ازمة رغيف على الابواب؟
كتبت جريدة الاخبار:
كالعادة، تتم إعادة إنتاج أزمة القمح كل بضعة أسابيع أو حتى ضمن مدى زمني أقصر من دون أي رؤية واضحة لوضع حدّ حاسم ونهائي لها. فالأزمة مستمرّة طالما أن مخزون الدولارات لدى لبنان يتقلّص، وطالما أن كمية الدولارات الوافدة بشكل رئيسي من تحويلات المغتربين، لا تغطّي النقص المتواصل في هذا المخزون. التمويل هو اللاعب الأساسي في هذه الأزمة. ورغم أن تمويل استيراد القمح يتم اليوم من خلال الدولارات التي حصل عليها لبنان من حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي، إلا أن مصرف لبنان يتأخّر في تسديد ثمن شحنات القمح، وهو ما دفع بعض المستوردين إلى التوقف عن الاستيراد.
خلق هذا الأمر أزمة توزيع. ففيما توافرت الكميات في مطاحن، شحّت في مطاحن ثانية، ونفذت في مطحنتين كبيرتين أبرزهما بقاليان والتاج. رغم ذلك، يطمأن وزير الاقتصاد أمين سلام، بأن المخزون يكفي لمدّة شهر ونصف. إلا أن تصريحه لا يأخذ أي اعتبار لعملية التوزيع التي غالباً ما تخضع لمراعاة الحصص السوقية بين التجّار، أي أنهم يراعون تقسيم السوق ومبيعاتهم على شكل كارتيل احتكاري فلا تستقطب مطحنة زبائن مطاحن أخرى. فقد قال الوزير في تصريح أمس، إن «مخزون القمح يبلغ 45 ألف طن، ويكفي لشهر ونصف الشهر». وقبلها بأيام شدّد على أن «كلّ مَن يُعلن وجود أزمة خبز يضرّ بالصّالح العام ويخلق حالة بلبلة «بلا طعمة» في السوق. وليس كلّ شخص يُصدر تصريحاً يُعتبر مصدراً موثوقاً».
ويوضح المدير العام للحبوب والشمندر السكري في وزارة الاقتصاد جريس برباري أنه «بحسب رئيس الحكومة، تقدّر حاجتنا الشهرية لكميات القمح بنحو 36 ألف طن. وفي الثالث أو الرابع من الشهر الجاري بلغ مخزوننا من القمح 25 ألف طن، وبعدها بيومين فتح مصرف لبنان الاعتمادات لثلاث بواخر قمح، ما رفع المخزون إلى نحو 40 ألف طن. وإذا افترضنا أن هذه الكمية تراجعت خلال الأيام الماضية، فالأكيد أن ما تبقى من مخزون لا يقل عن 35 ألف طن وبالتالي يكفي لمدّة شهر».
في المقابل، لا تنفي المطاحن ما يقوله برباري، إلا أنها تختلف معه حول المدّة «فمع هذه البواخر يصبح المخزون كافياً لمدة أسبوعين وليس لمدّة شهر». والمطاحن تشكّك بمعطيات الوزير، إذ أنه بحسب مصادرها «لا معرفة لدينا إذا كانت للوزير معطيات أخرى نجهلها. حتى اللحظة لا يوجد أزمة، لكن الأمور قد تختلف خلال الأيام المقبلة». حالياً، وبحسب المصادر هناك «مطحنتا بقاليان والتاج متوقفتان عن العمل. والتاج توفر القمح لثلاث مطاحن صغيرة في كل من البقاع والذوق والدورة، والتي ستتوقف بدورها عن العمل. بالتالي وحتى لو فرضنا أن ما يقوله الوزير دقيق من أن المخزون المتوافر يبلغ 45 ألف طن إلا أن هذا سيعيدنا إلى أزمة وقعنا فيها سابقاً حين توافر القمح لدى عدد من المطاحن وانقطع لدى أخرى، وهو ما سينعكس سلباً على الإنتاج».
من جهتها كتبت جريدة نداء الوطن:
ضاع المواطنون في المواجهة القائمة بين وزير الإقتصاد والتجارة أمين سلام، الذي يؤكّد أن القمح متوفّر ويبلغ 45 ألف طن ويكفي لشهر ونصف الشهر، وبين المطاحن التي لا توفّر الطحين لتلبية حاجات السوق، واتحاد نقابات الأفران من جهة أخرى الذي يؤكد عدم وجود طحين لديه مطالباً في اعتصام نفّذه أمس بإعادة النظر في سعر ربطة الخبز بعد ارتفاع كلفة العناصر الاساسية الداخلة في صناعة الرغيف، لا سيما زيادة سعر طن المازوت 200 دولار وطن السكر 100 دولار.
وكشف سلام لـ”نداء الوطن” أنه “يوجد تقصير من قبل المطاحن التي لا توزّع الكميات التي لديها من الطحين كما يجب في السوق، علماً أنها ملزمة بطرحها لأن القمح الموجود لديها مدعوم ومسدّد سعره بالكامل من المال العام لتأمينه للأفران بهدف صناعة الخبز العربي”. وأعلن أنه “سيتمّ التحرّك قضائياً باتجاه المطاحن التي لا تسلّم الطحين الى الأفران الأسبوع المقبل، وبوشرت منذ اليوم (أمس) الدوريات على المطاحن للتأكد من مخزونها”.
وبالنسبة الى الأفران، قال سلام: “هي لا “تقصّر” بدورها اذ تحصل على الطحين المدعوم ولا تستخدمه للخبز العربي، بل اكثر من ذلك تبيعه في أكياس باعتباره غير مدعوم وتسجل ارباحاً من دون تكبّد عناء صناعة الرغيف المكلف لتوفيره للمواطنين، وهذا الأمر غير مقبول”.
وأكّد سلام أن “الدولة اللبنانية أدّت كل واجبها وأمّنت المبالغ واستمرارية استقدام القمح من الخارج، ووصول الشحنات وفتحت الإعتمادات من مصرف لبنان ودخل القمح الى الأسواق وسلّم للقطاع الخاص”. واصفاً ما يقوم به القطاع الخاص في هذا الملف “بالغش والتقصير والاحتكار الموصوف”.