آثار ضارة متنوعة.. دراسة | النوم مع قليل من الضوء يضرّ بالصحة
تذهب دراسة جديدة إلى أن ليلة واحدة من النوم مع كمية ولو قليلة من الضوء، قد تكون لها آثار ضارة على صحة القلب والأوعية الدموية والتمثيل الغذائي.
فوفق موقع “إن بي آر”، تقول الدكتورة فيليس زي كبيرة مؤلفي الدراسة الجديدة ومديرة مركز الساعة البيولوجية وطب النوم في جامعة نورث وسترن: “لقد فوجئت أنه حتى هذه الكمية الصغيرة من الضوء التي تمر عبر العينين إلى الدماغ لا يزال لها مثل هذا التأثير الملحوظ”.
وترتبط هذه النتائج بمجموعة أوسع من الأدلة التي تشير إلى أن التعرض للضوء في الليل قد يكون ضارًا بطرق متنوعة ويمكن أن يعرض الأشخاص للأمراض المزمنة.
الخصائص البحثية
واعتمدت هذه النتيجة عقب دراسة صغيرة شملت 20 شخصًا أجرتها زي وفريقها في “نورث وسترن”، لقياس التأثيرات الفسيولوجية لـ100 وحدة إضاءة من الضوء الاصطناعي على البالغين الأصحاء أثناء نومهم.
وتشرح زي عن وحدة الإضاءة قائلة: “أي أن نسبة الضوء كافية لرؤية الطريق من حولك، لكنها ليست كافية للقراءة بشكل مريح”.
وخلال الدراسة، أمضى جميع المشاركين ليلتهم الأولى في النوم بغرفة في معظمها مظلمة. وفي الليلة التالية، نام نصفهم في غرفة مضاءة أكثر حيث تم وضع الضوء فوقهم مباشرةً.
تزامنًا، أجرى الباحثون اختبارات على جميع المشاركين النائمين شملت: تسجيلات الموجات الدماغية، وقياس معدلات ضربات القلب، كما سحب عينة دم كل بضع ساعات، من بين أمور أخرى.
وفي الصباح، كان العلماء يعطون المجموعتين جرعة كبيرة من السكر، لمعرفة مدى استجابة أنظمتهم للارتفاع المفاجئ.
فأظهرت النتائج، التي نُشرت في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم الأميركية هذا الشهر، عدة اختلافات واضحة بين المجموعتين.
وعلى عكس أولئك الذين قضوا كلتا الليلتين في الظلام، فإن المجموعة التي كانت معرضة للضوء كانت لديها معدلات قلب مرتفعة طوال الليل.
كذلك، رصدت لديهم مقاومة أعلى للأنسولين في الصباح، مما يعني أنهم واجهوا مشكلة أكبر في وصول نسبة السكر في الدم بالمعدل الطبيعي.
الضوء يؤثّر على الصحة
كما تكشف زي أن هناك العديد من الطرق المحتملة التي يمكن أن يؤدي فيها التعرض للضوء في الليل إلى اضطراب عملية التمثيل الغذائي.
كما أن أحد الاحتمالات التي يدعمها البحث، هو أن وجود الضوء يعطل نوعية النوم، وتعتقد زي وفريقها أن هذه الكمية الصغيرة من الضوء كانت كافية لتنشيط الذراع الودي للجهاز العصبي اللاإرادي.
بالإضافة إلى ذلك، تشير التغييرات في وظيفة القلب والأوعية الدموية في نتائج البحث، إلى أن كمية الضوء الصغيرة كانت كافية لتحويل الجهاز العصبي إلى حالة أكثر نشاطًا وتنبيهًا.
بالتالي، تعتبر هذه الدراسة مثالًا مهمًا يربط بين التعرض للضوء الخافت نسبيًا الذي قد يكون صادرًا عن جهاز التلفاز أو غيره، وتعطيل دورة النوم والاستيقاظ، كما يقول الدكتور كريس كولويل من جامعة كاليفورنيا.
الضوء الأزرق والنوم
يذكر أن عدة دراسات أيضًا سبق أن أكدت أن الضوء الأزرق الصادر عن التلفاز والهواتف، يمكن أن يعطل النوم والساعة البيولوجية والتوازن الهرموني، ويقلل الميلاتونين في الجسم، الهرمون الذي يساعد على ضبط إيقاع الساعة البيولوجية.
وفي هذا السياق، فسّر الدكتور عبد الله أبو عدس الاستشاري في الطب النفسي، لـ”العربي” هذه المعطيات العلمية بالقول إن الساعة البيولوجية هي عبارة عن نظام غرائزي يتحكم في العمليات الفسيولوجية في جسم الإنسان، منها دورة النوم والاستيقاظ والشعور بالجوع وغيرها.
وأشار إلى أن المشغل الرئيسي لتلك الساعة هو هرمون الميلاتونين الذي يتحكم بحرارة الجسم وضغط الدم والنوم، وهو يعتمد على مجموعة من العوامل ليؤدي وظيفته منها دورة الضوء (دورة النهار والليل).
وأوضح أنه عند مشاهدة التلفاز أو الألواح الإلكترونية والهواتف والتعرض للضوء الصادر عنها، فإن تلك الأشعة تعطي إشارة خاطئة للدماغ بأن النهار لم ينته بعد، مما يؤدي إلى تدني إفراز الميلاتونين وتعطيل الساعة البيولوجية، وبالتالي الشعور بقلة التركيز والخمول الجسدي والإصابة باضطرابات النوم والذاكرة والاكتئاب وغيرها، مشيرًا إلى أن انخفاض مستوياته يؤدي إلى زيادة الكورتيزون والهرمون المنشط الذي ينافي عملية النوم كذلك.