«أبو تراب»: كنتُ قادراً على إدخال المتفجّرات إلى رومية!
في المحكمة العسكريّة أمس، برزت المفارقة: «هيئتان قضائيتان» كانتا جنباً إلى جنب: الأولى هي هيئة «العسكريّة» الرسميّة المؤلّفة من ضباط برئاسة العميد الرّكن الطيّار خليل ابراهيم. والثانية افتراضية وإن كانت تمارس مهامها «القضائيّة» حتى النّهاية داخل سجن رومية.
قد يفكّر البعض أنّها مزحة من نسج الخيال، ولكنّ كلّ من تحدّث عن أوضاع سجن رومية قبل تنفيذ الخطة الأمنيّة العام الماضي يحكي الكثير من «الأساطير» عمّا كان يجري داخل «إمارة رومية» على يد ما يسمّى بـ «الإسلاميين».
ولا يخجل «الأمراء» من تأكيد الأمر: «نحن اضطررنا للعب دور الدولة بالتنسيق مع وزير الداخليّة مروان شربل والمدير العام لقوى الأمن الداخلي آنذاك اللواء أشرف ريفي وقائد المنطقة المسؤول»، كما يقول السجين السابق خالد يوسف الملقّب بـ«أبو الوليد» الذي روى كيف أدخل «كومبرسور» مرتين إلى السجن بهدف الهروب «لأنني مظلوم وكان توقيفي هو أشبه بفاتورة بين 8 و14 آذار».
وأكثر من ذلك، وقف اليمني سليم الصالح الذي غلب عليه لقبه «أبو تراب» ليؤكّد أنّه كان باستطاعته وباستطاعة زملائه تسلّم الحقائب المرسلة إليهم من دون تفتيش وكان يقوم بإدخال أعداد كبيرة من الهواتف و«اللابتوبات» من كلّ الأحجام.
الرجل الذي حكم بالسجن 12 عاماً لانتمائه إلى «فتح الإسلام» والمشاركة في أحداث نهر البارد لا يتوانى عن الردّ بوقاحة على سؤال ابراهيم: «لو أن هذه الحقائب كانت مليئة بالمتفجّرات هل ستدخل سجن رومية؟»، ليجيب: «لو كنت أريد إدخال المتفجّرات، كنت قادراً على إدخالها!».
ولّما سئل عمّا إذا كانت مادة النيترات موجودة داخل سجن رومية؟ أكمل «أبو تراب» ليقول: «بدّك تسأل المشنـوق»، فتدخّل العميد ابراهيم قائلاً: «لا أسمح لكَ بهذه الكلمة اسمه معالي الوزير نهاد المشنوق».
هذا غيضٌ من فيض ممّا كان يحصل داخل سجن رومية والذي رواه المدّعى عليهما الإثنان الرقيب السابق باتريك ش. والموقوف شربل شليطا، بتسهيلهما إدخال مادة «الكاربير» (التي يمكن أن تستخدم في التفجير ويعتقد أنّ الموقوفين الإسلاميين طلبوه لتفجير أحد الجدران وتسهيل فرارهم من السّجن) بناءً على طلب كل من المدّعى عليهم «أبو الوليد» و«أبو تراب» ومحمّد مرعي الملقّب بـ«أبو سليمان» وبلال ابراهيم الملقّب بـ«أبو عبيدة» والسوري نور الحجّة الملقّب بـ«أبو البراء».
وأعاد شليطا رواية الأحداث ليشير إلى أنّ أحد الموقوفين أخبر «الإسلاميين» بأمر إدخاله سماعات للهواتف إلى السّجن من دون التّنسيق معهم، «فما كان منهم إلّا أن نادوني عبر المذياع (الذي من المفترض أن يكون تحت سلطة القوى الأمنية) للنّزول إلى الغرفة رقم 359. وما إن سمعت باسمي عرفت أنّ الأمر فيه تحقيق، على اعتبار أنّه كان معروفاً أنّ هذه الغرفة هي غرفة للتعذيب والضرب وحيث يعقد المسؤولون الإسلاميون اجتماعاتهم وتنعقد فيها جلسات اللجنة الشرعيّة».
ولذلك، لم يختلف الواقع عمّا كان يفكّر فيه شليطا، إذ تلقّاه «أبو عبيدة» عن الباب وبدأ بالتحقيق معه وهو يحاول أن يحرّك يديه وكأنه يسدّد ضربات ملاكمة. وبعد أن اعترف شليطا بإدخال السماعات عبر الرقيب باتريك، دخل «أبو عبيدة» إلى الجزء الثاني من الغرفة والمغطى بستار وكان يجلس «أبو سليمان» و«أبو الوليد» و«أبو تراب» للتشاور معهم بالأمر.