آفة تهدد المجتمع اللبناني والجميع يتحملون المسؤولية
بعدما سُرق من منزله مبلغ مليوني ليرة لبنانية، بدأ عماد، رجل في الاربعين من عمره، يبحث عمن يكون قد دخل منزله صدفةً وسرق سرواله من المنزل، الا ان المفاجأة كانت عندما اكتشف ان ابنه البكر، ابن الـ14 عاماً هو من عمد الى أخذ المبلغ من جيب والده، من أجل العاب الميسر (القمار) الالكتروني.
قصة عماد هي واحدة من مئات القصص التي تفتك بمجتمعنا اللبناني، بعدما باتت لعبة الميسر الالكتروني واحدة من أبرز الآفات التي تهدد جيلاً كاملاً من اللبنانيين، لا سيما في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها لبنان، والضيقة المالية التي تهدد الجميع، الأمر الذي دفع هذه اللعبة من التحول من لعبة ورق الى حالة ادمان قد تؤدي الى العديد من المشكلات الأخرى.
وانطلاقاً من هذه المشكلة تعمل جمعية “جاد” (شبيبة ضد المخدرات) على تنظيم مؤتمر يوم الخميس المقبل، في 23 تشرين الثاني تحت عنوان “ظاهرة الادمان على القمار الإلكتروني في لبنان”، بحيث يشير القيّم على الحملة الدكتور علي خليفة، الى ان الموضوع وعلى الرغم من انه ليس بجديد على الساحة اللبنانية، الا انه اليوم يأخذ اشكالا مختلفة بعد التفلت من الرقابة على المواقع التي تتعاطى بهذا الموضوع، مشدداً على انه حتى اليوم وعلى الرغم من وجود هذه الآفة، لا قوانين في لبنان تسمح بها، كما وانه لا قوانين تمنعها، وبالتالي لا يمكن ان تكون هناك محاسبة دقيقة في هذا الموضوع.
وأوضح أن الجهة الوحيدة في لبنان المخولة ممارسة هذه الأنواع من الالعاب ، هي كازينو لبنان، إلا انه ونظراً لغياب الرقابة اولاً والقوانين ثانياً، بات هذا الأمر منتشراً بسهولة تامة في صفوف الشباب، وبات يعتبر نوعاً من الادمان الذي لا بد من محاربته بشكل سريع، لا سيما وانها تنتشر أسرع من المخدرات، ويتبعها العديد من الجرائم من سرقة وقتل.
الشباب اول الضحايا
وتابع خليفة في حديث عبر “لبنان 24”: “هذه الآفة تبدأ من خلال جذب الشباب ما بين الـ15 والـ35 على اللعب ضمن تطبيقات بهدف التسلية، من خلال وكلاء ميدانيين يندسون في صفوف الشباب لاغرائهم باللعب من باب الربح السريع والسهل، ما يوقعهم في فخ الإدمان، وبالتالي خسارة الأموال على المدى البعيد ما يدفع العديد منهم الى السرقة من اقرب الناس ومن بعدها من الاشخاص البعيدين، ما يرفع من نسبة الادمان على الكحول او المخدرات وقد يصل بهم الأمر الى الانتحار”.
وقال إن مدمن الميسر (القمار) الالكتروني لا يمكن كشفه على عكس مدمن المخدرات الذي تظهر عليه العلامات على وجهه، وفي تصرفاته، في حين ان المدمن على الميسر (القمار) الالكتروني من الصعب اكتشافه او معرفة ماذا يفعل وراء الشاشة الصغيرة.
أرباح كبيرة
وبالأرقام، يشير خليفة، الى انه وبحسب تقديرات القوى الأمنية فان 120 موقعاً الكترونياً يتعاطون هذا النوع من القمار، ما يشير بحسب تقديرات كازينو لبنان الى اكثر من 100 مليون دولار ارباح في السنة، لمشغلي هذه المواقع، لافتاً الى ان منصة كازينو لبنان للميسر الالكتروني تدرّ ارباحاً قد تصل الى مليون دولار في اليوم اي حوالي الـ 365 مليون دولار في السنة من المقامرة الالكترونية.
خطة العمل
وحول ما هو منتظر من الندوة، أو خطة العمل المتوقع تطبيقها في نهاية المؤتمر، لفت الى ان هذا المؤتمر هو لرفع الصوت للتوعية والتنبيه من هذه المشكلة، لافتاً الى أهمية التعاون مع الوزارات المعنية كوزارة الاعلام، والشباب والرياضة، الذي بدأ العمل على نشر الفكر والتوعية في هذا الموضوع، والاتصالات ووزارة المالية ووزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التربية، كل من ضمن اختصاصه لنشر التوعية المطلوبة، هذا فضلاً عن عمل اللجان النيابية المعنية بالتشريع التي عليها واجب العمل على سن القوانين التي يجب ان تعنى بهذا الموضوع لردعه، ولكي يكون لدى القاضي قوانين يمكن الاستناد عليها.
وتمنى ان يتمكن المؤتمر بالخروج بتوصيات لرفعها الى مجلس النواب لبدء العمل على التشريعات اللازمة في هذا الاطار، مشيراً الى ان الرئيس نبيه بري وعد بوضع هذه التشريعات متى اتمت على جدول أعمال الجلسة التشريعية الأولى.
اذا، آفة جديدة قديمة تضرب المجتمع اللبناني، تدعو الى مزيد من اليقظة والادراك والوعي لتجنيب اطفالنا مشكلات اجتماعية هم بغنى عنها، فالمسؤولية تنطلق من المنزل ومن رقابة الأهل لتتوسع بعدها الى رقابة الدولة.
وعليه على كل فرد ان يكون مدركاً تماماً لخطورة هذه المشكلة وان يعمل جاهداً على حلها قبل ان تتفاقم الأمور.
المصدر : نايلة عازار – لبنان 24