشدّ قدميها كغيرها من الأطفال، ولا تتحرّك مثلهم. كانت بانتظار العائلة صعوبات كثيرة وتحدّيات لا تخفى على أحد. وعلى كلير بشكل خاصّ لم يكن سهلاً أنّها لم تكن قادرة على المشي واللعب كباقي الأطفال أو الذهاب إلى المدرسة، كما يفعل إخوتها.
الضغوط النفسية كانت كثيرة إلّا أنّها استطاعت بفضل دعم مؤسسة #سيسوبيل التي التحقت بها من عمر 3 سنوات، أن تتخطاها. “كنت أتعلّم في سيسوبيل بدوام مماثل لذاك الذي في باقي المدارس. فأكون فيها فيما يكون أخوتي في مدرستهم. لكن لم يكن سهلاً عليّ عندما أصبحت أدرك معنى اللعب والركض كما يفعل باقي الأطفال. كنت أرغب أن أكون مثلهم، لكن لم يكن ذلك ممكناً بسبب حالتي. كنت أقارن نفسي دائماً بأخوتي، وكان ذلك يزيد من الضغط النفسي عليّ. لم يكن سهلاً عليّ التأقلم مع وضعي الجديد في كلّ مرّة أفقد فيها شيئاً من قدراتي التي كنت أتمتّع بها. هذا وكنت أعلم دوماً أنّ الأمور تتّجه بالنسبة إليّ نحو الأسوأ”.
بين الدولة والمجتمع
من المؤكّد أنّ كلير وغيرها من الأشخاص الذين في مثل حالتها لا يحصلون على حقوقهم، إلّا أنّها لا تستغرب ذلك، خصوصاً أنّ أبسط حقوق المواطنين كافة غير مؤمّنة، فكيف لمن هم في مثل حالتها أن يحصلوا على كامل حقوقهم؟ إلّا أنّ مؤسّسات كسيسوبيل و”#أنت أخي” كانت كفيلة بتقديم الدعم لكلير ومساعدتها على رؤية الحياة من منظار. فقد وجدت عندها أشخاصاً يحبّونها ويهتمّون بها ويقدّمون لها كلّ الدعم الذي تحتاجه والرعاية.
أظهروا لها أنّها تستحقّ أن تحقّق أحلامها وطموحاتها وأنّ حياتها جديرة بأن تعيشها بأجمل شكل ممكن. أكدوا لها أنّها أهمّ من ال#إعاقة التي لديها ويمكنها بذلك أن تتخطّى الصعوبات. فكان العمل معها بشكل أساسيّ لتشعر بأهميتها كإنسان. كما أنّ الدعم الذي لاقته من أهلها ومحبتهم وعاطفتهم، كلّها كانت كفيلة في دفعها إلى الأمام. فقد احتضونها لتشعر بوجودهم إلى جانبها وبحبّهم لها فلا تخشى نظرة المجمتمع مهما كانت، وتدرك قيمتها في هذا المجتمع. “بفضل أهلي أيضاً أصبحت كما أنا اليوم بعد أن زوّدوني بالقوة وبالثقة بالنفس حتى يكون لي دور فاعل في المجتمع. وها هي اليوم تعمل مع سيسوبيل ضمن فريق التنشئة الوجودية لمساعدة كلّ فرد على إيجاد الأجوبة على الأسئلة الكبرى التي لديه حول الحياة والوجود. هي ترافق هؤلاء الأشخاص الذين هم أصغر منها سنّاً بهدف نشر هذه الثقافة التي تسميها “فنّ الحياة” ولنشر هذه الرسالة.
في مختلف جوانب الحياة، تظهر كلير ثقة بالنفس وتصالحاً مع الذات ما يجعلها تتقبل أيّ تحدٍ تواجهه. حتى نظرة المجتمع إلى من هم في مثل حياتها تبدو طبيعية بالنسبة إليّ، فتوضّح بهدوء أنّها لا تستغرب ذلك بما أنّها بنفسها لا تحبّ إعاقتها، فكيف لها أن تلوم الآخرين إذا لم يحبّوها؟ فهي تدرك جيّداً أنّ تقبلها صعب. فيما تشدّد على أنّه لا بدّ لكلّ فرد أن يتنبه إلى اختلاف الآخر حتى يحسن التعاطي معه. إنّما اللافت بالنسبة لها أنّ ثمّة تحسّناً واضحاً لجهة تقبّل الآخر، وإن كان المجتمع اللبنانيّ لا يزال يجد صعوبة في تقبّل الرأي الآخر، وفي تقبّل الإعاقة واستيعاب أنّ لمن يعاني إعاقة أحلاماً وحياة يجب أن يعيشها كأيّ شخص آخر.
المصدر: النهار