الرئيس عون من روما | لبنان مصر رغم الصعوبات أن يلملم جراحه
أكدّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أنّ لـ”ايطاليا دوراً كبيراً تلعبه لمساعدة لبنان من أجل نهوضه”، مذكراً بأنّها “الشريك التجاري الأوروبي الأول مع لبنان، وهي كذلك من أبرز الدول التي تساعد لبنان عبر ما تقدمه له على المستويين الانساني والثقافي”.
وإذ شكر الرئيس عون لايطاليا “تضامنها الدائم مع لبنان”، رأى أنّ “لبنان مصر على الرغم من الصعوبات كافة ان يلملم جراحه، لا سّيما من تداعيات الازمات المتشابكة التي يعاني منها، وقد باتت معروفة: من انعكاسات الحرب السورية واقفال المعابر البرية للبضائعإالى الداخل العربي والخليجي، وما تبعها من أزمة النزوح السوري الكثيف منذ أكثر من عشر سنوات، إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية والمالية، وصولاً إلى تداعيات جائحة كورونا التي غيرت حتى طبيعة التعاطي الدولي، وكارثة انفجار مرفأ بيروت”.
وأشار إلى أنّ “لبنان إلى التعافي والنهوض مجدداً، وقد آن الاوان لاعتماد خطة تنمية تشجيعاً لأبنائه، لا سيّما الجيل الشاب منه، على البقاء فيه والانطلاق في مسيرة إعادة البناء”.
من جهته، شدّد الرئيس الايطالي على “أهمية دور لبنان ورسالته في محيطه والعالم”، معتبراّ أنّ “حل أيّ مشكلة مستعصية حالياً تساهم في حل مشاكل أخرى”، مؤكدّاً أنّ “لبنان يبقى مثالاً للبلد القادر على النمو من جديد وهو نموذج يحتذى خصوصاً في ظل التوازنات التي تحفظ حقوق الجميع، وله دور اساسي في انماء المنطقة كلها”.
والتقى الرئيسان عون وماتاريلا على اعتبار الانتخابات النيابية المقبلة “فرصة لمزيد من الاستقرار”.
كلام الرئيسين عون وماتاريلا جاء في خلال القمة اللبنانية – الايطالية التي انعقدت قبل ظهر اليوم في قصر الكويرينالي الرئاسي في روما، والتي جمعت الرئيسان في مستهل زيارة العمل التي قام بها رئيس الجمهورية إلى العاصمة الايطالية بعد ختام زيارته أمس للكرسي الرسولي.
وقائع القمة
وكان رئيس الجمهورية وصل الى قصر الكويرينالي عند الحادية عشرة بتوقيت روما (الثانية عشرة بتوقيت بيروت)، حيث أدت له التحية ثلة من الحرس الجمهوري الايطالي، واستعرض رئيس الجمهورية الثلة، ودخل بعدها إلى القصر الرئاسي، حيث كان في استقباله الرئيس الايطالي الذي حياه وتم التقاط الصور التذكارية. بعدها قدم رئيس الجمهورية الى نظيره الايطالي اعضاء الوفد الرسمي اللبناني. وقدم الرئيس الايطالي الى الرئيس عون الوفد الايطالي المشارك في المحادثات. ودخل بعد ذلك الرئيسان والوفدان إلى القاعة الكبرى حيث عقدت المحادثات الموسعة.
في مستهل اللقاء، رحب الرئيس ماتاريلا بالرئيس عون، مشيداً بعلاقات الصداقة المتينة التي تربط لبنان وايطاليا، وبالصداقة الشخصية التي تربطهما منذ الزيارة الاولى التي قام بها الرئيس عون لايطاليا في بداية عهده.
وردّ الرئيس عون، شاكراً لنظيره الايطالي حفاوة الاستقبال، ورأى أنّ “انعقاد هذه القمة الثنائية، لا سيّما في الظروف الدولية الضاغطة وانشغال القادة الاوروبيين عموما بالحرب الدائرة في اوكرانيا وتداعياتها على العالم، دليل اضافي لعمق العلاقات المتينة بين البلدين، في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والحضارية، ولجهة الدعم العسكري للجيش اللبناني والقوى الامنية اللبنانية”.
واغتنم رئيس الجمهورية المناسبة لتجديد تهنئته للرئيس ماتاريلا على إعادة انتخابه لولاية رئاسية جديدة، معتبراً أنّ ذلك “دليل ثقة جددها له الايطاليون”.
وإذ أشاد الرئيس عون بمواقف ايطاليا “الداعمة للبنان في المحافل الاقليمية والدولية”، أثنى على “الدور الذي تلعبه ضمن مجموعة الدعم من أجل لبنان، وتنظيمها مؤتمري روما 1 وروما 2 العامي 2014 و2018 لدعم الجيش اللبناني، إضافة إلى مشاركتها في قوات “اليونيفيل” في الجنوب، حيث تحتل المرتبة الاولى بعديد عناصرها”.
وشكر الرئيس عون نظيره الايطالي على الهبات التي تقدمها ايطاليا للجيش وتدريبها وحدات من الحرس الجمهوري عبر دورات متخصصة، واعتبر أنّ “هذه المساعدات اساسية لحماية لبنان الذي ما زال في مرمى الاستهداف الارهابي”، مشيراً إلى أنّ “الصداقة مع لبنان تزداد وثوقاً يوماً بعد يوم”.
واعتبر الرئيس الايطالي أنّ “التعاون بين لبنان وايطاليا من خلال القوات الدولية مستمر، وقد قدمت ايطاليا فرقاطة للقوة البحرية الدولية”، معرباً عن استعداد بلاده “لتقديم المزيد من الدعم للمساهمة في تحقيق الاستقرار في جنوب لبنان، وجزء من الاستقرار في المنطقة”.
كما تطرق الحديث إلى المساعدات التي تقدمها ايطاليا للبنان على المستويين الانساني والثقافي، والتي بلغت العام 2020 نحو 33.5 مليون يورو، منها ما خصص لحماية الارث الثقافي اللبناني وتوسعة المتحف الوطني في بيروت وترميم آثار بعلبك وصور. وشجع الرئيس ماتاريلا “كل جهد يقوم به لبنان من اجل اقرار خطة التعافي الاقتصادي”، معرباً عن ارتياحه “لاقرار خطة اصلاح الكهرباء، ما يسمح بالتعاون أكثر مع صندوق النقد الدولي”. وقال: “نقدر ما تبذلونه شخصياً من أجل خروج لبنان من أزمته الراهنة ونحن سنواصل التزامنا مساعدة لبنان في كل ما يحتاجه”.
وتطرق الحديث إلى الاوضاع الراهنة التي يعيشها لبنان وتراكم الازمات فيه، فأشار الرئيس عون إلى أنه “من أخطر تحديات الازمات الراهنة الواجب مواجهتها الهجرة الكثيفة إلى الخارج للنخب اللبنانية، ما يهدد لبنان على المدى البعيد ليس فقط بافراغ البلد من طاقات حيوية لا بل بصلب هويته وبمستقبل التعددية في المنطقة”، طالبا “دعم ايطاليا بشكل خاص واوروبا بشكل عام للبنانيين للبقاء فيه”.
وتحدث الرئيس الايطالي، فاعتبر أنّ “علاقات التعاون مع لبنان ضرورية لأنّ ايطاليا تعتبر أنّ الاستقرار في لبنان هو مفتاح للاستقرار في الشرق الأوسط، والعمل يجب أن يكون فاعلاً لازالة بؤر التوتر في المنطقة التي تؤثر سلباً على الاوضاع في لبنان، وايطاليا راغبة في التعاون لازالتها”.
وتحدث الرئيس عون عن “مخاطر استمرار النزوح السوري الكثيف في لبنان وعدم مساهمة المجتمع الدولي في اعادتهم الى المناطق في الداخل السوري التي نزحوا عنها والتي باتت اليوم آمنة”، مؤكدّاً أنّ “لبنان لم يعد قادراً على تحمل أعباء واحمال هذا النزوح على الصعد كافة، وهو لا طاقة له على الاستمرار في تحملها، خصوصاً وأنّها فاقمت المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها أساساً لبنان”. وطالب ايطاليا بـ”العمل ضمن المجموعة الاوروبية كما على الصعيد الدولي من اجل تسهيل عودتهم ومساعدتهم في اماكن العودة في الداخل السوري”، واعتبر أنّ “هناك مسؤولية على المجتمع الدولي لكي يقوم بواجباته ويعمل على حل هذه الازمة التي طالت، وعلى الدول المانحة أن تعطي الحوافز داخل سوريا لتحفيز النازحين على العودة”.
ورأى الرئيس الايطالي أنّه “من الضروري العمل لعودة السوريين بالتوازي مع المساعدة على الوصول الى حل سياسي يشارك فيه المجتمع الدولي، وبذلك سوف يتمكن السوريون من اعادة اعمار بلادهم، فيخففوا العبء عن لبنان، مع ضمان كيفية تعامل النظام السوري مع العائدين وايجاد الظروف الملائمة لهم”.
واعتبر ماتاريلا أنّ “الصعوبات الكبيرة في لبنان تحتاج الى تعاون الجميع لتذليلها”، لافتاً إلى أنّ بلاده “ستواصل تقديم الدعم لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، ودعم الشركات الايطالية الراغبة في مساعدة لبنان، فضلاً عن تشجيع الاتحاد الاوروبي لتكون مشاركته فاعلة في تقديم العون للبنانيين”.
وإذ أمل الرئيس عون في أن “تتوقف لغة الحرب لحل النزاعات بين الدول وفرض أمر واقع”، أشار إلى أنّ “ما يحصل في اوكرانيا على سبيل المثال حرب أليمة ومعاناة لشعب بريء”، ولفت إلى “الازمة المستجدة لجهة مخزون القمح بعد تصدع الاهراءات نتيجة انفجار مرفأ بيروت،، وكذلك الازمة المصرفية التي يعاني منها اللبنانيون على مختلف مستوياتهم”، متمنياً كذلك “بلوغ مسار فيينا خواتيمه عبر التوصل إلى اتفاق بين ايران والغرب حول الموضوع النووي، الامر الذي من شأنه أن يؤدي إلى انعكاسات ايجابية على المنطقة”، معتبراً أنّ “السلام متى تحقق له أثر ايجابي على دول المنطقة”.
من جهته، تناول الرئيس ماتاريلا الحرب الروسية على اوكرانيا، فاعتبر أنّها “فاقمت التوتر في العالم”، داعياً إلى “تكثيف الجهود لوقفها”، مقدراً في هذا السياق “موقف لبنان منها واحترامه للمواثيق الدولية”.
وشدّد الرئيس الايطالي على “أهمية دور لبنان ورسالته في محيطه والعالم”، معتبراً أنّ “حل أيّ مشكلة مستعصية حاليا تساهم في حل مشاكل اخرى”، مؤكدّاً أنّ “لبنان يبقى مثالاً للبلد القادر على النمو من جديد وهو نموذج يحتذى خصوصاً في ظل التوازنات التي تحفظ حقوق الجميع وله دور أساسي في انماء المنطقة كلها”.
والتقى الرئيسان على اعتبار الانتخابات النيابية المقبلة فرصة لمزيد من الاستقرار.
ووجه الرئيس عون دعوة إلى نظيره الايطالي لزيارة لبنان، للتأكيد مجدداً “أهمية التعاون بين البلدين”.
الحضور
وكان حضر اللقاء، عن الجانب اللبناني: وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، سفيرة لبنان في ايطاليا ميرا الضاهر، المستشارون رفيق شلالا واسامة خشاب وريمون طربيه ورئيس الصليب الأحمر اللبناني الدكتور انطوان الزغبي.
وحضر عن الجانب الايطالي: كل من المستشارين: بينيديتو ديلا فيدوفا السكرتير المساعد للعلاقات الخارجية والتعاون الدولي، اوغو زامبيتي الامين العام لرئاسة الجمهورية، جانفرانكو استوري مستشار الاعلام والمساهمة الاجتماعية، السفيرة ايمانويلا داليساندرو مستشارة الشؤون الدبلوماسية، فرانشيسكو سافيريو غارفوني مستشار شؤون المجلس الاعلى للدفاع، جيوفاني غراسو مستشار الاعلام والتواصل، جياني كاندوتي مستشار الشؤون العسكرية والمستشار فابريزيو ساجيو للعلاقات الدبلوماسية.